انقلاب ابيض في سورية الشهر المقبل

نقلاً عن جريدة السياسة الكويتيّة في 13/04/2005


افادت مصادر موثوقة " للسياسة " ان رئيس النظام السوري بشارالاسد سيعلن خلال الشهر المقبل وقبل انعقاد المؤتمر القطري لحزب البعث الحاكم انقلاباً ابيض فى سورية يتخلص بواسطته من إرث ابيه القديم وحراس هذا الإرث، ويطلق يديه فى مسؤوليات الحكم متحرراً من كل الاعتبارات العائلية المحيطة به ، وبالذات من تأثيرات خاله محمد مخلوف وابنه رامي مخلوف ، المتوقع ان يطيح بهما الانقلاب ، ويخرجهما من دائرة اتخاذ القرار.


وقالت المصادر ان ترتيبات هذا الانقلاب الابيض قد وضعها الاسد بمعاونة الجنرال عمر سليمان ، رئيس المخابرات العامة المصرية ، الذي استقبله فى مكتبه فى دمشق فى الآونة الاخيرة ولمدة خمس ساعات ، واوضحت ان تعهد الاسد بإحداث هذا الانقلاب وتنفيذه كان شرط الزيارة القصيرة التي قام بها الرئيس الصري حسنى مبارك الى دمشق ، والذي سبق وطالب الأسد باعطائه ورقة إصلاحية سورية كي يتمكن من الدفاع عن نظامه لدى الادارة الأمريكية وفي المحافل الدولية .


واضافت المصادر ان قرارات عدة سيصدرها الأسد ، هي التي ستشكل عناصر الانقلاب الأبيض ، وسيتم بموجبها اقالة مسؤولين كبارا في الدولة ممن يتقلدون مناصب سياسية وعسكرية ومخابراتية ، وسبق والصقت بهم المسؤولية عما آلت اليه الأوضاع الداخلبة في سورية ، وما آل اليه الوضع السورى في لبنان . اضافة الى ان هؤلاء المسؤولين الكبار اعتبروا السبب الرئيسي في توريط سورية في الموضوع العراقي، وتمويل الجماعات الارهابية ، وتهريب الارهابيين الى البلد المجاور عبر الحدود المشتركة ، وكانوا وراء صدور القرارات السياسية التي اتخذت في الآونة الأخيرة ، واخطرها كان قرار التمديد لولاية اميل لحود في الرئاسة البنانية تحت تهديد استعمال القوة ، الى جانب ما نفذه رجال المخابرات منهم من ارتكابات بشعة ، واعتقالات تعسفية طاولت النخب في المجتمع السورى من نواب ، الى اساتذة جامعات وحقوقيبن ... وكانوا يبررون اعمالهم امام الأسد بأنها ضرورية حتى لا يتجرأ أحد في سورمة على التطاول عليه وانتقاده وانتقاد حكمه .

اما في لبنان فقد ارتكب رجال المخابرات هذه اعمالاً تقارب الفظائع بقيادة غازى كنعان وزير الداخلية الحالي ورئيس جهاز الامن والاستطلاع السابق ، وقيادة خلفه من بعده رستم غزالة ، منها اختطاف الناس مقابل دفع الفدية ، وسرقة ونهب ممتلكاتهم وتعذيبهم ، والاعتداء على اعراضهم ، وهي الارتكابات التي اوصلت سمعة النظام السورى الى الحضيض ، واظهرت جيشه الذي كان يحتل لبنان في صورة العصابات وقطاع الطرق والقتلة والمجرمين.


وتذكر المصادر ان الرئيس مبارك كان يلح على الأسد بالإصلاح ، وفي الزيارة الأخيرة ابلغه بالترتيبات التي توصل اليها مع عمر سليمان ، وكان قد وعده بالعمل على إجراء تغيىر شامل وواسع ، يقارب الانقلاب الأبيض . وقالت المصادر ان ممن سيطيح بهم الانقلاب الابيض محمد زهير مشارقة نائب رئيس الجمهورية ، وعبد الحليم خدام ناثب رئيس الجمهورية ، وفاروق الشرع وزير الخارجية ، وغازى كنعان وزير الداخلية ، وبعض الوزراء المتزمتين حزبيا والتقليديين المعادين للغة الحوار، و الرافضين التناغم مع الايقاع السياسي للعالم المعاصر.


الا أن أهم ما سيسفر عنه الانقلاب الأبيض ، كما تقول المصادر، هو إبعاد الأسد لخاله محمد مخلوف ، واخراجه من دائرة اتخاذ القرار، اذ كان يتدخل في كل صغيرة وكبيرة ، ويستخدم صلة القربى للتأثير على الرئيس او تكبيل ارادته ، ووقف اى نشاطات او مصالح لابن خاله رامي محمد مخلوف الذى بسيطر على قطاعات النفط والغازوالكهرباء والماء، وشركات الهواتف المتنقلة ، ووكالات الطيران والشحن ، والمناطق الحرة في مطاردمشق الدولي، وفي لبنان التي يتشارك فيها مع ابن لحود، واحتكاره لفتح مدارس اجنبية في سورية من دون سائر السوريين ، كما ان رامي مخلوف هذا استولى على وكالات تجارية هامة اخذها من اصحابها الاصليين تحت التهديد بالسجن والاعتقال ، او تحت التهديد بالتصفية والقتل، واستولى على اراض عائدة بملكيتها الى المواطنين او الى املاك الدولة ، وتقدر مساحاتها مئات الهكتارات المربعة ، وتتوزع في كل المحافظات السورية ، وتمكن بنفوذه من اخراج صكوك عقارية بها باسمه وباسم والده محمد.


