MAHMASANI

هذه الصورة مأخوذة في عام 1924

هو الشيخ أحمد بن عمر بن محمد غنيم المحمصاني، أصل عائلته من مصر حيث اشتهرت باسم آل الغنيمي، والمحمصاني هو الاسم الذي اشتهرت به هذه الأسرة في بيروت.

ولد الشيخ أحمد عمر المحمصاني في بيروت حوالي سنة 1290هـ 1873م في بيت علم ودين، كان والده الشيخ عمر المحمصاني يتعاطى تجارة الكتب في المكتبة الحميديّة التي كان هو صاحبها. وكانت هذه المكتبة بمثابة منتدى لأهل العلم من الشيوخ والأدباء والشعراء. وكان روادها هؤلاء يتخذونها مجمّعاً ليتبادلوا ألوان الأحاديث العلميّة، والطرائف الأدبيّة وللتناظر في المسائل الفقهيّة وغير ذلك من أخبار السلف وطبقات العلماء والصلحاء من رجال الإسلام.

ولقد أفاد الشيخ أحمد عمر المحمصاني من ذلك الجو العلمي الذي كان ينشر رواقه على مكتبة أبيه، ومالت نفسه للاندماج في البيئة العلميّة التي كان أبوه واسطة عقدها في مكتبته، فكان حريصاً على ملازمة أهل العلم في مجالسهم. ولما قدم عالم مصر الإمام الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصريّة إلى بيروت حيث فرضت عليه الإقامة الجبريّة بسبب علاقته بالثورة التي قادها أحمد عرابي باشا، ضد عزيز مصر الخديوي محمد توفيق باشا سنة 1882م، لازم الشيخ أحمد مجالس هذا العالِم المصري الكبير التي كان يعقدها في المكتب السلطاني والجامع العمري الكبير وتتلمذ عليه وأخذ عنه مقتبسات علميّة كثيرة.

في سنة 1315هـ 1897م أرسله والده إلى القاهرة حيث ألتحق بالجامع الأزهر الشريف. وأثناء وجوده في مصر تعرّف الشيخ أحمد على العالِم المغربي الكبير الشيخ محمد محمود إبن أحمد بن محمد التركزي الشنقيطي، نسبة إلى شنقيط، موريتانا اليوم، علامة عصره في اللغة والأدب، المتوفى سنة 1323هـ 1904م. وقد تبادل الشيخان العلم وتحقيق بعض كتب التراث الديني.

وعندما كان الشيخ أحمد عمر المحمصاني بطلب العلم في الجامع الأزهر الشريف استرعى الأنظار بعلمه وفضله وإحاطته بأسماء الكتب وموضوعاتها فجرى تعييّنه أميناً للمكتبة الأزهريّة، مكتبة الجامع الأزهر الشريف. ولما عاد إلى بيروت استقبلته هذه المدينة بالترحاب والتكريم وبادرت الحكومة العُثمانيّة إلى تعيّينه مدرساً في مكتب الحقوق العُثماني، حيث تولى شرح مجلة الأحكام العدليّة، وإلقاء المحاضرات في علم أُصول الفقه الإسلامي، وكان ذلك سنة 1332هـ 1913م وعندما أنشأت الحكومة اللبنانيّة سنة 1929م اختارته ليكون من أعضائه، وأسندت إليه رئاسة لجنة المخطوطات في هذا المجمّع. وكان الشيخ أحمد من أعضاء جمعيّة المقاصد الخيريّة الإسلاميّة في بيروت حتى آخر حياته وقد أسندت له الجمعيّة رئاسة لجنة المدارس فيها.

