الخلاصة في الفحص

إن الفحص الطبي قبل الزواج.. قضية شائكة لها أبعاد متباينة، فقد تكون سببا في نجاح العلاقة الزوجية وتقويتها، ويمكن أن تؤدي دورا مؤثرا في اتخاذ القرار الصعب بالانفصال والرحيل..

ومهما كانت تلك النتائج إلا أن الحقيقة التي لا تقبل الجدال أن الفحص الطبي قبل الزواج أصبح أمراً مهما لتفادي حدوث مشاكل مستقبلية تؤثر بشدة علي العلاقة الزوجية.. والحقيقة الأكثر تأكيدا أن المجتمع مازال يرفض وبشدة تلك الحقيقة ويعتبره عيباً ومجالاً لا يجب الخوض فيه أو التلميح إليه؛ لأنه يحمل في داخله إهانة للطرف الآخر لا يمكن نسيانها أو تجاهلها!.


ففي فترة الخطوبة يهتم الشباب بالاختبارات النفسية ويفكر كل طرف في الآخر هل هو الشخص الذي كان يبحث عنه ويتوافق مع طباعه.. إلا أنهم يتجاهلون تماماً الجانب الصحي ومدى التوافق بينهما فيه.. على الرغم مما قد يسببه بعد ذلك من مشكلات قد تؤدي إلى الانفصال، وسواء كانوا مقتنعين بأهمية هذه الفحوص أو متشككين... إلا أن الثقافة السائدة في المجتمع لها اليد العليا للتحكم في جانب لا يمكن إهماله في حياتهم وهي قبول القيام بتلك الفحوصات أو رفضها..

جيل مهدد...

ترى العديد من الدراسات إلى انتشار أمراض الدم الوراثية في بعض الدول العربية مشكلة صحية خطيرة، وإرهاقاً للموارد المخصصة للقطاع الصحي، بالإضافة إلى أنها مشكلة اجتماعية كبيرة، فضلا عن معاناة المصابين بهذه الأمراض، يتوقع إحصائيا أن يصاب طفل واحد من كل 25 طفل بمرض وراثي ناتج عن خلل في الجينات أو بمرض له عوامل وراثية خلال الخمس وعشرين سنه من عمره. ويتوقع أن يصاب طفل واحد لكل 33 حالة ولادة لطفل حي بعيب خلقي شديد. كما يصاب نفس العدد بمشكلات تأخر في المهارات وتأخر عقلي. وتسعه من هؤلاء المصابون بهذه الأمراض يتوفون مبكرا أو يحتاجون إلي البقاء في المستشفيات لمدة طويلة أو بشكل متكرر ولها تبعات مالية واجتماعيه ونفسيه. وهذه الأعداد لها تبعات عظيمة ومعقدة على الأسرة وبقيه المجتمع.

والمشكلة تنتشر بشكل كبير في بلدان الخليج العربي والشمال الإفريقي... فأحدث الإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية تؤكد إن عدد المعاقين في مصر في تزايد مستمر وانهم يمثلون حوالي 13% من إجمالي عدد السكان منهم حوالي 73% من أصحاب الإعاقة الذهنية... من هنا طرحت بشدة فكرة اللجوء إلى إصدار قانون يشترط على المقبلين على الزواج إجراء كشف طبي إجباري للتأكد من خلو الزوجين من أي أسباب صحية تعرض أطفالهما للتشوهات... وهو القانون الذي فرضت مثله كل من السعودية والأردن ومن المنتظر تعميم التجربة في أنحاء الوطن العربي .

وعليه يمكن لأي مجتمع الوقاية من الأمراض الوراثية كما هو الحال في معظم الأمراض الأخرى. وتنتشر الأمراض الوراثية كما سبق التوضيح نتيجة لثلاثة عوامل وهى: زواج الأقارب ووجود أمراض الدم الوراثية وتقدم عمر أحد الوالدين، و قد يكون أحد الوالدين مصابا بأحد هذه الأمراض وبالتالي يمكن أن ينقله إلى بعض الأبناء . بينما في أحيان أخرى يكون كلا الوالدين في صحة جيدة، ولكن يحملان عوامل وراثية (جينات) غير سوية. عند انتقال عاملين وراثيين (جنيين) غير سويين من كلا الوالدين إلى أطفالهما، فمن المحتمل أن يصاب هؤلاء الأطفال بمرض وراثي. وفي بعض الحالات يمكن أن تقتصر الإصابة بالمرض الوراثي على الذكور فقط على الرغم من عدم إصابة الوالدين بالمرض، وذلك لأن الأم حاملة لأحد العوامل الوراثية (الجينات) غير السوية دون أن يظهر عليها المرض. وهنا يجب توخي الحذر في تناول الموضوع بسهولة أو إهمال فذلك لن يترك أثره إلا على الأطفال. ومن هذا المنظور، فإن التوعية الصحية بهذا الشأن لا بد أن تتحول إلى إلزام أي رجل وفتاة يعزمان على الزواج وهذا بالتأكيد يأتي ضمن مسؤوليات وزارة الصحة التي لا بد أن تقوم بدورها في توعية المجتمع إلى جانب الإعلام والجهات المتخصصة الأخرى.

عودة لصفحة الفحص الطبي قبل الزواج

عودة لصفحة الزواج وأخواته