الشعوذة رفيق دائم في حياة الساسة

عندما يريد ساحر عمل تعويذة ما، يصنع شكلا خماسيا، أو بنتاجون باللغة اللاتينية، على غرار حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، لكنّ بخلاف الأمريكيين، فإن الساحر الجيد سيتأكد من أن يوجه بنتاجونه بالطريقة المناسبة لخدمة الجميع، وليس من أجل فعل الشر على حساب المصلحة الخاصة وتدمير كل ما يرمز للخير ومصلحة البشرية.

ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، هو في الواقع نجمة خماسية الشكل يستخدمها السحرة والمشعوذون وترمز إلى رجل واقف يمد رجليه وذراعيه ورأسه مستقيم. ويقوم السحرة عادة بتوجيه الرأس على خط مستقيم مع القطب الشمالي للأرض حيث تتدفق التيارات الكهرومغناطيسية من أحزمة “فان آلان” السحرية المحيطة، حيث يقيم النجم القطبي إلى جانب تنين النجوم الملتفة العظيم، المعروف باسم “كوكبة التنين”، وهكذا، يستطيع الساحر “الجيد” أن يقوم بأعماله السحرية بانسجام مع قوة الطبيعة الإلهية. لكن الساحر الشرير يوجه الرأس على خط مستقيم مع القطب الجنوبي للأرض كي يعكس نظام الطبيعة ويقوم علانية بالإفصاح عن نيته استخدام قواها لمنفعته الذاتية. ورأس مبنى البنتاجون في ولاية فرجينيا الأمريكية موجه نحو الجنوب بشكل سلبي ويتعارض فلكيا مع مصالح الولايات المتحدة والعالم كله، وهو في الواقع صرح سحري بصفة خاصة وجد خصيصا لصب إرهاب السحر الأسود على كوكب الأرض.

وأنشئ مبنى البنتاجون في أوج اشتعال الحرب العالمية الثانية، وبموجب قانون الأمن القومي للعام ،1947 أصبح يضم وزارة الدفاع ووكالة المخابرات المركزية المشكلة حديثا ومجلس الأمن القومي، أي السلطة الحقيقية في الولايات المتحدة التي تعمل يدا بيد مع الشركات الرئيسية في العالم لخلق النظام العالمي الجديد الذي يحلم به آل بوش والآخرون.


الخرافة في البيت الأبيض

يعتبر الرؤساء الأمريكيون من بين أكثر الزعماء تطيرا في العالم، فلم يكن من الممكن أن يسافر فرانكلين روزفلت أبدا في يوم جمعة أو يجلس إلى مائدة تضم 13 شخصا. ويقال أن أبراهام لنكولن كان قد تنبأ بموته قبل أن يتم اغتياله بوقت قصير. وخلال فترة حكم رونالد ريجان استعانت زوجته نانسي بالمنجمة جوان كويجلي التي لم تقدم لهما نصائح فيما يتعلق بالسباق نحو البيت الأبيض فحسب، ولكن أيضا في توقيت اتخاذ القرارات السياسية الكبيرة مثل قصف ليبيا، على سبيل المثال. ومن المعروف أن ريجان كان قد ساند جورج بوش الأب استنادا إلى نصيحة المنجمة التي قامت بدراسة توافق ارتكزت على برجيهما.

ويتمتع رونالد ريجان وزوجته ونانسي بسجل طويل من العلاقة مع المنجمين والوسطاء الروحانيين. ومنذ أن كانا نجمين سينمائيين في هوليوود خلال الخمسينات، كانت تربطهم صداقة حميمة مع المنجم المشهور، كارول رايتر، وأصبحا جزءا رئيسيا من حفلات التنجيم وقراءة الطالع التي كان يقيمها. وفيما بعد قابلا الوسيطة الروحية، جين ديكسون، التي عملت كمستشارة شخصية لنانسي لسنوات. وطالما كانت نانسي أكثر حماسا بشأن الروحانيات والظواهر الخارقة من زوجها، لكن رون لم يبتعد عنها أبدا، فقد كان دائما، خلال منصبه كحاكم ولاية كاليفورنيا ورئيس للولايات المتحدة، يعلن بكل سعادة عن استمتاعه بقراءة طوالع الجريدة وعن اعتقاده بخرافات ووساوس كثيرة خاصة به واهتمامه المتزايد بالشعوذة. وفي السبعينات، وللمساعدة في تمهيد الطريق إلى البيت الأبيض، اتجهت نانسي إلى أصدقائها من المنجمين والوسطاء الروحانيين، بخلاف جين ديكسون، التي تنبأت بأنه لم يكن لدى ريجان فرصة أن ينتخب كرئيس في عام 1967. خلال حملة رونالد ريجان للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات ،1976 اجتمعت نانسي مع المنجمة جوان كويجلي التي عززت توقعات ديكسون بأن ذلك العام لم يكن عام رون السعيد، ولكنها أكدت أنه سيحظى بالمكتب البيضاوي في انتخابات عام 1980 وتمت مناقشة الأوقات الجيدة والسيئة التي أشار إليها رسم التنجيم البياني الخاص برونالد ريجان، وتم تنفيذ بعض من الاقتراحات التي قدمتها كويجلي. وسواء بتنبؤات المنجمين أو بغيره، تمكن ريجان من سحق جيمي كارتر وإدخال نانسي إلى البيت الأبيض أخيرا. في 30 مارس/ آذار 1981 أوشكت محاولة اغتيال التي قام بها جون هينكلي أن تسدل الستار على رئاسة ريجان، وقلبت المحاولة عالم نانسي ريجان رأسا على عقب، ففي أي وقت، يمكن لقوى الشر أن تنتزع منها زوجها وحلمها الثمين ولم يكن بوسعها أن تفعل شيئا للحيلولة دون وقوع ذلك سوى بمساعدة المنجمين. وعلى الفور، قامت نانسي باستدعاء كويجلي التي تحولت من مجرد معرفة عارضة قدمت مساعدتها أثناء الحملة الانتخابية، إلى حارس شخصي لا يمكن الاستغناء عنه لتحديد مصير رونالد ريجان.

