الفواصل (Dividers) والمنارة (Minaret)

الفواصل (Dividers) والمنارة (Minaret)

تفصل مجموعات حبات المسبحة الثلاث ، وعلى مختلف مواد أنواعها إلا ما ندر ، قطع ثلاث ، اثنين منها تقسم أجزاء مجموعات الحبات إلى ثلاث مجاميع ، وهي الفواصل ، والقطعة الثالثة تسمى المنارة وهي قطعة نهاية المسبحة . ولغرض التوضيح فإننا سنتطرق إلى ذلك على هذا النحو :

الفواصل (Dividers) والفاصلة :

لقد أطلقنا عليها كلمة الفواصل جمعا (Dividers)  أو الفاصلة كمفرد لأنها في الواقع تفصل بين المجاميع الثلاث لحبات المسبحة الواحدة ويكون عددها فاصلتين ، ففي حالة المسبحة ذات (33) حبة تقع الفاصلة بعد كل (11) حبة والتي تمثل جزءا من أقسام المسبحة ، وهكذا الحال بالنسبة لبقية أنواع المسابح حسب عدد الحبات ، أما تسمياتها فتختلف حسب الدول والمناطق أو حسب اللهجات العامية فيها .

ومن جانبنا لم نجد وصفا أفضل من كلمة الفاصلة من الناحية اللغوية أو الوصفية والعملية . ومن الأسماء الشائعة الأخرى لها اسم (الخاصرات) ، ومفردها (خاصرة) ، ويعني ذلك أن هاتين القطعتين تخصّر مجموعة اقسام المسبحة أو تخصّر المسبحة عند الوسط . كما قد يطلق عليها اسم (الشواهد) مفردها شاهود بالعامية في بعض الدول مثل العراق أو لبنان ، وقد تسمى أحيانا بالشاهدين (مثنى) لأن المسبّح عند انتهائه من ذكر بعض أسماء الله الحسنى أو ذكر المولى بالتنزيه فهو يصل إلى منطقة الفاصلة او الشاهد ويتشهد عندها بقوله (أشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله) . وبعض الناس أطلقوا عليها أسماء أخرى . والفواصل عدا عن وظيفتها في فصل أقسام المسبحة الثلاث ، فغن إضافتها يشكل مسحة جمالية أخرى .(أيضا في السبحة ذات (33) حبة تُعلمك الفاصلة أنك قمت بعدّ (11) مرة والرقم 11 في الذكر والتسبيح ورد في بعض الأحاديث ، أيضا في السبحة ذات (99) حبة تُعلمك الفاصلة أنك قمت بعدّ (33) مرة والرقم 33 في الذكر والتسبيح ورد في بعض الأحاديث أيضا)  وعادة ما تصنع من نفس مادة الحبات وأحيانا يستعاض عنها بمادة أخرى مغايرة (كالذهب أو الفضة) ، وقد تطعم الفواصل الذهبية أو الفضية بأحجار المجوهرات الثمينة أو تلون بمادة الميناء أو تزخرف بشكل جميل اتساقا مع شكل المنارة . ويتطلب الأمر أن تكون الفواصل متناسقة من حيث الحجم والشكل مع بقية عناصر المسبحة الأخرى ، كما أن موقعها في وسط أقسام المسبحة يتطلب في حقيقة الأمر أن تكون في حالة من الصلادة والشكل المعين الذي يحول دون التكسر والانشطار اثر تساقط حبات المسبحة الأخرى عليها أثناء الاستخدام أو إذا ما تصادف سقوطها على أرض قاسية .

إن للفواصل أشكالا مختلفة واستطعنا تحديدها حسب أشكالها العامة إلى ثلاثة أنماط شائعة ، وهي نمط الشكل الطبقي المستعرض ، ونمط الشكل الكروي ونمط الشكل النافر أو الاسطواني وكما يلي :

1- الشكل الطبقي للفواصل :

المعتاد في هذا الشكل صنع الفاصلتين على شكل طبق أو قرص تكون منطقة وسطه المثقوبة عادة ضعفي سمك حواف محيطه الدائري ، أو تزيد عن ذلك أحيانا ، والغرض الذي تصنع فيه بهذا الشكل يعود إلى ضرورة توفير نوع من الحماية للفاصلة من الانشطار أو التكسير عند وقوع حبات المسبحة عليها وخصوصا لبعض المواد الضعيفة أو الهشة . غير أن هنالك العديد من الفاصلات الطبقية والتي تكون بشكل طبق متماثل السمك من أطرافه ووسطه . وقد تصغر أو تكبر الفواصل الطبقية عن محيط قطر الحبات حسب نسق الصنع والتعود لمختلف الدول أوالفئات المستخدمة ، وقد رأينا بعضا منها ذات المنشأ الهندي يكون محيط الفاصلة الطبقية أكبر بكثير من الحبات . عموما فمعظم هذا النوع من الفواصل يكون محيطها مشابه لمحيط حبات المسبحة أو يقل عنه قليلا .