واكدت المصادران الأسد ، بموجب الانقلاب الأبيض الذى سيعلنه ، سيوقف كل هذه التجاوزات الخطيرة التي احالت الوطن السورى الى مزرعة ينتهبها خال الرئيس وابن خاله ، وبمساعدة غسان مهنا عديل محمد مخلوف ، ونزار اسعد ، وسيسمح لابناء الشعب السورى من المتضررين الذين تم الاستيلاء على اراضيهم وعلى وكالاتهم التجارية بالقوة بمقاضاة خاله محمد مخلوف وابن خاله رامي لاسترجاع واسترداد ما سلباه منهم .


وفي هوامش الانقلاب الأبيض قالت المصادر الموثوقه ان الأسد يعتزم محاسبة رستم غزالة ، رئيس الاستخبارات العسكرية في لبنان ، أيام الاحتلال السورى، محاسبة صارمة ، إذ صدر قرار بمنعه من مغادرة الاراضي السورية بحرا او برا او جوا، بعد وضعه في الإقامة الجبرية ، إثر انكشاف ارتكاباته الفظيعة ضد الشعب اللبناني امام اعين رئيس النظام . فقد تبين للأسد ، وكان لا يعلم ، أن رستم غزالة اتبع نهجا منظما في سرقة اموال اللبنانين ، وقام باضطهادهم وتعذيبهم ، والاستيلاء على سياراتهم . وسبق له ان أخذ زوجة احد المواطنين اللبنانيين وقتله ليتخلص منه ، وانجب سفاحا من هذه المرأة طفلا يبلغ الثانية عشرة من العمر الآن . وهذه الارتكابات الفظيعة مارسها غزالة منذ ان كان نائبا لغازى كنعان في المنصب . واكدت المصادر ان الحكومة السورية صادرت من غزالة 33 سيارة وليس 28 سيارة تبين أن بعضها سرقه من مواطنين لبنانيين بقوة منصبه ونفوذه .


وفي جانب الارتكابات هذه تبين للأسد ان غزالة عم بعد التمديد للحود، الى توجيه الاهانات للحريرى، وكان يكذب ويقول له ان الرئيس ابلغني بأنه سيكسر رأس كل من يحاول ان يكسر كلمته ويعترض على قرارالتمديد . وكان أثناء ادلائه بهذه الاهانات يضع مسدسا على مكتبه ، ويقوم بتدويره بإصبعيه ، ثم يمسكه حين تكون فوهة المسدس مصوبة نحو الحريرى، وقد اكتشف الأسد الآن ان غزالة كان يتصرف من عنده ، ومن دون علمه .


وافادت المصادران الأسد ، الذى بلغ غضبه من غزالة حدا لا يمكن الرجوع عنه ، شكل لجنة من إدارة الأملاك العقارية وامرها بالذهاب الى حوران ، مسقط رأسر غزالة ، للتحقيق في كيفية امتلاكه لأراض شاسعة سجلها باسمه وباسم اخوته خلال فترة توليه رئاسة جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورمة العاملة في لبنان . وعلم ان هناك أملاكا أخرى وأراض سجلها غزالة باسمه وباسم اخوانه في بيروت ايضا. الى جانب أن الحكومة السورية تجرى الآن تحقيقات في مصادر امواله التي اودعها في بنك لبنان والمهجر في العاصمة اللبنانية ، حيث كان سلفه غازى كنعان قد فتح حسابا في البنك المذكورقبل 15 سنة .


وتجدر الإشارة الى ان لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريرى تستعد الآن لطلب كشوفات بحسابات كنعان وغزالة وضباط المخابرات التابعين لهما الذين كانوا يتمركزون في شتى مناطق لبنان ، من إدارة بنك لبنان والمهجر التي تشعر الآن باضطراب كبير جراء هذا الطلب .


وكشفت المصادر الموثوقة عن ان حزمة الانقلاب الأبيض تتضمن ايضا قرارات للأسد بحل القيادتين القطرية والقومية لحزب البعث الحاكم ، والغاء الأحكام العرفية والاعتقال التعسفي، وتعديل الدستور لجهة كسر احتكار الحزب للسلطة ، والترخيص للأحزاب ، وتبييض السجون من معتقلي الرأي والمعارضي ، ومنح تراخيص للقطاع الأهلي لاصدار صحافة حرة .

عودة لصفحة الملف الأسود