استخدام حجر الكهرب في صناعة المسبحة (Amber)

استخدام حجر الكهرب في صناعة المسبحة

(Amber)

لم يلاق حجر عند تصنيعه كمسبحة هوىْ ورغبة وقبولاً مثل هذا الحجر العضوي . فمسبحة الكهرب الجيدة أمنية الهاوي وكبار الشخصيات والوجهاء ومختلف الأفراد على حد سواء . فهي في اعتقاد طائفة كبيرة من مستخدمي المسبحة "درة المسابح" لما لمزايا هذا التحجر العضوي المناسبة  للصناعة وللاستخدام على الرغم من إرتفاع أسعاره وغلاء ثمنه .

فبالنسبة إلى لفظته ، فقد سمي (القطرون) أو الكترون باللغة الرومية ( Electron ) لوجود خاصية جذب الأشياءالدقيقة أو شحنة كهربائية إستاتيكية كامنة فيه تظهر إذا ما دلك الحجر باليد أو بالصوف . وفي إيران يسمى ( كوربّا ) لنفس الخاصية السابقة ، ويطلق عليه نفس الاسم في سوريا ولبنان وفلسطين ، وفي العراق وبعض دول الخليج يطلق عليه العامة اسم الكهرب ، وفي مدينة الموصل العراقية من يسميه ( الشيح ) نسبة إلى نبات الشيح الأصفر اللون خطأً . وفي مصر يطلق عليه اسم الكهرمان ، تجاوزاً لنفس الاسم المتعلق ببعض متحجرات الأصماغ الملونة أو المواد المركبة الصنع وقد يختلط الأمر حينئذ على بعض الناس وإن كان هنالك من يميز ذلك بين هذين النوعين بالتأكيد .

وفي اللغة الإنجليزية يسمى أمبر (Amber) ومن المعتقد أن هذا الاسم اشتق من اللفظة العربية لمادة العنبر ، أثناء حكم العرب لبلاد الأندلس ومنه انتقل إلى إوربا وقد يكون الخلط بين هذين النوعين المختلفين قد شاع بسبب الرائحة الذكية لمادة العنبر والكهرب عند الحرق أو الدلك أو عند الاستخدام العطري . أما في اللغة الألمانية فهو يسمى برنشتاين (Bernstein) وفي لغات أوروبية أخرى يسمى أمبار (Ambar) أو أمبرا (Ambra) علاوة على أسماء أخرى متعددة ، تعني نفس المادة .

حالياً استخدمت اللفظة الإنكليزية عند التعامل بهذه المادة تجارياً أما باللغة العربية فإننا نفضل كلمة الكهرب لغرض التوحيد والقياس .

عموماً فقد قيل أن نوع تلك الأشجار الصنوبرية هي أشجار السندوس (SANDARAC TREE) وإن لم تثبت هذه الحقيقة تماماً . ومن بعض ما قيل أن تكون مادة أصماغ الكهرب بدأت في العصر الثلثي وهو العصر الذي تكونت فيه سلاسل الجبال الكبرى كجبال الألب والهيمالايا نتيجة الزلازل والبراكين وتغير طقس الكرة الأرضية (TERTIARY) . ومن هنا فقد يكون هذا التاريخ هو تاريخ انصهار تلك الأصماغ وبدء الإفراز المكثف من أشجارها ومن ثم انطمارها في الجبال أو تحت قيعان البحار .

