جميع الذين ترجموا للشيخ محيي الدين الخيّاط، أجمعوا على أنه من أشراف آل البيت النبوي الطاهر، فهو ينتمي بنسبه من جهة أبيه إلى سبط النبي عليه الصلاة والسلام، الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.

اسم أبيه السيد أحمد وجده السيد إبراهيم. وعائلة الخيّاط في صيدا من الأُسر المغربيّة التي نزحت من المغرب العربي على أثر النكبات العسكريّة والسياسيّة التي حلّت بالمسلمين هناك، فقد نزلت أكثر هذه الأسر المغربيّة في المدن الساحليّة من بلاد الشام واختارت عائلة الخيّاط مدينة صيدا.

أما من جهة أمه فإن الشيخ محيي الدين الخيّاط ينتمي إلى العنصر الأرناؤوطي، وكانت أمه ابنة الحاج إبراهيم أفندي أحد الضباط الألمان في الجيش الهمايوني العُثماني.

وفي مدينة صيدا أبصر نور الوجود عام 1875م، وفي هذه المدينة العريقة في القِدم، كانت نشأته الأولى حيث إرتشف أولى قطرات العلم، أدخله أبوه في مدارس جمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة فيها، حتى إذا بلغ من عمره السنة السادسة كان قد ختم القرآن الكريم وجوَّده، وأتقن مبادئ اللغة العربيّة، قراءة وكتابة وإملاءً.

وفي سنة 1299هـ تعرضت أُسرته لضائقة مالية خانقة مما أضطر أباه إلى بيع أملاكه في صيدا والانتقال مع جميع أفراد عائلته إلى بيروت سعياً وراء العمل وانتجاعاً للرزق.

وفي بيروت فَقَدَ الشيخ محيي الدين والده، فتعهدته أمه بالحب والرعاية، ويسرت له الدخول في مدارس جمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة في هذه المدينة لمتابعة علمه وتحصيله.

وبقي الشيخ محيي الدين الخيّاط في مدارس جمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة ببيروت مدة خمس سنوات، درس خلالها العلوم التي كانت مقررة في هذه المدارس وهي: النحو والصرف، والفقه، والتوحيد، والجغرافيا، والحساب، والخط العربي بالإضافة إلى اللسان التركي الذي أدخله الاتحاديون إلى جميع مدارس المملكة العُثمانيّة بعد أن خلعوا السلطان عبد الحميد الثاني ووثبوا على الحكم في إسطمبول سنة 1909م.

كان ذلك في الرابعة عشرة من عمره. ونظراً لما أظهره رحمه الله، من النجابة والتفوق في دراسته، فإن جمعية المقاصد الخيريّة الإسلاميّة تعاقدت معه، رغم صغر سنه، وانتدبته للتعليم في مدارسها التي سبق له أن تعلّم فيها، ولعل الشيخ محيي الدين الخيّاط هو أصغر من مارس التعليم في هذه السن المُبكّرة.

إن عمل الشيخ محيي الدين الخيّاط في التعليم بمدارس المقاصد، لم يحل بينه وبين طموحه الفطري ورغبته في متابعة الحياة العلميّة، وطلب المزيد من أسباب المعرفة والثقافة على علماء بيروت في عصره، فكان خلال قيامه بمهمة التدريس، يتردد في أوقات فراغه على العلماء يطلب العلم بين أيديهم، ولما كان ميله متجهاً إلى آداب اللغة العربيّة وعلومها وإلى التفقه بالدين، فإنه لازم الحضور على مواطنه الصيداوي الشيخ يُوسُف الأسير علامة زمانه وعلى الشيخ إبراهيم الأحدب، الطرابلسي، الناظم الناثر المشهور، وبقي ينهل من معينهما حتى ارتوى وبلغ الشأن الذي كان يسعى إليه في اللغة والأدب والفقه الإسلامي.

وإستمرت ملازمته لهذين العالمين الكبيرين خمس سنوات، أما عمله في التدريس فإنه استغرق من حياته زهاء ثمانية عشر عاماً، تخرج خلالها على يديه العدد الجمّ من الطلاب الناجحين الذين أصبحوا فيما بعد نخبة أهل الفكر في بيروت.

لم تكثر سنوات الشيخ محيي الدين الخيّاط خلال رحلته في هذه الدنيا، فإنه لم يكد يقترب من نهاية العقد الرابع من عمره، حتى داهمته وافدة الحمى بمرض التيفوس القاتل، في الثالث من أيام شهر جمادى الأولى سنة 1332هـ، وفي غضون عشرة أيام من نفس الشهر ونفس السنة، وافاه اليقين إذ وضع الموت حداً نهائيًّا لحياته وانتزعه القدر المحتوم من بين قومه وبلده، تاركاً في مكانه الفراغ الكبير الذي لم يستطع سواه أن يملأه.

من مؤلفاته :

◄ دروس في التاريخ الإسلامي (في أربعة أجزاء)

◄ دروس في الفقه (في أحكام الدين والعقيدة)

◄ شرح ديوان الرصافي وترتيبه وتبويبه ، بالاشتراك مع الشيخ مصطفى الغلاييني.