هل يصبح الزوج فريند بديلا عن الزواج السري

هل يحل مشكلة الزواج العرفي وزواج الكاسيت

وزواج الوشم وغيرها من أنواع الزواج السري

يتصور البعض أن رأي «زواج فريند» للشيخ «عبد المجيد الزنداني» رئيس مجلس شورى حزب الإصلاح رئيس جامعة الإيمان باليمن يعد بديلا مثاليا لظاهرة الزواج العرفي التي انتشرت بين الشباب في بعض البلدان العربية، ومن ثم الانتهاء من تبعاته الاجتماعية الخطيرة وأنواعه المبتكرة، مثل زواج الكاسيت، وزواج الوشم، وزواج الطوابع، والبعض الآخر وصف رأي زواج فريند بأنه دعوة للمساواة بين الإنسان والحيوان ومنهم رأى فضيلة الدكتور نصر فريد واصل مفتى مصر السابق الذي يؤكد على إن هذا الزواج يتساوى فيه الإنسان مع الحيوان، لأن الزواج شُرِعَ ليكون رباطاً وثيقاً بين الرجل والمرأة، يقوم على المودة والرحمة.

ومن مقاصد الزواج الأساسية السكن والمودة بين الزوجين فإذا لم يتحقق هذا المقصد، فقد الزواج قيمتَه وأصبح شهوةً يتساوى فيها الإنسانُ والحيوانُ.

بينما أعلن مفتي مصر السابق أيضاً ورئيس جامعة الأزهر حالياً فضيلة الدكتور «أحمد الطيب» تأييده الكامل لهذه الفتوى، وقال: «إنه لا يوجد مانع شرعي من أن يتم عقد الزواج عن إيجاب وقبول ومهر وشهود وإشهار». وأكد فضيلته أن عدم توفُّر مسكن خاص بالزوجين لا يبطل الزواج، وأجاز لقاءهم في بعض الأوقات ثم الافتراق في المعيشة بعد ذلك.. وأضاف أن هذا النوع من الزواج يعد حلا مثاليا لمشاكل العصر كالعنوسة، ويساعد الشباب في بداية حياتهم خاصة بعد تفشي البطالة، وعدم القدرة على تدبير نفقات الزواج. كما أشار إلى خطورة استعمال المصطلحات الغربية في هذا النوع من الزواج الشرعي، لأنها تضفي عليه صبغة عدم الشرعية.

وشاركه في التأييد د. رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو مجمع فقهاء واشنطن.. حيث أكد أن هذه الفتوى مرادها جمع الشباب بعقد شرعي كامل الأركان. وأكد أن هذا الزواج سوف يعمل على تقليل الزيجات العرفية غير الشرعية، ويقلل الفحشاء في مجتمعاتنا الإسلامية. كما اتفق معهم الشيخ «عبد المحسن العبيكان» من علماء السعودية، وأضاف أن المرأة من حقها أن تتنازل عن البيت والنفقة، وأكد ضرورة ألا يكون هذا الزواج مؤقتا أو بهدف الطلاق فيما بعد.

هذا التباين الواضح بين كبار الفقهاء أوقع العامة في حيرة وجعلهم يتساءلون عن مدى إمكانية أن يكون رأي «زواج فريند» بديلا عن الزواج العرفي، وهل يمكن أن يكون زواج فريند أصلا شكلا من أشكال الزواج العرفي بكل آثاره السلبية... وكل أشكاله المتطورة من زواج الكاسيت وزواج الوشم وزواج الطوابع وهو ما تمت مناقشته بشكل موسع في العدد السابق عن أنواع الزواج السري... ونذكر بها هنا على عجل :

الزواج العرفي.. أنواعه وأحكامه

الزواج العرفي ظاهرة وُلِدَت قوية، هزت أركان المجتمع العربي بقوة وانتشرت بين الشباب بمختلف المستويات الاجتماعية والثقافية بشكل كبير، وظهرت منه أنواع بعيدة جدًّا عن الشريعة الإسلامية وأقرب منها إلى الزنا غير المعلن.

والزواج العرفي عقد غير موثق بين طرفين، وهو نوعان:

النوع الأول: عقد صحيح شرعي متوفر فيه جميع أركان الزواج، ويفتقد التوثيق فقط، وهذا يعرِّض حقوق المرأة للضياع.