كذلك فإن تاريخ نشوء هذه المادة مرتبط أيضاً بتاريخ انصهار مادة الصمغ من هذه الأحجار وتغليفها وضمها لعدد من الكائنات الحيوانية أو النباتية الشائعة  في ذلك الزمن وبذلك فإنه من الممكن تحديد الزمن لنشوء المادة وبشكل علمي أكيد . لقد أوضحت الكتل التي اكتشفت من مادة الكهرب أنها تحوي على حشرات وحيوانات منقرضة مثل بعض أنواع الذباب والبعوض والنمل والزنابير وزير الحصاد والفراشات والعناكب وسلسلة طويلة أخرى من هذه الأصناف . بالإضافة إلى هذه الأصناف فلقد ضمت أحجار الكهرب المكتشفة عدداً كبيراً من المخلفات النباتية التي كانت سائدة آنذاك مثل مقاطع الزهور والحبوب وأوراق الأشجار أو أجزاء من الثمار وشوائب نباتية منقرضة ومتعددة . لذلك أمكن التعرف وبدقة أكبر على عمر أحجار الكهرب عن طريق إجراء التحليل العلمي على الأنواع السائدة من تلك الحيوانات أو النباتات وخصوصاً المنقرضة منها أو المختلفة عن الأنواع السائدة حالياً طالما أن هذه المخلفات المصانة قد حفظت من تغييرات الزمن بدقة بالغة بسبب الإحاطة الكاملة لمادة الكهرب عليها . وبهذا يمكننا القول أيضاً أن تقديرات عمر نشوء الكهرب في كل منطقة يكتشف بها هذا الحجر اعتمدت أيضاً على اختلاف الأماكن الجغرافية لتلك الحيوانات أو النباتات المحفوظة وتغيرها من منطقة لأخرى فضلاً عن استخدام أساليب علمية أخرى على نفس مادة الكهرب كالأشعة لمعرفة العمر الحقيقي لهذا الحجر .

وبما أن لهذه المادة محبة خاصة لدى المهتمين بالمسبحة وملائمة شديدة لهذه الصناعة فسوف نتطرق بشيء من التفصيل إليها وعن كيفية نشوئها ومواصفاتها الفنية ومناطق استخراجها ودورها في الاستخدام التاريخي للحلي والمجوهرات وألوان مادتها وصناعة المسابح منها ، لا سيما وأن بعض الناس يجهل الكثير عن هذه المادة وكما يلي :

1. نظريات نشوء مادة الكهرب والمواصفات الفنية

بودنا القول أنه وبغض النظر عما تذكره المصادر عن هذه المادة فبعض المهتمين بهذه المادة وبالتجربة والاطلاع يعلمون عنها الشيء الكثير مما قد لا يدرج أو يفصّل في معظم المصادر المكتوبة ، ويعتبرون في الواقع مصادر متنقلة .

أن التاريخ الدقيق لبدء تكون مادة مادة الكهرب مختلف عليه وحسب مناطق تكونه ، فبعض الخبراء قدروه بحدود (40) مليون سنة وآخرون بحدود (60) مليون سنة للكهرب المستخلص من شواطىء بحر البلطيق . مؤخراً اكتشف وفي جبال لبنان والأردن كهرب قُدر عمره (136) مليون سنة (وهو ما حللته جامعتي جنوب كاليفورنيا وبيركلي في الولايات المتحدة) وبذلك فهذا أقدم تاريخ لنشوء الكهرب .

والكهرب متحجر عضوي أصله أصماغ متحجرة لأشجار معينة من الصنوبريات أو الأشجار المزهرة ، مثل الأجث والبلوط وغيرها ثم طمرت تحت التراب أو تحت صخور وقيعان بعض البحار أو الجبال ناهيك عن كيفية احتفاظها ببعض المواصفات العطرية . وإن كان هنالك تفسيراً يتعلق بعملية البلمرة والحركات التكتونية .  -

ولعل أفضل ما قيل بهذا الصدد ،أن تغيرا طرأ في طقس الجو المحيط بالكرة الأرضية قبل ملايين السنين مما أدى إلى ارتفاع الحرارة وهذا أدى إلى زيادة ترشح وذوبان الأصباغ من تلك الأشجار المذكورة وقد يكون أن رافق ذلك هياج الزلازل والبراكين فطمرت تحت الأرض أو تحت قيعان االبحار , وتحت بحر البلطيق بصورة خاصة .

2- مناطق الاستخراج الجغرافية لمادة الكهرب

مادة الكهرب مادة في غاية الندرة ,مثلها مثل الأحجار الكريمة النادرة ومناطق انتاجها واستخراجها مقتصرة على بعض المناطق في العالم . ولقد وجدت قطع من هذه المادة طافية على سطح البحر أو تلك التي تقاذفتها الأمواج إلى السواحل ، كما وجد مطموراً في أتربة بعض المناطق الجبلية والكهوف في مناطق أخرى .