وفي كل الأحوال فالمطلوب تنعيم حواف الفاصلة الطبقية أو القرصية حتى تلائم الاستخدام اليدوي السلس ، وإن كانت بعض حواف الفاصلات مضلعة الشكل أو مطعمة حسب نسق وشكل المنارة أو الحبات .

كذلك يتطلب الأمر عناية فائقة في التثقيب من حيث سعة ومرونة الثقب فضلا عن ضرورة وقوع ثقبها في وسط الفاصلة تماما وبزاوية قائمة مع قطر القطعة المار بالحواف . إن ميل التثقيب أو الثقب يشوّه منظر المسبحة عموما ، ومعظم هذه التشوهات تحصل عندما تثقب بعض الفواصل أحيانا بعد عملية الخراطة أو الصنع .

أخيرا فإن بعض الشعوب قد يسمون الفواصل بالدرك (عامية) "ومعناه الدرق ، وهي الدروع الحربية القديمة للمقاتل" ومفردها دركة (أي درقة) .

2 - الشكل الكروي للفواصل :

وينطبق الشكل المذكور على بعض الفواصل ويكون معظمها أصغر حجما من حبات المسبحة ، وقد تكون فيه بقدر نصف حجم الحبات تقريبا شريطة تساوي الثقوب وتناسقها مع ثقوب الحبات الأخرى ، ضمان للسلاسة والتناسق والمرونة . ولقد شاع مؤخرا هذا النوع من الفواصل لسببين ، الأول يعود إلى الصنّاع الحاليين لمواد الأحجار شبه الكريمة أو المقلدة وحتى البلاستيك يفضلون إنتاج حبيبات كروية لضمان نسق الإنتاج ، والثاني كونها تسهل تعويض الفواصل عند التكسر والانشطار باللجوء إلى حبات كروية صغيرة تستخدم كفواصل ، وقد تكون هذه الفواصل أيضا من نفس نوعية المادة لحبات المسبحة أو مقاربة إلى ألوانها أو تصنع من الفضة أو الذهب أحيانا أو تطعم وتزخرف .

3 - الشكل النافر أو الاسطواني :

لعل أقدم أنواع الفواصل هو هذا النوع من الفواصل وخصوصا لدى صناع المسابح في استانبول والقاهرة والنجف في (العراق) وغيرها حيث لا زالت تستخدم في المسابح الدينية ذات (99 حبة) إلى هذا اليوم . ويمثل هذا الشكل وبمظهره العام شكلا اسطوانيا أو مخروطيا أحد أطرافه مخروطيا والطرف الآخر في الاسطوانة مستويا كالقرص ، مع إضافة حز وأحد او أكثر على محيط الفاصلة ، وعادة يكون الثقب في محيط الاسطوانة الأقرب إلى الجزء الغير مخروطي منها ، وينطبق ما قيل عن التثقيب في النوع الفائت من الفواصل على هذا النوع من الفواصل أيضا وإن كان تأثيره أكثر حدّة ، حيث أن الميل الشديد للثقب يجعل الشكل الاسطواني مائلا بالنسبة لبقية الحبات بشكل واضح جدا . عموما فشكل الفواصل الاسطواني أتاح للصناع ومنذ القدم إجراء زخرفات متنوعة عليها مما أضفى على المسبحة عموما جمالية حرفية رائعة ، خصوصا وأن هذه الفواصل يكون شكلها نافرا عن بقية حبات المسبحة وبذلك تتميز الفواصل عن بقية الحبات . وقد قام بعض الصناع على سبيل المثال ، بحفر وثقب بمنطقة الجزء النافر من الاسطوانة ووضع عدسة صغيرة جدا في جانبي الاسطوانة بعد أن دسّت في وسط الثقب صورة مصغرة جدا مرسومة على مادة شفافة ، لمكة المكرمة أو الحرم النبوي الشريف أو بعض الكتابات ، مما أمكن النظر من خلال إحدى العدسات الصغيرة التي أشرنا إليها ورؤية المحتويات ، وبذلك اكتسبت المسبحة بالإضافة إلى وظيفتها الأساسية تبركا دينيا جذابا لخصوصية هذه الأماكن المقدسة ، وإن كنا لا نرى مثل هذه الفواصل في هذه الأيام .

على العموم فهنالك أشكال أخرى للفواصل تكونت وشكلت حسب اجتهادات المصنعين والناس في مختلف الأماكن .