السياحة في لبنان

يقع لبنان على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وسط قارات العالم الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا. وقد أعطاه هذا الموقع أهمية ممتازة منذ القدم، فكان ولا يزال نافذة الشرق الأوسط على البحر الأبيض المتوسط والباب الذي تدخل منه حضارات المتوسط إلى الشرق العربي. فهو بذلك ميدان التفاعل الاقتصادي والحضاري بين الشرق وعالم المتوسط، ويضطلع بدور الوسيط بينهما، لذلك فقد ازدهرت فيه العلوم والحضارات منذ القدم ومنه انتشرت إلى أرجاء المنطقة الممتدة على طوال السواحل المتوسطية.

ويثبت التاريخ أن لبنان كان منذ أقدم العصور ملتقى شعوب كثيرة من المناطق المجاورة ومن حوض البحر المتوسط، هذه الشعوب التي استقرت فيه أو مرّت فيه تركت لها في أرجائه آثاراً أو حضارات دلت على وجودها وأهم المناطق الأثرية التي تدل على ذلك مدينة بعلبك التي تعتبر جميعها منطقة أثرية مليئة بالكنوز والآثار الرومانية والإسلامية القديمة. وعلى الساحل نجد مدينة صور التاريخية التي تعد عاصمة الفينيقيين القدماء منها انطلقوا نحو كافة أرجاء البحر المتوسط، وكذلك مدينة جبيل (بيبلوس) الساحلية في الشمال.

أرض لبنان عبارة عن سهل ساحلي على البحر، ضيق في الوسط متسع في الشمال والجنوب تحيط به الجبال من الشرق وهي تؤلف ما يعرف بسلسلة جبال لبنان الغربية وأعلى قممها في الشمال قمة القرنة السوداء في جبال المكمل وارتفاعها 3028 م وهي مكللة بالثلوج طيلة أيام السنة، تليها قمة قمم الميزاب فظهر القضيب. تنحدر هذه السلسلة من الجبال باتجاه الشرق نحو سهل البقاع الواسع الذي يفصل السلسلة الجبلية الشرقية عن السلسلة الجبلية الغربية. ويتميز سهل البقاع باتساع في الشمال إلى أن يضيق في الوسط ثم يتسع باتجاه الجنوب مشكلاً سهل مرجعيون. وفي لبنان عدة أنهار أشهرها نهر الليطاني الذي ينبع من جنوبي سهل البقاع باتجاه الجنوب بطول 160 كلم (وتعمل الدولة الصهيونية اليوم على استغلال مياهه) وكذلك نهر العاصي الذي ينبع في شمالي سهل البقاع من هضبة بعلبك في مغارة الراهب ثم يتجه شمالاً فيخترق سورية ويصب في البحر المتوسط إلى الشمال من انطاكية وطوله 570 كلم. ومن الأنهار الأخرى في لبنان: نهر الزهراني ونهر الأولي ونهر الدامور ونهر إبراهيم وهي بمعظمها صغيرة تصب على الساحل المتوسطي.

ويعتبر مناخ لبنان جميلاً إذ إنه معتدل لطيف صيفاً فوق الجبال وحار على السواحل (ملاحظة في لبنان لا يبعد الجبل عن الساحل سوى مسافة بسيطة تتراوح بين 10 ـ 15 كم) وهو وغزير الأمطار التي لا تهطل إلا في الشتاء وتغطي الثلوج غالبية الجبال اللبنانية بالإضافة إلى المناطق الداخلية في سهل البقاع فهو يمتاز بموسم سياحي شتوي مميز لهواة الثلج والتزلج في الشتاء وللسباحة والتمتع بالجو الرائع صيفاً.

لبنان بلد سياحي من الطراز الأول ولديه من المقومات السياحية المتميزة ما يؤهله ليكون في مقدمة مقاصد الجذب السياحي في الوطن العربي وعلى الصعيد الدولي أيضا.

وتستند مقومات الجذب السياحي إلى طبيعة خلابة ومناخ معتدل وإرث حضاري عريق ووعي سياحي متأصل لدى المواطن اللبناني المعروف بكرمه وبشاشته وجاهزيته لاستقبال الضيوف وإكرام وفادتهم وإدخال المتعة والفرح إلى قلوبهم، ناهيك عما يتميز به وبجدارة المطبخ اللبناني الشهير بأطباقه التقليدية التراثية وبتنوعه ليقدم أيضا بامتياز كل أطباق الشرق والغرب.

ولبنان بلد سياحة الفصول الأربعة، ففي الشتاء تعتبر منطقة الأرز التي تزخر بمواقع طبيعية وتاريخية كثيرة مركزا رئيسيا لرياضات التزلج على الثلج حيث تكثر مسارب التزلج الطبيعية وتحتفظ المنطقة بثلوجها نحو خمسة أشهر.

وفي الصيف تحفل منطقة الجبل بأجمل مرابع ومنتجعات ومراكز الاصطياف الشهيرة التي تستقطب سنويا مئات الآلاف من السياح خاصة العرب، حيث يتجدد موسم الاصطياف سنويا بالمهرجانات والاحتفالات وغيرها من فعاليات الترفيه والمتعة.

