الزخرفة والتطعيم 

(Decoration and inlay)

تعتبر هذه العملية على حبات المسبحة ، عملية استثنائية من ناحيتين ، الأولى كونها تشمل جزءا قليلا من ما ينتج والثانية ، إن عملية الزخرفة أو التطعيم لا تصلح لكل المواد التي تنتج منها المسبحة وقد تتناول عدد محدود من المواد التي تصنع منها .

ويكاد فن الزخرفة والتطعيم يتركز على مواد العظام والعاج واليسر والمرجان وكافة أنواع الأخشاب العادية وبذور بعض الثمار أو بعض المتحجرات بالإضافة إلى تلك المصنعة من الذهب والفضة أو الملحقات من الذهب والفضة وغيرها . أما الأحجار شبه الكريمة فإن ألوانها الطبيعية قد تعوض عن إجراء مثل هذا العمل فضلا عن صعوبته واحيانا استحالته ، ما زخرفة حجر الجيد والمرجان بالطريقة الصينية .

ولقد برعت كثير من الشعوب ومنذ القدم بفن الزخرفة والتطعيم وخصوصا الشعوب التي شهدت عصور الحضارات القديمة في وادي الرافدين ووادي النيل وبلاد الشام ، وبذلك فإن عمر هذا الفن قد يزيد على خمسة آلاف عام ، كما سبق وأن تطرقنا إلى ذلك في مجال تطور صناعة المسبحة في التاريخ .

فالتماثيل المنتجة من الأحجار ، والمعدات للزينة أوغيرها والمصنعة من العظام والعاج والأخشاب قد زينت وطعمت أو زخرفت وقد يكون التطعيم بأسلاك الذهب أو الفضة أو الأحجار الثمينة الأخرى والذي يعتبر من الأصول الفنية والإرث الحضاري الذي برعت فيه الشعوب العربية والإسلامية . ولو ركزنا على صناعة اليوم الحرفية في هذا المجال لوجدنا أن فن الزخرفة والتطعيم يمتد إلى نواح عديدة من أشكال المعدات التي يستخدمها الإنسان بدءا من الأثاث والبناء والمجوهرات والمعادن النفيسة وإلى أنواع معينة من المسابح .

ولو أخذنا مجموعة العاج والعظام واليسر والاخشاب لوجدنا أن بعض المسابح المنتجة منها زخرفت ورسمت وحفرت أسطح حباتها وبعد ذلك أدخلت في شقوقها خيوط أو أسلاك الذهب والفضة والنحاس واحيانا أخرى خرمت وثقبت حباتها وأدمجت فيها بعض حبيبات الأحجار الكريمة كالفيروز أو الياقوت أوالمعادن أو غيرها ، كل ذلك بطبيعة الحال حسب الرسوم المخططة على وجه الأسطح من الحبات والتي قد تمثل أشكالا متعددة . وكمثال فقد يزخرف المرجان الأحمر والوردي وينحت على أسطح الحبات أشكال لزهور أو مزخرفات أخرى جميلة ، أو كمادة كالبخور المعجون مثلا قد تزخرف حبات مسبحته بخطوط متوازنة جميلة تساعد على تصاعد الرائحة العبقة عند التسبيح والاستخدام .

أما مسابح الفلزات مثل الفضة والذهب فإن بعض الدول كالصين ومصر والسعودية والعراق وتركيا اشتهرت بإنتاجها وخاصة تلك المطعمة حباتها والمزخرفة بمادة الميناء السوداء أو الملونة وبأشكال متنوعة أو كتابات في غاية الطرافة والنفاسة أو التقديس ، وقد يمتد فن الزخرفة والتطعيم إلى صناعة الشرابات والدلايات الملحقة بها حسب فن كل منطقة . وبطبيعة الحال ، وبسبب الطابع الديني القديم للمسبحة فقد زينت بعضها وزخرفت وطعمت بالذهب أحيانا أو بالفضة في أكثر الأحوال ، مثل كتابة لفظ الجلالة (الله) تعالى على أوجه حبات المسبحة او (أسماء الله الحسنى أو بعض الدعوات للتبارك) ، ومن المواد التي شملها هذا التطعيم اليسر والعاج والأبنوس وأحيانا الفضة أو غيرها . واشتهرت أماكن عديدة بذلك لعل على رأسها ، منطقة خان الخليلي في القاهرة ، ودمشق في سوريا ، ومنطقة النجف في العراق ، ومدينة مكة المكرمة . وامتد الأمر وأصبحت تايوان وهوغ كونغ تستخدم نفس طرق التطعيم ، وقد يكون فن الزخرفة أحيانا ينبع من مهارة الصانع في دمج الألوان المختلفة من نوع واحد ، مثل ذلك في لصق لونين من مادة الكهرب متشابهين في كل حبة من حبات المسبحة مما يكسبها منظرا جميلا .

أخيرا فإن الزخرفة والتطعيم المضاف إلى صنعة المسبحة يرفع من أسعارها كثيرا وقد يصبح بعضها في غاية الندرة إذا ما أتقن ذلك أو أضيف إلى تطعيم الأحجار الكريمة أو ما شابهها ، وأعيدت عملية الصقل ثانية على المسبحة لضمان الملمس الناعم . ويراعى عند التطعيم أن يكون ملمس الحبات ناعما وليس خشنا كي تسهل عملية التسبيح وإن كان بعضها ليس كذلك وصنع لأجل المباهاة أو التفاخر أو بسبب قلة خبرة ودراية الصانع.