لعل المصدر الوحيد الذي يساعدنا على الوصول إلى ترجمة حياة الشيخ محمد الحلواني هو الشيخ عبد الرزاق البيطار في كتابه (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر) ونسارع إلى القول بأن الذي حمل المؤلف الدمشقي على التنويه بالمفتي البيروتي هو أن هذا المفتي قد اختار لحياته الصالحة أن تنتهي في دمشق وأن يكون مثواه الأخير في ترابها الطاهر.

وفيما يلي ما جاء في كتاب (حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر) تحت عنوان الشيخ محمد بن أحمد الحلواني مفتي ثغر بيروت، قال الشيخ عبد الرزاق البيطار:

شيخ الإسلام ومفتي الأنام، التقيّ الزاهد، والهمام الماجد، نخبة الأئمة الكرام وعمدة السادة الأعلام، المتقن المحقق والمتفنن المدقق، الجامع بين طرفي المعقول والمنقول، والمتضلع في معرفة الفروع والأصول، أخذ عن الفضلاء الأفراد، وشاع ذكره في الأمصار والبلاد، ثم ترك الإفتاء وقدم إلى الشام، واشتغل في الإفادة والطاعة، والصلاة والصيام والقيام ولقد قرأ على سيدي الوالد وتلقى عنه العلوم والفوائد، مات رحمه الله تعالى سنة أربع وسبعين ومائتين وألف ودُفن بجبانة باب الصغير قرب ضريح سيدنا أوس الثقفي رضي الله عنه.

ولخص الشيخ محمد جميل الشطي الكلام السابق في كتابه المسمى (روض البشر في أعيان القرن الثالث عشر) ثم زاد عليه قوله:

كان الشيخ محمد الحلواني عالماً ورعاً تقيّاً لا تأخذه في الحق لومة لائم، وُلي إفتاء ثغر بيروت، وعُزل عنه لحادثة وقعت له مع النصارى، وقد أخذ العلم عن كثيرين، من أجلّهم محدث الديار الشاميّة الشيخ عبد الرحمن الكزبري، وقد انتفع به جمع كثير وجم غفير.

نقول، هذا كل ما وقع تحت أيدينا من كلام المؤلفين في طبقات الرجال عن ترجمة حياة هذا الشيخ الجليل الذي تواضعت أراء الناس باتقان الكلمة على ما كان يتحلى به من طول باعه في العلم وقوة شكيمته في الحق ونزوع نفسه إلى الترفع عن مطامع الدنيا والزهد في غرور الحياة.