بمجرد أن تعافى ريجان من إصابات الطلق الناري، أصبحت نانسي منكوبة بالخوف كلما ترك ريجان البيت، والذي زاد من خوفها لعنة “سنة الصفر الشريرة”، التي تفترض أن يموت كل رئيس أمريكي يتم انتخابه، خلال دورة 20 سنة منذ ويليام هاريسون، في سنة تنتهي بالصفر. وكانت محاولة الاغتيال في نظر نانسي كدرس صارم يشير إلى أنها فشلت شخصيا في اتخاذ الإجراءات اللازمة التي كان يمكن أن تحمي “روني”، وأصرت ألا تترك زوجها مكشوفا لهذه الأخطار المتوقعة ثانية أبدا.

كتبت نانسي في مذكراتها أنه بعد 30 مارس/آذار ،1981 أصبحت غير مستعدة للمجازفة بأي شيء، فالقليل من الناس هم الذين يستطيعون إدراك معنى أن يتعرض شريك الحياة لموت محقق، وخصوصا إذا كان عليه أن يتواجد باستمرار ضمن حشود ضخمة تتكون من عشرات الآلاف من الناس بشكل مكشوف، ومن الممكن أن يكون فيها أي أحد من المجانين المسلحين بمسدسات. وواجهت نانسي موجة عارمة من الانتقادات والسخرية بسبب توجهها إلى التنجيم، لكن بعد فترة وصلت إلى مرحلة لم تهتم فيها لآراء الآخرين، فهي كانت ستفعل أي شيء في استطاعتها لحماية زوجها و إبقائه على قيد الحياة.

وأصبح من عادة نانسي الاتصال بالمنجمة كويجلي مرة أو مرتين في الشهر لمناقشة تفاصيل جدول رون وتنفيذ جميع توصيات المنجمة لضبط أوقات أعماله. وكانت نانسي تقوم بتحويل هذه التوجيهات إلى مايكل ديفر، صديق العائلة الحميم الذي لم يناقش تلك الطلبات الغريبة وقام بعمل جيد في الحفاظ على سرية مصدرها، وخوفا من قيام موظفي البدالة في البيت الأبيض بالتنصت على تلك المحادثات الهاتفية مع كويجلي، أمرت نانسي بتركيب خطوط هاتف خاصة حتى تتمكن من محادثته. وبحسب مسؤولين سابقين، أعرب كل من مكتب التحقيقات الفيدرالي، إف بي آي، ووكالة المخابرات المركزية، سي آي إيه، عن قلقهما من أن عناصر جهاز المخابرات السوفييتية، كيه جي بي، ربما تمكنوا من الاستماع إلى محادثات نانسي مع كويجلي، وجمعوا معلومات مهمة عن أعمال الرئيس المنتظرة، ولكن لم يظهر حتى الآن أي دليل على صحة هذا الاحتمال.
وفي البداية، كان تأثير كويجلي على جدول ريجان سرياً جدا لدرجة أن ريجان نفسه لم يكن يعلم به، فقد كانت نانسي تنفذ نصائح كويجلي بدون إخبار رون لمدة أشهر، لأنه كان من الصعب إثارة الموضوع معه، كما جاء في كتابها. إلى أن دخل عليها أثناء جلسة تليفون مع كويجلي فأخبرته بالأمر، لكنه حذرها من الإحراج الكبير الذي سيتسبب به في حال فضح الأمر. وكما لو أنه كان يملك بعض القدرة على التنبؤ، كان ريجان محقا في تحذيره، حيث عمد دونالد ريجان، خليفة مايكل ديفر في تنفيذ أوامر نانسي وتوصيات الأبراج، والذي لا يمت للرئيس رونالد ريجان بصلة، إلى كشف غطاء كويجلي في النهاية، فهو لم يكن مطيعا ومذعنا للأوامر مثل ديفر واعتقد أن الأمر مهين بشكل غير عادي أن تخضع الرئاسة إرضاء لشيء بمثل سخافة التنجيم والوسطاء الروحانيين.