إبن الرومي
221 - 283 هـ / 836 - 896 م


علي بن العباس بن جريج أو جورجيس، الرومي.
شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي، رومي الأصل، كان جده من موالي بني العباس.
ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً قيل: دس له السمَّ القاسم بن عبيد الله (وزير المعتضد) وكان ابن الرومي قد هجاه.
قال المرزباني: لا أعلم أنه مدح أحداً من رئيس أو مرؤوس إلا وعاد إليه فهجاه، ولذلك قلّت فائدته من قول الشعر وتحاماه الرؤساء وكان سبباً لوفاته.
وقال أيضاً: وأخطأ محمد بن داود فيما رواه لمثقال (الوسطي) من أشعار ابن الرومي التي ليس في طاقة مثقال ولا أحد من شعراء زمانه أن يقول مثلها إلا ابن الرومي.

ضحك الربيعُ إلى بكى الديم

وغدا يسوى النبتَ بالقممِ

ضحك الربيعُ إلى بكى الديم

خُضْراً، وأزهرَ غير ذي كُمَم

من بين أخضرَ لابسٍ كمماً

فكأنَّه قد طُمَّ بالجَلم

متلاحق الأطراف متسقٌ

متأرّجُ الأسحار والعتم

مُتَبلِّجِ الضَّحواتِ مُشرِقها

والطيرُ فيه عتيدة ُ الطِّعَم

تجد الوحوشُ به كفايتَها

وحمامُه تَضْحِي بمختصم

فظباؤه تضحى بمنتطَح

ياقوتُ تحت لآلىء ٍ تُؤم

والروضُ في قِطَع الزبرجد والـ

هاتيك أو خيلانُ غالية ٍ

طلٌّ يرقرقه على ورقٍ

فغدا يهُزُّ أثائثَ الجُمم

وأرى البليغَ قُصورَ مُبْلغِه

هارُ حسبُك شافَيْى قَرَم

والدولة ُ الزهراءُ والزمن الـ

صيف يكسعه لكالهرم

إن الربيعَ لكالشَّباب وإنْ

نُعمانَ أنتِ محاسنُ النِّعم

أشقائقَ النُّعمانِ بين رُبَى

آلاء ذى الجبروت والعظم

غدتِ الشقائقُ وهْي واصفة

ليُرين كيف عجائبُ الحكم

تَرَفٌ لأبصارٍ كُحلنَ بها

وتُضيءُ في مُحْلَوْلك الظُّلمِ

شُعَلٌ تزيدك في النهار سنًى

لم تشتعل في ذلك الفحم

أعجب بها شعلا على فحم

ما احمرَّ منها في ضُحَى الرَهَم

وكأنما لُمَعُ السوادِ إلى

نَهلت وعلّت من دموع دم

حَدَقُ العواشق وسِّطَتْ مُقَلاً

تُزهى بها الأبصارُ في القسم

يا للشقائق إنها قِسَمٌ

إلا تطوّل بارئِ النسم

ما كان يُهدى مثلَها تُحفاً

متهللٌ زجلٌ تحنّ رواعد

في حجزتيْه وتستطير بروقُ

متهللٌ زجلٌ تحنّ رواعد

لم يدر سائقهنَّ كيف يسوقُ

سَدّت أوائلُه سبيلَ أواخرٍ

منه سواعُد ثرة ٌ وعروق

فسجا وأسعد حالبَيْه بدرة ٍ

منه الكُلى ، فأديمُهُ معقوق

وتنفَّستْ فيه الصَّبا فتبجستْ

عنه حقوقٌ بعدهن حقوق

حتى إذا قُضيتْ لقيعانِ الملاَ

فوق الربى ومزادُها مشقوق

طفقتْ رَوَايَاهُ تجرّ مزادَها

حتى تفتَّق نَوْره الْمَرتُوق

وتضاحك الروض الكئيبُ لصوبه

مِسكٌ تضوَّع فأره مفْتوقُ

وتنسمّت نفحاتُه فكأنه

طَرِبٌ تعلّل بالغناء مشوق

وتغرَّد المُكَّاء فيه كأنه

يا حبّذا النرجسُ ريحانة ً

لأنفِ مغبوقٍ ومصبوحِ

يا حبّذا النرجسُ ريحانة ً

رُكّب من رَوْحٍ ومن روح

كأنه مِنْ طِيبِ أرْوَاحِهِ

من لامحٍ للشَّرْب ملموح

يا حسنهُ العين يا حسنه!

ماءُ عُيُونٍ غيْرُ مَطْرُوحِ

كأنَّمَا الطَّلُّ عَلى نَوْرِهِ

وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها

سواداً كأنّ الوجهَ منه محّممُ

وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها

بوّهاجها دون اللثام ملثّم

أظلّ اذا كافحتُها وكأنني

ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ

يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً

وبارُحها المسموم للوجه الطم

ترى الآل فيها يلطمُ الآل مائجاً

أعلى الصفحة

وليلٍ غشا ليلٌ من الدجن فوقَه

فليس لنجم في غواشيهِ منْجَم

وليلٍ غشا ليلٌ من الدجن فوقَه

وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ

عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه

بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ

لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه

كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ

عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ

هو السيفُ الا أنه لا يثلم

يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ

من العيس في يهماء والليل أيهم

نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبة

ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ

تريها الهُدى حدْساً وتنجو برحلهِ

ولكن مَخَبٌّ للركاب ومسعم

له راحة ٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ

فيعوى لها سيدٌ ويضبح سمسم

ينوح به بومٌ وتعزف جِنّة ٌ

فتَنْدَى وتلقَى عمرة ً فتقحَّمُ

يُخال بها من رزّ هذا وهذه

وإما سآمَ الخفض والخفض يُسأم

تعسّفتُه إما لخفضٍ أنالُه

شاهدت في بعض ماشهدت مُسمعة

كأنما يومُها يومان في يوم

شاهدت في بعض ماشهدت مُسمعة ً

قولا ثقيلا على الأسماع كاللوم

تظلّ تلقى على من ضمّ مجلسُها

ضعفى ْ ثواب صلاة الليل والصوم

لها غناءٌ يثيبُ اللَّهُ سامعَهُ

عليه بل طلباً للسكر والنوم

ظللتُ أشرب بالأرطال لا طرباً

وصفراء بكرٍ ، لاقذاها مغيَّبٌ

ولاسر من حلّت حشاه مكتَّم

وصفراء بكرٍ ، لاقذاها مغيَّبٌ

وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم

ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

الذّ من البرء الجديد وأنعمُ

مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما

غدا الهمُّ وهو المرهَق المتهضَّم

اذا نزلت بالهمّ في دار أهله

وعشراً يُصَلَّى حولَها ويُزمزَم

أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً

شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ

سقتني بها بيضاءُ ، فوها وكأسها

ترقرق دمعاً ، بل ثغور تبسَّم

ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

مدامعه من واقع الطلّ سُجَّم

يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحِكٌ

لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا

كمستعبرٍ مستبشرٍ بعد حزنه

ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ

ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

سواءٌ وأبريق لديَّ مفدَّم

اذا نصبا جيديهما فكلاهما

لذي اللهو فيها كلها مُتَنَعَّم

ثلاثة أظبٍ نجرُها غير واحدٍ

لتَفتَرَّ عنه في مواطن جَمَّة ٍ

غزال ، وأبريق رذومٌ ، وغادة

أعلى الصفحة