تاريخياً ، عُرفت مادة الكهرب بقدومها من منطقة الساحل الجنوبي لبحر البلطيق ، وخصوصاً من (كوينز بيرك) في ألمانيا . وهو ما عرف سابقا بالكهرب الألماني . واليوم يتواجد الكهرب ويصنع في مناطق مثل المناطق المطلة على بحر البلطيق ، نتيجة للتطورات الأخيرة في تقنية الاستخراج من تحت قيعان البحار . وكميات مادة الكهرب المستخرجة من منطقة بحر البلطيق هي الأكثر والأغلب وبنسبة كبيرة فيما بين إجمالي استخراج هذه المادة النادرة في العالم .

إن بعض الدول المطلة على سواحل بحر البلطيق الجنوبية ، تمنح رخصاً خاصة للكشف عنه  أو استخراجه وذلك لجهات حكومية أو شبه حكومية حيث كان يعتبر من الثروات القومية ، مثل روسيا وبولندا ، كما أن الدنمارك تمنح رخصاً خاصة للأفراد أو المناطق السياحية على السواحل لغرض جمع أحجار الكهرب تشجيعاً لهم ووضعت بعض اللوحات التحذيرية من إلتقاط حجر الكهرب في بعض السواحل أيضاً .

ولقد لاحظنا في بولندا على سبيل المثال خلال زيارتنا لها عند مرحلة منتصف الثمانينات ، أن الدولة تحظر على غير جهاتها الرسمية التعامل والاستخراج لمادة الكهرب وتضع القوانين الرادعة لتنفيذ ذلك ، بل وتحظر التجارة الشخصية بهذه المادة أو مصنعاتها ، إلا أن ذلك قد لا يجدي في معظم الأحيان نظراً للمغريات المادية والتجارية لهذه المادة حيث يقوم الأفراد بالتعامل الاستخراجي والبحث عنها وتصنيعها خفية ومن ثم الإتجار بها في السوق السوداء .

وفي البرازيل والدومنيكان أو غيرها وجدت مادة الكهرب بشكلها المتحجر في الجبال والكهوف القديمة لمنطقة الأنديز ، حيث يستخرج بمعاناة شديدة وحقيقية عن طريق حفر بعض الأنفاق الضيقة أحياناً خلال الكهوف القديمة أو ممراتها ، لذا فكمية المستخرج منها قليلة وضئيلة بسبب كلفة الاستخراج الباهضة وما يلازم ذلك من الخطورة الشخصية ، إذ يجب إلتقاط الأحجار بصورة يدوية من بين ممرات ضيقة للحفاظ على كامل الحجر وعدم تهمشه إذا ما استخدمت التقنيات الأخرى في الاستخراج . لذا فقلة من الناس تقوم بهذا الاستخراج هناك ، على الرغم من جودة هذه الأنواع وقد يطلق عليه وصف (الكهرب الحجري) .

ومن المناطق الأخرى التي اكتشف بها هذا الحجر هي بورما ورومانيا وصقلية ، وبعض القطع القليلة في لبنان مؤخراً .

ومادة الكهرب الطافية أو المكتشفة على سواحل بحر البلطيق وجدت بشكل قطع صغيرة أو شظايا في أغلب الأحوال مع وجود بعض القطع الكبيرة أحياناً ، ولقد شاهدنا في متحف مدينة (جيدا نسك) الواقعة على بحر البلطيق في بولندا قطعة من مادة الكهرب يزيد وزنها عن (10) كيلو غرامات ولها شكل مسطح رائع .

ومن المتوقع ، مع ارتفاع سعر مادة الكهرب حاليا ، والتزايد المستمر في أسعارها في المستقبل ، أن تقوم بعض الجهات الاستثمارية في البحث عنه واستخراجه من مناطق متعددة إن أمكن ذلك .

3 - أشكال الاستخدام المتنوع لمادة الكهرب في التاريخ

أخذ القدماء بجمال هذه المادة ومواصفاتها وندرتها وجاذبيتها ومطاوعتها للتصنيع واعتبرت منذ القديم من الكنوز والمجوهرات للملوك ولعلية القوم . وتقدر تواريخ استخدامها المعروفة بآلاف السنين ، حيث ذكر ان القبائل الدنماركية عرفته واستخدمته منذ (15000) عاما حيث نحتته على أشكال متنوعة من العقود والحلي ، ودفن مع موتاهم أيضا لاعتزازهم به من تأثرهم بالأساطير لمنافع هذه المادة . ولو استطلعت محتويات المتاحف في بولندا أو الولايات المتحدة أو روسيا ، لتبين الاستخدام المتنوع لهذه المادة ، عبر تاريخ طويل ، باعتبارها مادة نفيسة ونادرة . ولقد لوحظ أن بعض القطع المنحوتة من هذه المادة صنعت على شكل قطع النقود ، حيث أنها استخدمت كما استخدام النقود اليوم وكاستخدام القطع الذهبية أو الفضية النقدية القديمة كما هو الحال بما هو نفيس ونادر .