كل ذلك تخدمه بنية سياحية عامرة بكل ما يلبي رغبات وأذواق السياح والمصطافين، ومن شماله إلى جنوبه تزدحم مدن وبلدات وضيع لبنان بالمواقع الطبيعية الجميلة وبالآثار التاريخية القديمة وبكل أنواع الجذب السياحي مع خدمات سياحية عريقة ومتطورة.

ويجد السائح أفخم الفنادق والمنتجعات والمطاعم والكازينوهات والمسارح ودور السينما مع خدمات مساندة متطورة كخدمات الاتصال والليموزين وخدمات النقل بالإضافة إلى توافر أحدث المرافق الرياضية والطبية والثقافية ومراكز التسوق الفاخرة والمتعددة.

أهم مميزات لبنان:

التعليم والثقافة: باعتبارها أساساً للارتقاء الاجتماعي ولتحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ونظراً إلى ما للمؤهلات العلمية والمهنية من دور في تكريس وضعية الأفراد في المجتمع، والحضري يميل إلى تثقيف نفسه أيضاً، ونظراً إلى الترابط الوثيق بين مستوى الإنسان التربوي (بالمعنى الواسع المتكامل) وقدرته على العمل أو الانتاج فإن الاستثمار في الإنسان أثبت أنه الأرجح والأجدى. ولبنان كان مدرسة الشرق الأوسط وجامعته وقدم إلى الأمة العربية كما للفرانكفونية الكثير من الأساتذة والأطباء والمهندسين والمحاميين والشعراء... لذلك حافظ لبنان على قوة جامعاته مدة طويلة وكان بمثابة دعامة اقتصادية ولا يزال. وإذا ما أدركنا أن قسماً من الأشخاص المثقفين والمتعلمين يعمل خارج لبنان ويحول جزءاً من مدخوله من العملة الصعبة إلى أهله ووطنه ندرك أن هذا المدخول إحدى دعائم الاقتصاد.

صحيح أن قطاع التعليم شهد تدهوراً نوعياً واضحاً بفعل الحرب وذلك لعدم وجود الرقابة ولأن بعض المؤسسات التربوية اعتمدت كتباً غير منهجية، إلا أن المسؤولين في العهد الجديد أولوا المركز العلمي للبحوث الأولوية ومنحوه الصلاحيات اللازمة لإطلاق مناهج تعليمية جديدة تساعد في رفع المستوى العلمي والتربوي أسوة بالدول المتقدمة.

السوق النقدية والمالية: تأكد نظام المنافسة الحرة والمبادرة الفردية في لبنان في أوائل الخمسينات. وقد أقرت السلطات اللبنانية النقاط الآتية:

1.   حرية الصرف والتحويل.

2.   السرية المصرفية.

3.   الحساب المشترك

4.   الإعفاء من الضرائب على فوائد حساب التوفير.

5.   ضمان الودائع.

وقد أدى الانفتاح الاقتصادي إلى تطور الجهاز المصرفي وامتداد شبكة موزعة وازدياد حجم موارده وتوظيفاته في الداخل والخارج. فاتخذ لبنان عندئذ دور الوسيط بين البلدان الصناعية والأسواق المالية من جهة والمنطقة العربية من جهة أخرى.
الأحداث الدموية التي شهدتها البلاد لم تغير في الخصائص الأساسية التي تتميز بها مختلف المجالات الاقتصادية بل على العكس، فإن التشريعات التي أقرت والمؤسسات التي أنشئت شددت على أهمية تطوير السوق النقدية والمالية وتنميتها، كما يظهر ذلك في الدعم المقدم إلى القطاع المصرفي وتقوية مجموعة المصارف المتخصصة وضمان الأموال الموظفة ضد أخطار الحرب.

لبنان المركز السياحي:

السياحة هي القطاع الأسرع نمواً في لبنان وذلك بفضل نشاط المجلس الوطني للسياحة وفعاليته وهو منظمة خاصة انتقلت إلى سلطة الدولة، وشجعت الحكومة اللبنانية إلى حد بعيد تطور هذا النشاط عن طريق تشجيع قيام شبكة من الفنادق الراقية الرفيعة المستوى. يضاف إلى هذا كله المناخ الطبيعي الممتاز التي تتميز به كافة المناطق اللبنانية ساحلاً وسهلاً وجبلاً. فلكل رواده ولكلٍ أهله، وأما في الشتاء فتزدهر السياحة في موسم التزلج على الثلوج في الجبال العالية خاصة في منطقة الأرز في جبال المكمل في الشمال وفي فاريا وعيون السيمان في المتن في جبل لبنان.

كما تكثر المهرجانات الصيفية التي تقيمها البلدات والمدن في كافة المناطق اللبنانية فمن مهرجان صور إلى مهرجانات عالية وبحمدون ومهرجانات مدينة جبيل وقد توج مسلسل المهرجانات عام 1998 بإعادة مهرجانات بعلبك التي توقفت مع بدء الحرب اللبنانية. فاستقطبت فرقاً ومسارحاً من أوروبا فعادت إلى مدينة الشمس مكانتها الثقافية والسياحية الرفيعة.

الإنماء والإعمار:

بعد حلول السلام في البلاد تواجه لبنان تحديات هائلة، لا تطاول هذه التحديات إعادة تعمير البنى التحتية المدمرة وإعادة تأهيل المؤسسات العامة وأجهزة الدولة فحسب، بل أيضاً قدرة البلاد على أخذ مكانها بين الدول المتنافسة في الوقت الذي تلوح فرص حقيقية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.