تاكرى      

وإذا أردنا أن نتعرف على تاريخ ئاكرى الغابر السحيق علينا أن نقلب صفحات وسفر تاريخها إلى الوراء حتى نصل إلى ما قبل اكثر من 420 مليون سنة. 
في تلك الحقبة كانت تغمر منطقة الشرق الأوسط بأكملها مياه بحر هائل أطلق عليه العلماء بحر تيثيس وبعد مرو

لايين السنين انحسرت مياه هذا البحر شيئا فشيئا وأول منطقة برزت إلى الوجود هي ئاكرى.

 فكان هناك أصداف متكلسة من حيوانات -حاملات الثقوب- ذات الأشكال الهندسية الجميلة عثر عليها في مناطق بحرية مختلفة يعود تاريخها إلى اكثر من 420 مليون سنة.. عدد أنواع حاملات الثقوب 30 ألف نوع وهي معروفة في بيئات مائية مختلفة، غير أنها تفضل العيش في مياه البحر الضحلة. وفي (قضاء ئاكرى) توجد متحجرات كثيرة لهذه الأحياء يظن العلماء إنها هي التي كونت النفط العراقي. 

ويعود تاريخ إنشاء ئاكرى إلى العصر الطباشيري أي بداية ظهور القرى والمدن في العالم .. ولعل الاكتشافات التي يقوم بها العلماء الاثاريون مستقبلا تزيح الستار عن شئ كثير من تاريخ هذه البلدة التي هي من اقدم مدن كردستان بل العراق قاطبة.
 

تقول أسطورة قديمة أن طائرا غريب الشكل حط فوق قمة جبل (ئاكرى) وبعد مغادرته بفترة وجيزة انفجر بركان هائل وانسابت سيول من أعلى القمة لتغمر السفوح والوديان بمياه يطفو فوقها اللهب المستعر وعند هدوء البركان تكونت مغارات تستطع بالماس والذهب وتتسامق في الوديان أشجار الخوخ والرمان والتفاح وتنبثق مئات الينابيع الباردة العذبة .. وتبدأ حياة جديدة مفعمة بالخير والبركة .. وتصدق نبؤه عرافة عجوز قالت يوما: أن وجه المنطقة سيتغير وأنها ستغتسل من آثامها وتتطهر مما علق بها من معتقدات خرافية تستوجب وأد كل فتاة تولد سمراء وفعلا منذ ذلك الزمان اخذ وجه ئاكرى يتغير وتكتسب سماء وجمالية وبهاء. 

والعقر (ئاكرى) أيضا قلعة حصينة في جبال الموصل أهلها كرد وهي شرقي الموصل تعرف ب(عقرة الحميدية) وان كل فرجة بين شيئين فهي (عقر) فلا يستبعد أن تسمية هذه البلدة اقتبست من هذا المعنى لاسيما أنها تقع بين جبلين.
وفي رواية أن اسمها مشتق من (ئاكر) بالكردية بمعنى النار .. والعقر جميل واقعة على منحدر الجبل بنيت على لفح قلعتها الأثرية وتطل على واد فسيح فيه الحدائق الغنية المحتوية على أنواع الفواكه والأشجار ولكثرة خياراتها .. كانوا يسمونها (كجك استانبول) وتبتعد عن شمال شرقي الموصل 64 ميلا وجل سكانها كرد .. وفي الجهة الشرقية الجنوبية من هذه القصبة شلال يتدفق منه الماء بغزارة وارتفاع فينشا منه ما يسميه الأهون (سى به) وارتفاعه ثلاثون مترا .. وقد عدها بعض المؤرخين من بلاد المرج.

 ئاكرى كائنة في المرج وقائمة على منحدر قلعتها الأثرية ويشبه هذا الجبل بتكوينه الطبيعي مدرجا رومانيا فيخال للناظر إليها من بعد أنها تتكون من طبقات بعضها فوق بعض تطل على واد فسيح بساتينه مفحومة بالأزهار وأشجاره مبدعة بالثمار .. فإذا ما مد الشتاء رواقه لبس الجبل المذكور ثوبا قشيبا من الثلوج .. وفي ئاكرى من الفواكه اللذيذة والأشجار المثمرة الكثيرة ما يفيض عن حاجاتها فتمون بها مدينة الموصل والقرى الملحقة بها .. وبطيخها من أجود أنواع البطيخ في العراق وتينها مشهور بنكهته وحلاوته.. اما الرز الذي تجود به تربتها فقد نال شهرة واسعة حتى أطلق عليه رز ئاكرى الممتاز .