كلـنـا للـــــوطن            للعـــــلـى للـعـــــلم

مـلء عين الـزمن          سيـفـنـا والـقــــــلم 

سـهلنـــا والجـبــل         مـنــــبـت  للــرجــال

قــولـنــا والـعمــل         في ســبــيـل الــكـمـال

كـلـنــا للــوطــــن         للعــــــلـى للـعـــــــلـم

كـلـنــا للــوطــــن

شـيـخـنــا والفـتـى        عـند صـوت الـوطــن

أســـد غـــاب متى         سـاورتـنــــا الفــتـــن

شـــرقـنــا قـلبــــه         أبـــــــداً لــــبـــنــــان

صـــانــــه ربـــــه         لــمــدى الأزمـــــــان

كـلـنــا للــوطــــن         للعــــــلـى للـعـــــــلـم

كـلـنــا للــوطــــن

بـحــــــره بــــــره         درة الــشـــرقــــــــين

رمــــــزه بـــــــره         مــــالــــئ القـطـبـــين

أســـمـه عــــــــزه         مـنـذ كــان الــجــــدود

مــجــــــــده أرزه          رمـــزه لـلــــخــــــلود

كـلـنــا للــوطــــن         للعــــــلـى للـعـــــــلـم

كـلـنــا للــوطــــن

نظم رشيد نخلة  لحن وديع صبرا 

كلنا للوطن للعــلى للعلم

نشيدنا الذي رافق نمو المشاعر الوطنية وكان واحداً من وجوه النضال الإستقلالي

نشيد المتطوعين في فرقة الشرق

يذكر المؤرخ جوزف نعمة في الجزء الثالث من كتابه «صفحات من لبنان»، أنه سمع من المتطوعين اللبنانيين والسوريين في جيوش الحلفاء الذين دخلوا جبل لبنان، نشيداً عسكرياً حماسياً كان لهم بمثابة نشيد وطني، ومطلعه:

بني وطني أسود الحرب هيا ووقت فخاركم ابـدا تهيا
وعلوا رايــة  الأرز العليا سناها قد بدا نـورا  بهيا
عليكم بالثبات  لدى المواقـع ولا تخشون دمدمة المدافع
فإن الحرب عن وطن يدافـع بدم أو بمـــال يا أخيا

ونظم بعض الشعراء في مطلع القرن العشرين أناشيد تغنت بأمجاد لبنان وطبيعته وأرزه، أنشدتها فرقة موسيقى متصرفية جبل لبنان في ساحة سراي بعبدا ومنشية دير القمر وحديقة رستم باشا. من هذه الأناشيد واحداً نظمه صاحب امتياز جريدة دير القمر نعوم أفرام البستاني ويقول فيه:

أرزتي منيتي علمي الباسق
مجده بغيتي صانه الخالق

 

أناشيد دولة لبنان الكبير

مع إعلان الجنرال غورو دولة لبنان الكبير في أيلول عام 1920، ظهرت قصائد عدة رافقت نمو فكرة السيادة الوطنية. ويوم إعلان الدولة الجديدة نظم الأب مارون غصن نشيداً قدّم في بداية الإحتفال بإعلان لبنان الكبير وفي نهايته. وقد لحّن النشيد بشارة فرزان ثم وضع له بولس الأشقر لحناً آخر. ومطلع النشيد:

لبنان لا تخشى الردى فكلنا تقلدا ليوم الوغى المهندا

ومن الأناشيد في تلك الفترة أيضاً ما نظمه شاعر الأرز شبلي الملاط، ومطلعه:

بنات الأرز غنينا معالي أرزنا العالي
فما منا ولا فين سوى أسد ورئبال

أما يوسف السودا العائد من مصر فنظم نشيداً يقول في بدايته:

انهضوا فتيان لبنان الأشم نحن أبناء المعالي والكرم

ووضع الضابط محمد جواد من أركان معهد الدرك نشيداً عسكرياً أنشده الجنود في مناسبات عدة ويقول فيه:

أنا أبناء الأرز لنا وطن محبوب  نهواه
فالروح له تهدىثمنا والموت يلذ لاعلاه
بدمي أفدي وطناً فيه سفكت من قبل دما الأمجاد

في هذا الجو، حث النائب الشيخ إبراهيم المنذر مجلس النواب على وضع نشيد وطني رسمي أسوة بالبلدان المستقلة. ومما كتبه لمجلس النواب في أحد أيام العام 1924:
«لا يخفى ما للأغاني الوطنية من تأثير في النفوس. وليس في العالم أمة راقية، أو أمة تسعى للرقي، ما لم يكن لها نشيد وطني، يحفظه أبناؤها كباراً وصغاراً، وينشدونه في مظهر قومي وكل ناد أدبي...».

النشيد الوطني

في أيار 1926 كان إعلان الجمهورية اللبنانية، وانتخاب شارل دباس رئيساً لها. وفكرت الحكومة الأولى في عهد الرئيس الجديد في وضع نشيد وطني لبناني، فشكلّت لهذه الغاية لجنة تحكيمية بين الشعراء المتبارين في لبنان وبلاد الإغتراب لإختيار النشيد.

