الأبيض        

تقع مدينة الأبيض في وسط مديرية كردفان على ارتفاع 1900 قدم عن مستوى سطح البحر، وتبعد بحوالي 292 ميلا جنوب غربي الخرطوم و446 ميلا شرقي مدينة الفاشر. كما تتركز بالقرب منها معظم مدن كردفان مثل أم روابة والرهد وأبو زيد والنهور وبارا والدلنج وهي في مجموعها تتوسط هذه المديرية.

والموضع الذي نشأت عليه مدينة الأبيض يمثل أرضا منخفضة تكثر فيها موارد المياه، وترتفع الأراضي من حولها تدريجيا مما ساعد على تجميع المياه في هذا المنخفض، الذي أدى بدوره أن يكون تجمعا عمرانيا وسكانيا في هذا المدينة التي تفتقر إلى موارد المياه.

ويلاحظ هذا الارتفاع التدريجي للأرض كلما اتجهنا من قلب المدينة إلى جميع أطرافها، كما أن التلال الرملية تحيط بالمدينة على شكل قوس يمتد من الأطراف الغربية إلى الشمالية، وأثر في الأحياء الموجودة في هذه المناطق والتي ترتفع تدريجيا كلما اتجهنا نحو حدودها الخارجية.

ويرجح أن هذا الموضع كان معمورا ومليئا بالأشجار الكثيفة من السدر والهجليج والدليب وغيرها، وأن كثرة الأشجار حاليا تدل على أن المكان الحالي كان عبارة عن غابة كثيفة غنية بالحياة النباتية. وكان من نتائج ذلك أن كثيرا من القرى ظهرت على التلال المرتفعة الرملية حول مدينة الأبيض، وبعيدة عن مناطق الأشجار والمياه التي لم تكن صالحة للسكنى في ذلك الوقت.

والموضع الذي تقوم عليه المدينة عبارة عن منطقة فسيحة تقطعها المجاري المائية الجافة والتي تمتلئ بالمياه في شهور سقوط الأمطار، بل أن هناك اثنين من هذه المجاري تقطع المنطقة من الجنوب إلى الشمال، وتقع وسط هذه الخورين أقدم وأهم أجزاء مدينة الأبيض.

تعتبر الأبيض من أهم مراكز العمران السودانية، فقد لعبت دورا كبيرا في النشاط التجاري لغربي السودان الذي يعتبر أهم مناطق الإنتاج الاقتصادي. إذ ان للأبيض مركزها التجاري كمصب لإنتاج الغرب المتمثل في الصمغ العربي والقطن والحبوب مثل السمسم والفول السوداني، وفي نفس الوقت فهي سوق لتجارة الماشية والإبل والأغنام، وهي أيضا العاصمة الإدارية الأولى في هذا الجزء من القطر.

ومع أهمية الأبيض فإنها لم تلق من الدراسات والأبحاث ما أتيح للمدن الحديثة الأخرى التي نشأت بعدها مثل بورت سودان، مع أن الأبيض قامت بدور ملحوظ في فترة حكم المهدية، وكانت تحتل المرتبة الثانية بعد الخرطوم الكبرى من حيث حجم السكان قبل عشر سنوات.

ليس هناك تاريخ معين يتحدد به منشأة مدينة الأبيض قبل الحكم التركي عام 1821، ولكن من المعتقد أن منطقة المدينة الحالية كانت تشتمل على مجموعة من القرى مبنية بالقش، وكل قرية منها منفصلة عن الأخرى وكان سكانها يحصلون على المياه من المكان الحالي الذي تمثله مباني المدينة.