كما صنعت منها الأوسمة والميداليات والنياشين والقلائد والعقود لمختلف أصناف البشر من الرجال سواء الملوك والأمراء والقادة أو رجال الدين والكهنة او القساوسة ، وصنّعت منها أيضا كافة أنواع الحلي للنساء من خواتم وأختام وقلائد عنقية وعقود معصمية ومشابك وأمشاط ، ولم نجد في واقع الأمر شيء من أدوات التزيّن مما ينتج اليوم لاستخدام النساء لم ينتج من مادة الكهرب ومنذ زمن طويل .

كذلك فقد صنعت من قطعه الجميلة العلب الغالية والنفيسة ومنها علب المجوهرات والعلب المتنوعة الأخرى ، والمكاحل ، ومباسم السكائر ورؤوس العصي والصولجانات ، كما تداخل تصنيع هذه المادة الذهب والفضة والعاج والأبنوس بأشكال وأنواع متعددة ولكل الاستخدامات ، فضلا عن نحت بعض التماثيل الدقيقة منها وأشكال أخرى مختلفة مما لا يتيح لنا المجال في سردها هنا أو وصفها ولو لبعض أنواعها نظرا لكثرة تفاصيلها وكونها تدخل في صناعة أخرى وليس في مجال سردنا الحالي ، إلا ان ما يعنينا دخول هذه السلعة في نطاق التجارة خلال مرحلة العصور القديمة . وقد جاء في كتاب العصور القديمة للدكتور جايمس براستد (ص 19 طبع في المطبعة الأمريكانية - بيروت عام 1936)  أن مواد حجارة العصر الحجري هي مواد الكوربا - الكهرباء (أي حجر الكهرب) وكانوا يجمعونها من سواحل بحر البلطيق .

واهتم بعض القوم في آسيا ، في التاريخ القديم ، بهذه المادة النفيسة وخصوصا في الهند وأفغانستان وغيرها . كما اهتم العرب أيضا بصناعة هذه المادة ولأغراض شتى ، سواء للمستلزمات الرجالية أو النسائية ، واستخدامها بصورتها المنفردة أو المتلاحمة بالذهب والفضة وخصوصا المعدن الأخير .

وتولّه بعض سكان الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام ومصر وبقية الشمال الأفريقي ، بهذه المادة ويفضلونها على شكل منحوت المشابه لشكل المكعبات الكبيرة أو على أشكال بيضوية عديدة وبأحجام كبيرة وقد يتم نحتها وصناعتها متحدة في أغلب الأحيان بصنعة صياغة الفضة معها بصفة خاصة وأحيانا ضمن صياغة المصنعات الذهبية .

كذلك اهتم بعض العرب بصناعة مباسم الأركيلة وبعض غلايين التدخين ، ومقابض الخناجر والسيوف والسكاكين من هذه المادة عبر السنوات الألف الأخيرة .