ففي 19 تموز 1926 صدر مرسوم جمهوري عنوانه «مسابقة لاختيار النشيد الوطني اللبناني». وينص هذا المرسوم في مادته الأولى على أن المسابقة قسمان: «مسابقة لإختيار قصيدة عربية تصلح كلماتها للنشيد اللبناني»، و«مسابقة بين مؤلفي الألحان لإنتقاء اللحن الذي يوضع للقصيدة المختارة». أما المادة الثانية فجاء فيها أن لجنة التحكيم المكلفة إختيار النشيد هي برئاسة وزير المعارف العمومية والفنون الجميلة نجيب أميوني وعضوية كل من: الشيخ عبدالله البستاني، جميل بك العظم، عبد الرحيم بك قليلات، الشيخ إبراهيم المنذر، السيد عبد الباسط فتح الله وشبلي بك ملاط»...

في أواخر تشرين الأول 1926 أعلنت نتيجة المباراة فكان النشيد الفائز نشيد الشاعر رشيد نخله الذي وقّع قصيدته باسم «معبد» (اسم مغن عربي مشهور).

وقد نشرت نتيجة المباراة في الصحف التي قدمت رشيد بك نخله مؤلف النشيد الوطني على أنه خطيب مفوه وأديب أصيل وشاعر بالسليقة.

والأناشيد الأخرى

من بين الأناشيد التي قدمت الى اللجنة واسترعت انتباهها قصيدة حماسية لعبد الحليم الحجار وتقول:

الفخر في  بلادنا والعز باتحادنا    وعن ذرى أطوادنا والأرز لا تسل
حبذا لبنان جنة الخلود   مهبط البيان تربة الجدود
يا بني الأوطان عصبة الأسود
إذا دعا داعي  الحمى يثير فينا الهمما
وسالت  الأرض دما وروّع الجبل
أسرجوا الخيول واقرعوا الطبول
واقحموا السهول واحرسوا الجبل

وقد دخل هذا النشيد في ما بعد مجموعة الأناشيد العسكرية والوطنية التي لحنها الأخوان فليفل.
ومن بين هذه الأناشيد أيضاً نشيد للشاعر المهجري مسعود سماحة مطلعه يقول:

موطن الأحرار    موطن الشجعان
آيـة الأدهار   أنت  يا لبنان

الأخطل الصغير كان له نشيد يقول مطلعه:

يا تراب  الوطن   ومقام  الجدود
ها نحن جينا   لما دعينا
بكل غال نجـود

غـير أن الشاعر سحب قصيدته من المباراة بعد أن اعتبر وزملاء له أن لهجتها أشد وقعاً مما يمكن أن يحتمله وضع البلد في ظل الإنتداب.

الى ما ذكرناه ثمة العديد من الأناشيد لشعراء كبار شاركوا في المسابقة ومن بينهم حليم دموس وقيصر المعلوف ومتري المر وحبيب تابت...

تلحين النشيد

بعد إختيار كلمات النشيد الوطني، نشر في صيغته النهائية (الشاعر رشيد نخله عدّل فيه قليلاً بعد فوزه) في الصحف اللبنانية ليتبارى الملحنون في تلحينه. وألفت لجنة تحكيم لاختيار اللحن المناسب، برئاسة وزير المعارف العمومية والفنون الجميلة وعضوية عدد من السيدات والسادة. وفي 12 تموز 1927 صدر المرسوم 1855 الذي نص في مادته الأولى على اعتبار «اللحن الذي وضعه الأستاذ وديع صبرا مدير المدرسة الموسيقية الوطنية في بيروت لحناً رسمياً للنشيد الوطني اللبناني».

وكان سبق ذلك إعلان فوز اللحن الذي وضعه وديع صبرا، ففي 31 أيار 1927 نشرت جريدة لسان الحال الخبر على النحو الآتي:

«كان الفائز في تنغيم النشيد الوطني الموسيقي اللبناني المشهور وديع أفندي صبرا. وقد وضع لهذا النشيد الذي يرقبه الوطنيون نغماً حماسياً مؤثراً يستفز العواطف.

وكان أنه عُزف أمس لأول مرة في نادي مدرسة الحكمة المارونية في أثناء تمثيل رواية على مسرحها برئاسة حضرة رئيس الجمهورية وحضور بعض النواب والوزراء والأعيان. فطرب القوم لهذا النغم الممتاز وسرت في نفوسهم نشوة السرور، سريان الكهرباء في الأجسام، فصفقوا له مراراً واستعادوه تكراراً وتعالى الهتاف: فليحيى الموسيقي اللبناني.

وكفى بأن يكون نغم النشيد الوطني من وديع صبرا هذا الموسيقي الفنان الذي أعجب هواة الفن، والذي يفاخر لبنان بنبوغه وتفوقه».

* استندت معلومات هذا العرض بشكل أساسي الى بحثين، الأول لريمون الكك والثاني لجوزف الياس، وكلاهما في كتاب «مواطن الغد، الحريات وحقوق الإنسان» من منشورات المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم، 1998.