بعض اهالي بغداد يعتقدون ان رجلاً زاهداً ألقى نواتها في الارض

المعروف ان حالة التوائم تشمل الكثير من المخلوقات، حيث هناك نساء ولدن اكثر من اربعة توائم، وايضاً توجد حالة التوائم لدى بعض الحيوانات، ولكن ان تكون نخلة من جذع  واحد ولها ثلاثة رؤوس مثمرة، فهذه الحالة نادرة وفريدة من نوعها.

في منطقة الحرية في العاصمة العراقية بغداد وجدت هذه النخلة، حيث ذهبت “الخليج” إلى جيران “النخلة الثلاثية” لتعرف تفاصيل حكايتها. وقالت الحاجة كميلة عبود احدى الساكنات قرب النخلة :  ان هذه النخلة الموجودة حالياً في بغداد هي في الاصل نواة تمر ألقاها في الارض أحد رجال الدين الزاهدين والذي لديه كرامات عديدة ضمنها له الخالق عز وجل. وكان يتخذ من جانب النخلة سكناً له في داخل احد الاكواخ القديمة، وذلك في بداية الثلاثينات من القرن الماضي. وبعد فترة كما حدثتني والدتي نمت هذه النخلة وطرحت التمر رغم قصرها وقبل اكتمال نموها، لكن ببركة هذا الرجل الصالح اصبحت النخلة مكتملة والتمر الذي تطرحه يوزع  على فقراء المسلمين، وكانت هذه المنطقة في السابق محطة للمسافرين، ونقطة التقاء بين المحافظات وبغداد، وكان كثير من المسافرين عندما يصلون ليلاً إلى هذا المكان يلجأون إلى ذلك الرجل الصالح لغرض ايوائهم. فيقدم لهم التمر الذي تنتجه هذه النخلة، وكان التمر لدى هذا الرجل الصالح لا ينفد وكل زائر يقدم له هذا التمر يشفى من أي مرض.

وأضافت الحاجة كميلة: في احدى الليالي قدمت عربة للمسافرين تجرها خيول، وأرادوا ان يستريحوا، فلم يجدوا احداً يأويهم سوى الرجل الصالح فاستضافهم  وقدم لهم التمر والماء، وهم رجل وامرأة ومعهما سائق العربة. وعند انتصاف الليل بدأ الاضطراب والقلق على المرأة فاراد الرجل الصالح ان يعلم  سبب اضطراب المرأة، فالتجأ إلى حائط الكوخ وهو في الخارج، لان في داخله ضيوف فنام فترة قليلة وكانت هذه الحالة من عاداته عندما يأتي اليه ضيوف، فيرى في المنام وبقدرة الله سبحانه وتعإلى ما هو هدف زيارة الشخص الزائر وفي تلك الليلة رأى في المنام اسداً يريد ان يفترس المرأة ولا يوجد جنبها من يحميها فجلس من النوم فزعاً وعلم ان المرأة ليس لديها اولاد وهي تهدف لزيارة قبر الامام موسى  الكاظم “رضي الله عنه” لغرض الدعاء وتقديم النذر لله تعإلى لكي يرزقها بالاولاد. وفي الصباح وقبل خروج الضيوف، أكد لهم الرجل الصالح بانها يجب ان تكثر من الصلاة لله تعإلى والدعاء وان تبيت عنده ليلة اخرى فاستجاب الضيوف لذلك وبدأت المرأة الصلاة والدعاء طوال  الليل،  وفي تلك الاثناء كان الرجل الصالح يصلي ويدعو الله لتلك المرأة حتى أخذه النوم. وفي اثناء ذلك رأى المرأة تحميها ثلاث اشجار من ذلك الاسد الذي رآه في المنام في الليلة السابقة وعندها جلس من النوم وهو يحمد الله ويشكره على استجابته لدعائه، فأخبر الضيوف بأن المرأة سوف تلد ثلاثة توائم فلم تصدق المرأة ذلك من شدة الذهول، وسألته: اين الدليل؟ قال لها عندما تعودين بعد اسبوعين من الزيارة للذين تزورينهم سترين الدليل عندي فذهبت المرأة مع زوجها ثم عادا بعد اسبوعين وهي المدة المقررة للطريق وفي لهف دخلت المرأة على الرجل الصالح، وقالت له : اين البشرى التي وعدتني بها؟ فأخذ بيدها وذهب بها إلى النخلة حيث وجدت وبقدرة الله قد نبتت فيها ثلاث فسائل صغيرة جداً وهو امر حدث لكي تعلم المرأة صدق الرجل الصالح، وعندها قامت المرأة  مع زوجها بذبح عدد من رؤوس الاغنام ووزعاها للفقراء اكراماً لله تعإلى.

انتشار القصة: منذ ذلك الحين علم الناس بهذه القصة فبدأوا يتوافدون على النخلة وهي تكبر في اليوم الواحد ما يعادل نمو بقية النخيل خلال شهر، والناس تجتمع قربها وهم يسبحون لله ويمجدونه اضافة إلى ذلك يقيمون المواليد الدينية والمديح للرسول صلى الله عليه وسلم. وكل صاحب نذر يأتي إلى النخلة ويأكل من ثمرها وفي احد الايام ودع الرجل الصالح اهل الحي الذين تكاثروا للسكن قرب النخلة وقال لهم  اني راحل إلى الله ولن اعود فاحرسوا النخلة. وذهب الرجل إلى الحج ثم اختفى.

