بقلم الصحافي الراحل كامل مروة

قُل كلمتك وأمشِ

في إفتتاحية صحيفة الحياة يوم الثلاثاء في 21 شباط عام 1961 العدد 4555

أصبح القرض الكويتي حقيقة واقعة، وقريباً يصبح بتصرف بلدية بيروت 45 مليون ليرة نقداً وعداً، تستخدمها في تنفيذ مشاريعها الضروريّة في العاصمة.

وقبل كل شيء، نعبِّر عن شكرنا للحكومة الكويتيّة، وللعاطفة الكريمة التي تجيش في صدور حكام ذاك القطر وأهله حيال لبنان، وما القرض إلا تعبير بسيط عنها، سبقته أكف بيضاء في مختلف الحقول، تتجاوز أضعاف الأضعاف.

ولنعد الآن إلى القرض، إنه مخصص للمشاريع البلديَّة، ولكن بيروت تحتاج إلى 250 مليون ليرة على الأقل لتنفيذ المشاريع الحيويّة التي تطاول عليها الزمن، لذلك لن يستطيع القرض أن يسد أكثر من جانب من الثغرة، ولما كان القليل أفضل من الحرمان، فأننا نرحب بالقرض كنقطة انطلاق في التنفيذ بعد طول الوقوف.

إن القسم الأكبر من القرض سيذهب لفتح الحلقة التجاريّة وإنجاز الشوارع الرئيسيّة الضروريّة للعاصمة، وهنا نعود إلى فكرة سبق لنا أن طرحناها على بساط البحث قبل أسابيع، حين إقترحنا على بلدية بيروت أن تطبق في فتح الشوارع طريقة سبقتها إليها عشرات العواصم والمدن الكبرى في العالم، ونعني بها إستملاك الأراضي على جانبي الشوارع الجديدة قبل فتحها، ثم بيعها بعد شق الشوارع، وبذلك تفيد البلديَّة من فروق الأسعار، وتتمكن بهذه الطريقة من تنفيذ المشاريع التالية.

وإذا كانت أنظمة الإستملاك الحالية لا تسمح بمثل هذا التدبير، فلماذا لا تستحصل الحكومة من المجلس على تشريع يعطي البلديَّة هذه الصلاحية ؟.

إنه لا يجوز أن تذهب عشرات الملايين إلى جيوب مئة أو مئتين من الملاكين، يكسبون الأموال الطائلة بفضل المشاريع البلديَّة، ولما كانت أموال البلديَّة هي أموال الشعب، فإننا نطلب بالحاح تطبيق هذه الطريقة في بيروت، حتى تتمكن البلديَّة أولاً من سد القرض الذي إستحصلت عليه، وثانياً من إكتساب مبالغ أخرى ـ هي وليدة مشاريعها وأموالها ـ تستخدمها في متابعة التنفيذ.

ورب قائل إن إعطاء البلديَّة صلاحية {الإتجار} بالأراضي يفتح باب السرقة، وهذا القول مردود، ولو كان صحيحا، ذلك أن ترك الأرباح العائدة من فتح الشوارع لعشرات من الملاكين، هو نوع من سرقة أموال المواطنين على المستوى العالي، فمن الخير إذن أن تؤول الأرباح إلى البلديَّة، ومهما عبث العابثون، فسيظل أكثرها لها، وبالتالي لأبناء بيروت، وهم أحق بها من أفراد قلائل !.