العين في غريب الحديث

سنحاول هنا أن نقتطف بعض ما ورد عن العين في غريب الحديث استكمالا للموضوع أعلاه . . . جاء في الجزء الثالث من النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير :

#  وفي الحديث نقلا عن أبي موسى أنه صلى الله عليه وسلّم "بعث بَسْبَسَةَ "عينا" يوم بدر"، أي : جاسوسا، واعتان له إذا أتاه بالخبر.

#  ومنه حديث الحديبية : "كان الله قد قطع "عينا" من المشركين". أي كفى الله منهم من كان يرصدنا، ويتجسّس علينا أخبارنا.

#   وفيه نقلا عن أبي موسى : "خير المال عين ساهرة لعين نائمة" . أراد عين الماء التي تجري، ولا تنقطع ليلا ونهارا، وعين صاحبها نائمة، فجعل السهر مثلا لجريها.

#  وفيه نقلا عن الهروي : "إذا نشأت بحْرِيّة ، ثم تشاءمت فتلك عين غُدَيْقَة". العين اسم لما عن يمين قبلة العراق، وذلك يكون أخلق للمطر في العادة، تقول العرب : مُطِرْنا بالعين . . وقيل : العين من السحاب : ما أقبل عن القبلة، وذلك الصُّقْع يسمى العين . . . وقوله : تشاءمت، أي : أخذت نحو الشام، والضمير في "نشأت" للسحابة، فتكون "بحرية" منصوبة، أو للبحرية، فتكون مرفوعة .

#  وفيه عن أبي موسى : "أن موسى عليه السلام فقأ عين ملَك الموت بصكِّه صكَّة" . قيل : أغلظ له في القول، يقال أتيته فلطم وجهي بكلام غليظ . . . والكلام الذي قاله له موسى عليه السلام - قال له : أحرج عليك أن تدنومني، فإني أحرج داري ومنزلي، فجعل هذا تغليظا من موسى له تشبيها بفقىء العين . . . وقل هذا الحديث مما يؤمن به وبأمثاله، ولا يُدْخَل في كيفيته.

#   وفي حديث عمر نقلا عن الهروي أن رجلا كان ينظر في الطواف إلى حُرَم المسلمين، فلطمه عليّ، فاستعدى عليه عمر، فقال : ضربك بحق أصابته عين من عيون الله" أراد : خاصة من خواص الله ، ووليا من أوليائه.

#   وفيه : "العين حق ، وإذا استُغْسلتم فاغسلوا" . . . ويقال : أصابت فلانا عين : إذا نظر إليه عدو أو حسود ، فأثرت فيه فمرض بسببها . . . يقال : عَانه يَعينه عينا، فهو عائن، إذا أصابه بالعين، والمصاب مَعِين.

#   ومنه الحديث : "كان يؤمر العائن، فيتوضأ ، ثم يغتسل منه المَعِين".

#  ومنه الحديث : "لا رقية إلا من عينٍ أو حُمَة". تخصيصه العين والحُمَة لا يمنع جواز الرقية في غيرهما من الأمراض، لأنه أمر بالرقية مطلقا. ورقى بعض أصحابه من غيرهما. وإنما معناه : لا رقية أولى وأنفع من رقية العين، والحُمَة" .

#  وفي حديث علي : "أنه قاس العين ببيضة جعل عليها خطوطا وأراها إياه". وذلك في العين تضرب بشيء يضعف منه بصرها، فيتعرف ما نقص منها ببيضة يخط عليها خطوط سود أو غيرها، وتنصب على مسافة تدركها العين الصحيحة، ثم تنصب على مسافة تدركها العين العليلة، ويعرف ما بين المسافتين، فيكون ما يلزم الجاني بنسبة ذلك من الدية . (وهذا كما نراه عند أطباء العيون لقياس النظر في أيامنا هذه من لوحة تحمل العلامات) .

#  وقال ابن عباس : لا تقاس العين في يوم غيم، لأن الضوء يختلف يوم الغيم في الساعة الواحدة، فلا يصح القياس

#  وفيه : "إن في الجنة لمجتمعا للحور العِين" . العِين : جمع عيناء ، وهي الواسعة العين . والرجل أعين . . . وأصل جمعها بضم العين، فكسرت لأجل الياء كأبيض وبيض .

#  ومنه الحديث : "أمر الرسول صلى الله عليه وسلّم بقتل الكلاب العِين" جمع أعين .

#   وحديث اللعان : "إن جاءت به أعين أدعج" .

#  وفي حديث الحجاج قال للحسن : "والله لعَيْنُك أكبر من أمدك" أي : شاهدك ومنظرك أكبر من أمدِ عمرك . وعين كل شيء : شاهده وحاضره .

#  وفي حديث عائشة : "اللهم عيّن على سارق أبي بكر" أي : أظهر عليه سرقته . يقال : عينت على السارق تعيينا إذا خصصته من بين المتهمين من عين الشيء : نفسه وذاته .

#   ومنه الحديث : "أوْهِ عين الربا"، أي : ذاته ونفسه، وقد تكرر في الحديث.

#  وفي حديث علي عن الهوى : "أن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العَلّات" . الأعيان : الإخوة لأب واحد، وأم واحدة، مأخوذ من "عين الشيء" وهو النفيس منه وبنو العَلّات لأب واحد، وأمهات شتى . . . فإذا كانوا لأم واحدة، وآباء شتى، فهم الأخياف .

#  وفي حديث ابن عباس : "أنه كره العينَة" هو أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به . . . فإن اشترى بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم، وقبضها ، ثم باعها المشتري من البائع الأول بالنقد بأقل من الثمن، فهذه أيضا عينة ، وهي أهون من الأولى . . . وسميت عينة لحصول النقد لصاحب العينة، لأن العين هو المال الحاضر من النقد، والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إلى معجلة .

#  وفي حديث عثمان - عن أبي موسى - "قال له عبد الرحمن بن عوف يعرّض به : إتي لم أفرّ يوم عينين، فقال له : لم تعيرني بذنب قد عفا الله عنه ؟!" . . . "عينان" اسم جبل بأُحد، يقال ليوم أُحد : يوم عينين" وهو الجبل الذي أقام عليه الرماة يومئذ .

المصدر : كتاب (حديث العيون وهمس الجفون) لمؤلفه : محمد إبراهيم الدسوقي - دار الطلائع .

عودة لصفحة العيون