وفي اعتقادنا أن أوائل الاستخدام لمادة الكهرب في صناعة المسبحة بدأ في ثلاث مناطق وهي مصر والعراق وتركيا . حيث اكتشفت ومنذ أكثر من ستمائة عام على أكثر تقدير فضائل استخدام هذه المادة في صناعة المسابح بصورة واضحة . وقد جاء بناء هذا التقدير التاريخي استناداً إلى أن المسبحة عرفت قبل ذلك بكثير وأن ما يشابهها من القلائد الدينية قد استخدمت فيها مادة الكهرب ، كما توضحها متاحف الكهرب في بولندا ، إلا أننا ولعدم وجود التوثيق لتاريخ الاستخدام الفعلي لهذه المادة لصناعة المسبحة على وجه الخصوص ليلزمنا على الاعتقاد أن استخدام مادة الكهرب في المسبحة جاء بعد وقت طويل من استخدام المسبحة أو المواد الأولية لاستخدامها مثل الخشب والأحجار والعاج وغيرها حيث يلجأ الناس عادة ، في ذلك الزمن إلى استخدام المواد النادرة . وأغلب الظن أن الصناع في استانبول ومصر والعراق وبعد ازدياد قدوم هذه المادة من ألمانيا وغيرها بتزايد التجارة في سلعة العقود النسائية بدأوا في أول الأمر في تحويلها إلى مسابح وأن بعض الناس من علية القوم طلبوا تصنيعها في ألمانيا أو روسيا أو بولندا مباشرة . ولقد رأينا مسابحاً من الكهرب من اللون البرتقالي الداكن جداً قدرت أعمارها بحدود أربعمائة إلى خمسمائة عام ، مما يعطي صورة أوضح عن تاريخ صناعة المسبحة من مادة الكهرب . ولا ريب إذن أن يكون استخدام الكهرب قد بدأ قبل هذا الوقت وأغلب الظن قبل قرن أو أكثر من الزمان ، أي بحدود ستمائة عام تقريباً .

عموماً ازداد الإنتاج من مادة الكهرب بعد ذلك ولحد اليوم ، كما ازداد إقبال النساء على اقتناء القلائد والأساور اليدوية ومواد الزينة منها حتى منتصف هذا القرن حيث قلّ بعد ذلك تهافت النساء عليها نظراً لاكتشاف المواد الرخيصة المشابهة لها في الشكل أو المختلفة الألوان والأشكال وغير ذلك بينما ازداد إقبال الرجال في الطلب في صناعة المسبحة من هذه المادة .

يقبل الرجال حالياً على شراء مسابح الكهرب ، وتقبل النساء إلى حد ما في أوروبا الغربية واليابان والولايات المتحدة واستراليا وكندا وغيرها على شراء حلي وعقود مادة الكهرب . وأفضل أسواق بيع مسابح الكهرب تكاد تتركز حالياً في مصر ودول الخليج العربي والعراق وتركيا ولبنان والأردن حيث أن قسماً منها مصنّع محلياً والآخر مصنع في روسيا وبولندا أما الكهرب المصنع في ألمانيا لغرض المسبحة فهو قليل بالمقارنة . . .

بالإضافة إلى ذلك ، فإن مادة الكهرب تنصهر في درجة (287) تقريباً . ويبلغ وزنها النوعي إجمالاً بحدود من (1.05) إلى (1.1) غراماً في السنتيمتر المكعب . كما تبلغ صلادتها أو مقياس صلابتها من (2) إلى (2.5) حسب مقياس موسى المقام على عشر نقاط رقمية لقوة الصلادة . (مصدر رقم 24) .

لذا فإن مادة الكهرب خفيفة الوزن إلى الحد الذي تطفو في الماء المالح (نفس نسبة ملوحة البحار) . كذلك فقد احتفظت هذه المادة بصفاتها العطرية الرارنتيجية على مدى ملايين السنين ، وهي إذا ما دلكت بالقماش أو اليد أو إذا تعرضت للحرارة ، انبعث منها رائحة زكية نفاذة أشبه ما تكون إلى رائحة العنبر أو البخور القديم ممزوجة مع مسحة من رائحة ثمرة الليمون المعتقة أحياناً .

وكما أسلفنا فإن لمادة الكهرب خاصية إبراز وانبعاث الشحنة الستاتيكية الكهربائية إذا ما دلكت على القماش أو بالمواد الأخرى والصوفية على وجه الخصوص مما جعل في إمكان هذه المادة التقاط وجذب القطع الصغيرة من القش والخيط والورق وبعض المواد الأخرى . وصفة الكهربائية هذه هي التي أضفت اسم الكهرب عليه عند الشعوب القديمة في منطقة الشرق الأوسط .

أخيرا فإن مادة الكهرب وبسبب درجة صلابتها ومواصفاتها الأخرى ، طيّعة لدنة سهلة التعامل معها بالنحت والخراطة والتصنيع ولمختلف الأغراض إذا ما روعيت مواصفاتها الفنية عند العمل بها . لذا فإن عملية استخدامها وتصنيعها كمادة في صناعة المسبحة هي عملية سهلة وغير معقدة نسبياً وفي قدرة طائفة كبيرة من الصناع اليوم القيام بها مع مراعاة الشوائب فيها .