تَعِزْ  

هي مدينة في مرتفعات اليمن الجنوبية، تقع في سفح جبل ضَبِر الذي يبلغ ارتفاعه نحو 3000 متر. ظهرت بهذا الاسم في المصادر في أواخر القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي مقترنا ذكرها بوصول توران شاه الأيوبي إلى اليمن سنة 1173م، على أن تعز كانت موجودة قبل ذلك، بدليل أن توران شاه رتب فيها أميرا ينوبه مثلما صنع مع زبيد وعدن. وأن أخاه طغتكين قد أعاد بناء حصنها واتخذت قاعدة بلاد المعافر.

قيل عن تعز أنها هي القلعة التي تسمى بالقاهرة، وأما ما تسمى بتعز.. والتي يضمها السور وفيها جامع الظفر فكانت تسمى عدينة. وكذلك فإن حصن تعز ذو مُكنة بني بالجص والحجر بأبواب وأسوار وثيقة عامرة، وليس في جميع اليمن أسعد منه حصنا، لأنه سرير الملك وحصن الملوك، وهو قلعة وضعت بين مدينتين: إحداهما المغربة والثانية تعز والثالثة سماها مدينة عدينة وتقع في لحف جبل صبر.

وكان أول من مدنها ومصَّرها الملك المظفر الرسولي سنة 1255 م، وأصبحت عاصمة الدولة الرسولية التي امتد حكمها إلى شتى بقاع اليمن. ومنذ ذلك الحين عرفت تعز بعاصمة اليمن الثانية. وقد زارها ابن بطوطة (1377 م) في عهد الملك المجاهد الرسولي ووصفها بأنها من أحسن مدن اليمن وأعظمها..

 كانت تعز مزدهرة إبان العصر الرسولي والعهد العثماني الأول، وكانت في الغالب تفيد من موقعها على طريق التجارة الذي يربطها بالمخاء غربا وعدن جنوبا وصنعاء شمالا. لكن المدينة ظلت منذ ظهورها صغيرة نسبيا، في إطار سورها المعهود، رغم ازدهارها في فترات عدة. ولم تتمكن من الامتداد خارج السور إلا منذ أن اتخذها الإمام أحمد في عام 1948 مقرا لإقامته وقاعدة لحكمه، بحيث أصبحت في مجال علاقاتها الخارجية في وضع أفضل مما كان للعاصمة صنعاء، خاصة أنها كانت أقرب من صنعاء إلى عدن الميناء الدولي والمستعمرة البريطانية المزدهرة آنذاك، وكان فيها دور البعثات والقنصليات الأجنبية.

وعندما قامت الثورة في 26 سبتمبر 1962 م لم تتأثر تعز كثيرا نتيجة تحول قاعدة البلاد منها إلى صنعاء، بل بقيت تحفل بالنشاط، ومنطلقا للثوار في صنعاء وهم يدافعون عن الثورة والجمهورية، وسندا للثوار في الجنوب اليمني المحتل. 

ورغم توسع تعز اليوم وامتدادها.. على التلال المجاورة خاصة في الجهة الشمالية إلا أنها لم تتمكن من منافسة صنعاء العاصمة في سرعة التحول والتوسع بحكم كونها قاعدة البلاد ومركز النشاط الحكومي، ومع ذلك فإن تعز بقيت عامرة محتفظة بحيويتها الدائمة، وتتحفز باستمرار نحو النمو الازدهار.