الناصرة

مدينة الناصرة إحدى أكبر مدن فلسطين وأجملها، ولها مكانة خاصة في نفوس المسيحيين في مختلف أنحاء العالم، وهم يحجون إليها كما يحجون إلى القدس وبيت لحم. وقد نسب إليها السيد المسيح فدعي بالناصري، وعرف أتباعه بالمسيحيين تارة، والنصارى تارة أخرى.

تقع الناصرة في قلب الجليل الأدنى، وهي نقطة انتقالية بين منطقة مرج ابن عامر السهلية ومنطقة الجليل الأعلى الجبلية. وقد كان لموقعها الجغرافي أهمية منذ القدم، فكانت طرق فرعية تصلها بالطرق الرئيسية التي تربط بين سورية ومصر من جهة والأردن وفلسطين من جهة ثانية.

ولموقع الناصرة أهميته التجارية والسياحية والعسكرية. فهي مركز التبادل التجاري لمنتجات البيئات المتنوعة من حولها. كما أنها محط أنظار السياح الذين يفدون إليها لزيارة الأماكن التي ارتادها السيد المسيح، ومشاهدة المواقع الأثرية المحيطة بالمدينة والتمتع بالمناظر الطبيعية الجميلة.

مناخها لطيف وهو مناخ البحر المتوسط المتميز بحرارته وجفافه صيفا، ودفئه وهطول أمطاره شتاء، وتسقط الثلوج على الجبال. 

وقد استمدت الناصرة مكانتها في التاريخ لأنها مدينة السيد المسيح ومريم العذراء. فقد استوطنتها السيدة مريم العذراء ويوسف النجار، وفيها بشر جبرائيل مريم العذراء بميلاد السيد المسيح، وفيها قضى المسيح ثلاثين سنة من عمره.


وفي الناصرة 24 كنيسة وديرا وعدد من المتاحف الدينية. وتضم كذلك بعض المساجد وأضرحة الشهداء والصالحين من المسلمين. وأبرز معالم المدينة الدينية التاريخية كنيسة البشارة التي تقوم على الموضع الذي بشرت فيه مريم بأنها ستلد المسيح. وفيها كذلك كنيسة القديس يوسف التي أقيمت مكان بيت يوسف النجار وحانوته، وكنيسة البلاطة أو مائدة المسيح وغيرها.

ويزورها آلاف الحجاج المسيحيين والسياح سنويا، الأمر الذي يبعث الحياة ويزيد من الحركة والنشاط فيها. وهم يشترون منها أصنافا متعددة من الهدايا التذكارية، ويعودون بها إلى بلادهم.

وتستخدم الأراضي حول الناصرة في زراعة الأشجار المثمرة كالعنب والزيتون والتفاح والمشمش والتين والرمان واللوز وغيرها. كما أن السفوح الجبلية شديدة الانحدار تكسوها الأشجار الحرجية. وفي أراضي الناصرة تزرع المحاصيل الحقلية من قمح وشعير وعدس وفول وحمص وغيرها، علاوة على مختلف أنواع الخضر. وتعتمد الزراعة على مياه الأمطار والمياه الجوفية من الينابيع والآبار.

وقد اشتهرت الناصرة في القديم بصناعة النسيج، وكان فيها أنوال كثيرة لحياكة المفارش والجوارب. وتصنع في المدينة المناجل والمحاريث. والمصنوعات الخشبية أقدم ما عرفته الناصرة من الصناعات. ومن صناعات الناصرة كذلك: دباغة الجلود وتفصيلها، وخياطة الفراء، وصناعة الفخار، والهدايا التذكارية، من سجاد ونحاس وخشب محفور. واشتهرت نساء الناصرة بصنع المطرزات الحريرية، وفيها معاصر للزيتون والسمسم، وفيها أيضا مصانع للصابون.