والنوع الثاني: ورقة تكتب بين الشاب والفتاة دون شهود أو بوجود أحد الأصدقاء وبدون مهر ولا ولي ولا إشهار ولا توثيق، وهذا لا يعد زواجا. وهذا النوع الثاني من الزواج العرفي ظهرت منه أنواع أخرى، مثل زواج الكاسيت.. الوشم.. الطوابع.

فزواج الكاسيت لا يحتاج إلى ورقة أو شهود، وإنما يكتفي الطرفين بوجود كاسيت وشريط، ويسجل عليه كلٌّ منهما الكلمات التي يرددها المأذون الشرعي، ويحتفظ كل منهما بنسخة منه.
أما زواج الوشم فهو عبارة عن كتابة وثيقة الزواج بالوشم على الجلد. وزواج الطوابع أسهل الأنواع، حيث يقوم كل طرف بلصق طابع بريد على جبين الآخر فيصيرا زوجين!!.

أشار د. أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر إلى أن «الزواج العرفي» حرام، حتى إذا كان مستوفيًا الأركان، فعدم التوثيق يعرض حقوق المرأة للضياع، أما إذا افتقد الزواج أحد أركانه فإنه لا يعد زواجًا. واتفق معه في هذا الرأي كل من فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، د.عبد المعطي بيومي أستاذ التفسير بالأزهر.


الزواج العرفي والقانون

أما من الناحية القانونية فيؤكد «محمد عبد الصمد» -محامٍ بالاستئناف العالي- أن الزواج العرفي كامل الأركان، فهو زواج صحيح وتأخذ به المحكمة إذا ثبت. وهناك مادة في القانون المصري خاصة بالزواج العرفي. وأضاف أن هذه المادة تمكن المرأة من التطليق، ولكن لا بدَّ من توافر شرط البلوغ، وزواج القُصّر يكون باطلاً، وتصل العقوبة إلى الحبس لمدة ثلاثة سنوات.

المتزوجون عرفيًّا

هل من الممكن أن يكون «زواج فريند» بديلا عن الزواج العرفي؟ وهل سيفضله المتزوجون عرفيًّا؟ بعد صعوبة شديدة من لقاء بعض المتزوجين عرفيًّا؟

 كان اللقاء الأول مع ف -20 عاما- طالبة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وبدأت حكايتها قائلة: إن والدها يعمل في إحدى الدول العربية، وأمها مديرة في أحد البنوك، وهي وحيدة تخرج وقتما تشاء، فالأم مشغولة بعملها، ولا أحد يراقبها، تقول: وعندما دخلت الجامعة تعرفت على زميل لي، وتعمقت العلاقة حتى عرض عليَّ الزواج عرفيا، ووجدت نفسي أوافق فهو الشخص الوحيد القريب مني، وقمنا باستئجار شقة مفروشة، وما زلنا متزوجين إلى الآن.
وعندما سألناها عن إمكانية أن تستبدل زواجها العرفي بصيغة «زواج فريند» قالت: بالطبع هذا الزواج شرعي ومعلن حتى إذا ابتعد عني زوجي سأكون حرة في اختيار الطلاق.

أما ن -25 سنة- حاصلة على دبلوم تجاري، وبدأت حكايتها قائلة: كنت أعيش مع أبي وأمي وأخوتي الستة، ولضيق ذات اليد، خرجت للعمل في أحد المطاعم، وذات يوم كنت أقدم الطلبات للزبائن، ووجدت رجلا ينظر لي بشدة وإعجاب، وبدأ يأتي كل يوم، وطلب مني أن نتقابل ووافقت. وقال لي إنه يحبني، وبدأ يشكو لي همه من زوجته، وأنه يريد أن يطلقها، وتزوجنا عرفيًّا، وكنا نتقابل بعد العمل في شقة استأجرها إلى أن شعرت بأنني حامل، وعرفت أنني في الشهر الرابع، فذهبت إليه مسرعة كي أبشره، وفوجئت به يضربني ويأمرني بالتخلص من هذا الطفل، وأخذني لإجراء عملية إجهاض، ولكن الطبيب رفض، وبدأت بطني تعلو شيئاً فشيئا، فاضطررت للهروب من منزل أهلي، ومكثت وحدي في الشقة حتى جاء موعد الولادة، ورزقني الله بطفل، ولكن لم أعد أَرَى والده، فقد كان يأتي كل شهر ليرمي لي بعضَ النقود ولم أَرَ وجهه بعدها، وفوجئت ذات يوم بزوجته الأولى تقتحم شقتي وتهددني بضرورة قطع العلاقة بزوجي وإلا ستبلغ أهلي بمكاني ليقتلوني، وفى اليوم التالي وجدت زوجي يمزق ورقة الزواج العرفي في وجهي، ويبلغني بأنه كتب الطفل باسم أب آخر، وخرج ولم يعد.

