جرش 

ترتفع هذه المدينة قرابة ستمائة متر عن سطح البحر ويعود تاريخ هذه المدينة إلى تأسيسها في عهد الإسكندر الكبير في القرن الرابع قبل الميلاد لكن بعض الآثار فيها تبين مدينة من العصر البرونزي نحو 500،2 قبل الميلاد. وتعود بعض الآثار التي اكتشفت في شمال جرش إلى العصر الحديدي.

وقد نعمت هذه المدينة بالهدوء والاستقرار والسلام وتأثرت كثيراً بالحضارة الرومانية وأصبحت من المدن العشر وتعاقبت عليها العصور وانتشرت فيها الديانة المسيحية حتى أصبح لها في عام 451 أسقفاً. ثم احتلتها جيوش الفرس ودمرت كنائسها . ووصلها العرب المسلمون بقيادة شرحبيل بن حسنة في زمن الخليفة عمر وسيطرت عليها وذلك في عام 635 ميلادياً. لكن الزلازل المتلاحقة التي ضربت تلك المناطق أدت إلى انهيارها الكامل.

وكتب عنها ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان) قائلاً:

جرش، هذا اسم مدينة عظيمة كانت، وهي الآن خراباً. حدثني من شاهدها وذكر لي أنها خرابة وبها آبار عادية، تدل على عظمة. قال: في وسطها نهر جار يدير عدة رحى عامرة إلى هذه الغاية. وهي في شرقي جبل السواد من أرض البلقاء وحوران، ومن عمل دمشق وهي في جبل يشتمل على ضياع وقرى. ويقال للجميع جبل جرش، اسم رجل، وهو جرش، بن عبد الله. ويخالط هذا الجبل، جبل عوف. وإليه ينسب حمى جرش، وهو من فتوح شرحبيل بن حسنة في أيام عمر"
وبقيت جرش مجهولة حتى عثر عليها سائح ألماني سنة 1806 وفي سنة 1878 أرسل الحاكم التركي مجموعة من الشركس للعيش فيها.


أما وصف آثار هذه المدينة القديمة فقد كشفت الحفريات عن سور كان يحيط بالمدينة يبلغ امتداده خمسة كيلومترات ونصف وأما عرض السور فمن مترين إلى ثلاثة أمتار ونصف. وقد أمر الأمبراطور ترايانوس بشق طريق من مدينة بصري إلى البحر الأحمر عرفت باسم طريق النصر. وقد جاءها الأمبراطور أدريانس 117-138 في طريقه لاحتلال بصرى الشام وقد أحسن الإمبراطور معاملة أهل المدينة مما دفعهم لأن يبنوا له قوساً إكراماً له والذي قاوم عاتيات الزمن وبقي قائماً حتى يومنا هذا. وطول القوس 37 متراً وعرضه 9 أمتار ويبلغ ارتفاع البوابة الرئيسية الوسطى عشرة أمتار وعرضها خمسة أمتار تقريباً.
وإلى الغرب من قوس النصر تقع البركة وهي عبارة عن مستطيل طوله 150 متراً وعرضه 55 متراً وعمقه 12 متراً وفيه أربعة مصارف. والمتجول بين آثار جرش سيجد المدرج الروماني الواقع شمال البركة، والمقبرة وهيكل زفس ثم سيصل المدرج الكبير والذي يقع للشمال الغربي من هيكل زفس ومقاعده في الجنوب مما يحمي المشاهدين من أشعة الشمس.