بيروت

أقيمت بيروت على كتف الساحل الصخري في وسط لبنان، في موقع استوطنه الإنسان منذ العصور الحجرية القديمة، وفي أواسط الألف الثاني قبل الميلاد كانت بيروت مدينة ملكية ورد ذكرها في رسائل تل العمارنة الشهيرة.

غير أن دورها بقي محدودا ولم يبرز إلا بعد أفول نجم المدن الفينيقية الأخرى كصيدا وصور وجبيل، ولا سيما بعد أن أسكنها الرومان فيلقين من قدامى جنودهم وحولوها عام 15 قبل الميلاد إلى مستعمرة يتمتع أهلها بالحقوق عينها التي يتمتع بها مواطنو روما.

وما لبثت أن أصبحت مركزا لتدريس القانون، فأقيمت فيها مدرسة حقوق شهيرة أسهم أساتذتها ومشترعوها في وضع الدستور اليوستينياني الذي يعتبر في أساس الدساتير المعاصرة.

وبعد خرابها عام 551 م على أثر الزلزال العنيف الذي ضرب المنطقة في ذلك الوقت فقدت المدينة أهميتها وبقيت في حالة من الركود حتى الفتح الإسلامي، وفي العام 1109 احتلها جيوش الصليبيين الذين حولوها إلى إقطاع خاضع لمملكة القدس اللاتينية وبقيت في قبضتهم حتى العام 1219 تاريخ إخراجهم على يد المماليك ثم دخلت بعد العام 1516 في فلك الدولة العثمانية، وعرفت حقبة من الازدهار في ظل حكم الأمير فخر الدين المعني الثاني.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وتفكيك الدولة العثمانية وإنشاء دولة لبنان الكبير أصبحت بيروت عاصمة لبنان الحديث السياسية والاقتصادية والثقافية وبات عدد سكانها اليوم يناهز المليون نسمة.

غير أن الحرب التي ضربت لبنان مؤخرا بين العامين 1975 و1990 دمرت قلب العاصمة الذي يخفي معالم تاريخها القديم والوسيط وحولت مراكز النشاط الاقتصادي فيها باتجاه الأحياء والمدن الأخرى في البلاد.

وتهدف خطة إعادة إعمار المدينة التي وضعت في أوائل التسعينيات إلى تحويل بيروت على مدى 25 عاما إلى مدينة حديثة تغطي مساحة مليون و600 ألف متر مربع وتضم عددا من معالمها التاريخية، كساحة الشهداء ومبنى المجلس النيابي والسراي الكبير، بالإضافة إلى المعالم الأثرية التي استطاعت أعمال التنقيب الأثري أن تكشف عنها.

البنى الرومانية والبيزنطية

مجموعة من خمسة أعمدة تقع بقرب ما كان يعرف بدرج الأربعين إلى يسار الداخل إلى كنيسة مار جرجس المارونية، تم العثور عليها وترميمها عام 1963، وقد كانت هذه الأعمدة جزءا من طريق رومانية رئيسية.

بنية نصف دائرية: تم اكتشافها عام 1963 أثناء حفر أساسات مبنى العازارية مقابل كنيسة مار جرجس المارونية، وقد نقلت أجزاؤها المتبقية ورممت بالشكل التي هي عليه الآن عند مدخل المرفأ إلى جانب جادة الرئيس شارل الحلو.

أعمدة ذات تعتيبات مزخرفة: كانت تشكل جزءا من رواق البازيليكة الرومانية التي تم تعرفها في الأربعينيات بين ساحة النجمة والجامع العمري الكبير. وقد تم نقلها من موضعها إلى حديقة الجندي المجهول تجاه المتحف الوطني.

أرضية من الفسيفساء: تقع خلف أعمدة البازيليكة تجاه المتحف الوطني، وتعود إلى بقايا كنيسة بيزنطية عثر عليها في الخمسينيات في خلدة أثناء إنشاء مطار بيروت الدولي.

البنى الصليبية والمملوكية والعثمانية

جزء من السور الذي كان يحيط ببيروت في عصري الصليبيين والمماليك، وقد تم اكتشافه أثناء الحفريات الأثرية التي أجريت على طول شارع البطريرك الحويك إلى الشمال من شارع ويغان، جزء من القلعة التي كانت تشرف على المرفأ في أيام الصليبيين وكان معظمها قد هدم عام 1860 أثناء العمل على توسيع المرفأ القديم، بيد أن الحفريات الأثرية التي أجريت عام 1995 مكنت من كشف بعض أجزائها التي تظهر بنية ضخمة أدخلت في بنائها أعمدة رومانية بمثابة مرابط.

السراي الكبير: بنى عام 1853 ليكون ثكنة عسكرية للحامية التركية، ثم أصبح في أيام الانتداب الفرنسي مقرا للمفوض السامي، إلى أن أصبح مقرا لرئاسة الوزراء في عهد الاستقلال، وقد رمم مؤخرا وأصبح مقرا لرئاسة مجلس الوزراء.

المستشفى العسكري التركي: وقد أقيم عام 1860 في مقابل السراي الكبير، ثم تحول في عهد الاستقلال وحتى الستينيات إلى قصر للعدل، ويشغله حاليا مجلس الإنماء والإعمار.

برج الساعة: بني عام 1897 على مقربة من السراي الكبير ثم جرى ترميمه عام 1994.

ويمكن متابعة هذه المواقع التاريخية ضمن موقعنا خاصة في زاوية عُثمانيات.