أما عن الشباب المتزوجين عرفيًّا، فالتقينا مع أ ع -21 عاما- طالب بكلية الآثار متزوج عرفيا من زميلته منذ عام تقريباً، ويحكي قصته فيقول، كانت معي في المدرسة الثانوية، ودخلنا معا كلية واحدة، ومنذ أن كنا طلبة تعاهدنا على الحب والزواج، وعندما دخلنا الجامعة ومرت الأعوام، لم نعد نتحمل الانتظار والبعد. وكنت أخشى أن يفرض عليها أهلها القبول بالزواج من شاب آخر، فقررنا الزواج عرفيًّا، ونحن متزوجان الآن منذ عام، وسوف نعلن زواجنا بعد أن نتخرج ونؤسس بيتا يجمعنا معاً.

وعن رأيه في «زواج فريند» يقول : لو كان من الممكن أن يوافق أهلي وأهل زوجتي على هذه الفكرة لاختلفت أمور كثيرة، ولما تزوجنا عرفيا، فلا بد أن يعرف الأهل أن الظروف لم تعد مناسبة لتكوين بيت بسهولة، ولا بد من مشاركتهم معنا لتكوين حياة صالحة. وإذا كانت المشكلة في الأطفال فيمكن لزوجتي تأجيل ذلك لحين توفر مسكن مناسب.

التغيير المجتمعي

والآن، ما رؤية علماء الاجتماع وعلماء النفس حول الزواج العرفي وزواج فريند؟

يرى الدكتور «أشرف عبد الوهاب» -مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة حلوان- أن الزواج العرفي ظاهرة ناتجة عن تغير القيم في المجتمعات العربية، وبصفة خاصة بعد تحول الكثير من هذه المجتمعات للنظام الرأسمالي.

وزادت هذه الظاهرة حاليًا بسبب التطورات السريعة في وسائل الاتصالات، مثل الدش والإنترنت، والتي سهلت الاحتكاك بثقافات وأساليب حياتية مختلفة، وهو ما أدى في النهاية إلى لجوء كثير من الشباب إلى الزواج العرفي بأنواعه المختلفة.

ويضيف: أما عن «زواج فريند» فهذا النوع من الزواج لا يمكن أن يحل محل الزواج العرفي لاختلاف الأسس التي يقوم عليه كلٌ منهما. فالزواج العرفي ليس بزواج، أما ما يسمى بـ»زواج فريند» فتتوفر فيه جميع الشروط عدا مسكن دائم يضم الزوجين، ومن وجهة نظري فإنه يمكن قبول هذا النوع من الزواج بصفة مؤقتة إلى حين تحسن الحالة المادية للزوج والتي تمكنه من إيجاد المسكن المناسب، وهذا النوع من الزواج أقرب إلى الواقع، ويمكن أن يكون ذلك حلا لمشكلة العنوسة والعزوبية التي بلغت درجة بالغة الخطورة في المجتمعات العربية، فقد وصلت العنوسة في مصر إلى 11 مليون عانس، وفى الكويت 177 ألفا، كما أن ثلث السعوديات عوانس، ولذلك يمكن تعميم هذه الفكرة في المجتمعات العربية، وذلك للتقليل من الكوارث الاجتماعية الخطيرة الناتجة عن الزيجات العرفية وانحرافات الشباب.

أما عن الرؤية النفسية فيقول د.يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة: يلجأ الشباب إلى الزواج العرفي للهروب من الاحتياجات الغريزية لديهم، وعدم وجود قنوات شرعية لتفريغ هذه الطاقة بصورة صحيحة، لذا يجب تزويد الشباب بأساليب الدفاع والتثقيف ليتعاملوا مع هذه الرغبات بصورة سوية، وهذا دور الأسرة والمؤسسات التربوية والدينية والإعلامية أيضا. وزواج فريند يعد قناة شرعية وعلنية للشباب، ولكنها تحتاج إلى تفهم من الأهل لكي يتم تطبيقه.

عودة لصفحة زواج الفريند

عودة لصفحة الزواج وأخواته