ومنذ ذلك  الحين والنخله تطرح التمر الذي يوزع مجانا لفقراء المسلمين.

وفي بداية الحرب العراقية الايرانية 1980-1988 توقفت هذه النخلة عن طرح الثمر بقدرة الله سبحانه وتعالى. ولكن الناس ظلوا يتوافدون عليها للبركة. وقد انتشرت البيوت السكنية حولها. وكما نرى الان فالبيوت بجانب النخلة واهل الحي يدافعون عنها لان بعض المغرضين في زمن النظام السابق حاولوا قطعها، فأدى ذلك إلى غضب السكان ثم حدثت معركة، فهرب المعتدون وبقيت النخلة شامخة كشموخ العراق العظيم.

نذور: اما الحاج حسن البنا وهو احد الساكنين في تلك المنطقة يقول:

ان هذه النخلة مباركة حيث زرعت بأيدي رجل مؤمن من الزاهدين ونمت وكبرت وتفرعت بقدرة الله سبحانه تعإلى وطرحت انواع التمر الذي اطعم كثيراً من فقراء المؤمنين. وكان كثير من الناس البسطاء يأتون إلى هذه النخلة ومعهم طعامهم وشرابهم وخاصة اوقات الغروب حيث يجتمعون هم وكثير من العائلات لغرض التمتع بمنظر هذه النخلة. وكان في السابق كثير من الرجال الميسورين يوزعون الطعام والمال على الفقراء في هذا المكان لاعتقادهم بأنه مكان مبارك، وهناك نساء لا يستطعن الانجاب يأتين بالنذور والشموع و”الحناء” لغرض التضرع إلى الله سبحانه وتعإلى واقامة صلاة الرزق قرب هذه النخلة لاعتقادهم بأنها مباركة.

وأما تفرعها، فقد قال كثير من رجال الدين والصالحين على ان هذا حدث بقدرة الله سبحانه وتعإلى وهو دليل للناس على ان الله يرعى الصالحين من عباده ويقدم الدليل على صدقهم.

وأما الاكاديميون من رجال الزراعة الذين زاروا هذه النخلة اكدوا ان هذا التفرع هو من النوادر التي تحدث في النخل ولم يروا بحياتهم نخلة تفرعت  هكذا.

وأضاف الحاج حسان إن اهل المنطقة لا يزالون يحافظون على هذه النخلة، خاصة من المخربين، حيث تعرضت مرات عدة لمحاولات اللصوص الذين كانوا يرومون قطع فروع هذه النخلة، ولا نعلم ما السبب الذي يدفعهم إلى ذلك. لكننا منعناهم من تحقيق افكارهم الدنيئة وهي الان نقطة دالة على تاريخ المنطقة وقدرة الله بخلقه.

وتقول فريدة عبد الحسين: امي ولدتني قرب هذه النخلة، وكانت امي قد بقيت عشرة اعوام لم تلد لانها كما يقول الاطباء عقيمة، لكن والدتنا لم تيأس من قدرة الله سبحانه وظلت تراجع الاطباء. وعندما نصحها بعض الاهالي بأن تزور الاولياء والصالحين والدعوة في تلك المزارات، فعلت ذلك حتى أشاروا لها ان تذهب وتقدم النذور لله تعإلى وتشعل الشموع عند هذه النخلة، فظلت والدتي تفعل ذلك اسابيع في كل يوم خميس إلى ان استجاب الله سبحانه إلى دعوة والدتي ثم حملت فانجبتني. وظلت والدتي تذهب كل اسبوع إلى تلك النخلة لتشكر الله سبحانه وتعإلى وتنظر اعاجيب خلقه وقدرته العظيمة حتى توفيت قبل سنوات.  وما زلت انا ازور هذا المكان كلما سنحت لي الفرصة.

أما المهندس الزراعي يعقوب حسين يقول:

بعض المرات يقف العلم موقف المتفرج من بعض الظواهر التي تحدث في النباتات، لاننا كمسلمين نعلم قبل كل شيء قدرة الله سبحانه وتعإلى في خلقه، وهذا ما حدث بالنسبة لنخلة (الحياة) التي ينجح العلم في تحليل جذورها ويستطيع ان يهجن ويزيد عدد الفسائل بعملية التطعيم  بعدما يصبح طول الجذع ثلاثة إلى أربعة امتار. وتبدأ عملية التركيب بإحداث شق صغير في جذع الشجرة ثم يأتي بالفسيلة الصغيرة ووصفها بطريقة علمية بحيث تنمو ويتلاصق جذر الفسيلة (النخلة الصغيرة) مع الجذع الرئيسي للنخلة. وفي هذه الحالة يكون الناتج نخلتين في نخلة واحدة. وهذه العملية لا تنطبق على هذه النخلة لانها وبفعل الطبيعة والرياح التي حملت بذور ولقاحات لبعض النخيل ثم التصقت كما تحدثنا عن عملية التركيب (التطعيم) ثم كبرت بعد سنوات وحدثت تلك التفرعات. اذن حكمة الله سبحانه وتعإلى تدخلت في تلك النخلة ولا نستغرب من ذلك لانه قادر على كل شيء.