المسابح المصنعة من المواد ذات الأصل الترابي أو المواد الشائعة

وتشمل هذه المجموعة قاعدة متنوعة من المواد ذات الأصل الترابي والصخري منها ما استخدم قديما ، ومنها ما استحدث وركب بالمزج خلال هذا القرن . وفي البداية من هذا الموضوع فقد تطرقنا إلى أن الناس ومنذ القدم استخدموا حبيبات التراب المعجون والمجفف بطرق متعددة وثقبوها واستعملوها لأغراض شتى ومنها ما خصص للاستعمال كمسبحة وعلى الأخص التراب المأخوذ قرب الأماكن المقدسة والتي لها هالة قدسية خاصة أو المرتبطة بعقائد مجموعة من الناس .

وبعد ذلك تطورت هذه المسابح وطريقة صناعتها فأخذ الصانعون يفخرون عجينة التراب المصنعة والمدحرجة كحبات المسابح وشيّها بالنار أو تحويلها إلى مسابح السيراميك المفخور بعد طليها بالمواد الكلسية أو الزجاجية وبالألوان المختلفة وخاصة اللون الأسود ، لغرض استخدامها من قبل رجال الدين أو المتدينين عامة حيث تتألف حبات المسبحة من (99 حبة) مع إضافة المنارة والفواصل إليها حيث لوحظ أن حباتها صغيرة الحجم كروية الشكل ولا يزيد قطر الحبة الواحدة عن (4 ملم) . إن مثل هذه كانت تنتشر في الأسواق القريبة من المراكز وقد تصنع أحيانا في أماكن تلك الأسواق والتي أهمها المراكز الدينية في العراق ومكة المكرمة ومصر وتركيا وقد تصنع أحيانا في الدول الآسيوية الأخرى كإيران والهند وأفغانستان وبعض دول جنوبي شرقي آسيا وغيرها . وهذه المسبحة تسمى في العراق بمسبحة (الزاير) وقد لوحظ ان إنتاج بعضها غير متقن كما أن ثقوب الحبات مائلة وغير متوازنة . وهي عموما ذات وزن نوعي غير مستحب إلا أن ما يقربها إلى قلوب الناس ارتباطها بالمراكز الدينية التي تباع فيها أمثالها فضلا عن زهد أسعارها بشكل عام .

كذلك تصنع المسابح من بعض المصادر الصخرية والترابية الأخرى مثل المرمر والرخام والجرانيت وطائفة أخرى من هذه الأحجار . وطريقة صناعة المسبحة من هذه المواد هي نفس الطريقة التي أشرنا إليها فيما سبق بشأن طريقة صناعة الأحجار شبه الكريمة إلا أن ما يفرقها ويميز هذه الأنواع انه وعلى الرغم من صعوبة العمل إلا ان الصانع يشعر بالراحة في عمله حيث أن كلفة هذه المواد زهيدة بشكل عام كما انها تتوفر بكميات كبيرة لذا فإن مقدار ما يتلف أثناء العمل من هذه المواد يصبح غير ذي أهمية مادية ، أما قياسات الحبيبات فهي مقاربة لأحجام وأشكال حبيبات مسابح الاحجار شبه الكريمة مع زيادة طفيفة وحرية واسعة في القدرة على تكوين الأشكال . ومعظم الألوان المرغوبة في هذه الأنواع من الأحجار هي الأسود والأبيض والأصفر أو حسب التشكيلات اللونية المتاحة لبعض الصخور والأحجار الأخرى المختلفة . لقد تم إتقان الإنتاج من هذه الأحجار بعد حصول التقدم الفني والعلمي الحديث في صناعة المواد الصخرية وتشكيلها حسب الطلب . والواقع فقد شاهدنا مسابح جميلة ورائعة للخامات الصخرية المتعددة إلا أن ما يعيبها هو الارتفاع النسبي في وزنها وسهولة تكسر حباتها أحيانا إذا ما حوت على الشوائب أو العروق الطبيعية الهشة من مواد أخرى مندمجة في صلب المادة الخام . عموما فإن هذه العيوب تزاح جانبا عند مقارنة أسعار هذه المجموعة وألوانها البراقة الجميلة وجمال تشكيلاتها الطبيعية .

مادة أخرى دخلت إلى صناعة المسبحة أيضا هي مادة الزجاج منذ بداية نصف القرن الحالي . وانتشرت انتشارا كبيرا وبأحجام وقياسات وألوان متعددة لا حصر لها . وتجدها اليوم عند كل الباعة والمحلات وعلى بسطات الأرصفة وفي كل مكان وبكل الدول العربية والإسلامية وغيرها ، حيث أن بعضها متقن الصنع وبعضها الرديء ومنها ما يصلح لعملية الاستخدام في التسبيح ومداعبة حبات المسبحة ومنها لا يصلح بتاتا للاستعمال اليدوي ، إلا أن ما يعيب هذه الأنواع هو ثقل المسبحة النوعي وعدم الراحة في الاستخدام اليدوي لمادة مثل مادة الزجاج . وقد حاول بعض المصنعين تقليد الأحجار شبه الكريمة عن طريق تطوير صناعة الزجاج وخلط مادته الأولية بمواد تشبه الصفات العامة لبعض أنوا ع الأحجار شبه الكريمة كالياقوت والامشست مع محاولة إضافة ما يشبه الشوائب الطبيعية في صلب حبات المسبحة . عموما فالعامة في العراق يسمونها سبحة (الجام) كما دخلت مواد غريبة إلى صناعة المسبحة ، فقد راجت خلال مرحلة الخمسينات مسابح بلاستيكية مركبة ومشبعة بنسبة معينة من مادة الفوسفور المشعة وسميت وقتها بالمسابح الفوسفورية ، حيث يشع منها عند الظلام الدمس شعاع أخضر اللون تقريبا ، حيث أقبلت طائفة كبيرة على شراءها إلا انه سرعان ما بطل استخدامها بعد انتشار المحاذير من تأثير أشعة الفوسفور على يد الإنسان أو بقية أجزاء جسمه .

استخدمت مادة الزجاج في إنتاج الحبيبات في القلائد والأساور وغيرها منذ آلاف السنين . كما صنعت بعض المسابح من مواد مختلفة خلال السنوات الفائتة بعد إضافة بعض المواد العطرية والروائح المختلفة من أجل زيادة الإقبال وتعميق الإغراء على الشراء خصوصا تلك الأنواع التي تتشابه موادها مع المواد الطبيعية الأصيلة . (عن مقالة باسم الكهرمان منشورة في مجلة زهرة الخليج العدد (777) فبراير 1994م. مقابلة مع السيد مناف حسين) .

أخيرا لا يسعنا القول إلا أن المواد التي تصنع منها المسبحة تشمل عناصر لا يمكن حصرها على الإطلاق ونحن نامل من يقوم من هو اقدر على إنجاز ذلك عن طريق الحصر الدقيق والشامل لكل المواد التي صنعت منها المسبحة ومن ثم جدولتها وتوثيقها من أجل الفائدة العامة .