كان الشيخ أحمد عمر المحمصاني صديقاً للقسّ الأميركي كارنيليوس فاندايْك أحد أساتذة الكليّة السوريّة الإنجيليّة، الجامعة الأميركيّة اليوم، وكان هذا يتلقى عليه دروساً في اللغة العربيّة والفقه الإسلامي، كما كان يعقد معه ومع رئيس الكليّة المذكورة الدكتور هوارد بلسّ جلسات يتبادلون خلالها أبحاثاً في اللاهوت وفلسفة الشرائع والأديان، ونتيجة لتوطد أواصر الصداقة بينه وبين هذين الأميركيين ، فإن أدارة الكليّة المذكورة كانت تقيم في كل سنة حفلة خطابيّة في ذكرى المولد النبوي الشريف وتكلفه بإلقاء محاضرة عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام والدين الإسلامي الحنيف في هذه المناسبة. وبقي الشيخ أحمد عمر المحمصاني مداوماً على إلقاء هذه المحاضرة حتى آخر أيامه.

بالإضافة إلى ثقافة الشيخ أحمد الدينيّة فإنه كان يعتبر من أكثر علماء الأنساب وأصول العائلات الإسلاميّة من أهل بيروت وغيرها في البلدان السوريّة.

كان يتمتع بموهبة خطابيّة ملحوظة وقد أستعمل هذه الموهبة في إثارة حماس المسلمين للدفاع عن كرامتهم الدينيّة والذّب عن حياض أوطانهم. وعندما ضرب الأسطول الإيطالي بيروت سنة 1912م وأغرق في بحرها الطرادين العُثمانيين عون الله وأنقرة، وقف في الناس خطيباً وحثهم على الثبات في وجه العدوان الإيطالي الآثم والدفاع عن حرمتة الدين وحرية الوطن. وفي سنة 1356هـ 1938م عندما أحتشد أهل بيروت في جامع البسطة التحتا للمطالبة بالوحدة السوريّة ألقى الشيخ أحمد عمر المحمصاني خطاباً سياسيّاً وطنيّاً رائعاً، ألهب عواطف الناس وجعلهم يتدفقون في تظاهرة عارمة إلى ساحة البرج وهو يهتفون ضد تقسيم البلاد وضد سلطات الإنتداب الفرنسي.

كان للشيخ أحمد عمر المحمصاني مشاركات فعليّة في العديد من المؤسسات اللغويّة والمجامع العلميّة، عندما أسس الشيخ محمد توفيق خالد مفتي الجمهوريّة اللبنانيّة الكليّة الشرعيّة في بيروت سنة 1353هـ 1934م عُيّن الشيخ أحمد أُستاذاً لمادة تفسير القرآن في هذه الكليّة.

وكان الخطيب الراتب وإمام الجمعة في الجامع العمري الكبير ببيروت.

من مؤلفاته :

+خلاصة النحو.

+تحذير الجمهور من مفاسد شهادة الزور، رسالة مطبوعة كتبها سنة 1328هـ1909 م.

+شرح أحكام المجلّة، هي مجلة الأحكام العدليّة التي أصدرتها الحكومة العُثمانيّة في أواخر عهدها.

+تفسير سورة الفاتحة.

ومن الكتب التراثيّة التي حققها واعتنى بنشرها، الكتب التالية وهي:

شرح المعلقات السبع، لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن الحسين الزوزني المتوفى سنة 486هـ 1093م.

الإنصاف في التنبيه على أسباب الخلاف، وهو كتاب يبحث في الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم، ألّفه أبو محمد البطليوسي النحوي الأندلسي المتوفى سنة 521هـ 1127م وقد عني الشيخ أحمد عمر المحمصاني به بالتعاون مع الشيخ أحمد بن محمود الشنقيطي عندما أجتمع به في مصر وقام بطبعه سنة 1319هـ 1901م.

اللؤلؤ النظيم في رَوْم التعلّم والتعليم، لشيخ الإسلام أبي يحيى زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاري السنيكي، ثم القاهري الشافعي المتوفى سنة 925هـ 1519م وهو يذكر أصناف العلوم وحدودها وبذيله تعريف الألفاظ الاصطلاحيّة في العلوم، طبع بمطبعة الموسوعات سنة 1319هـ 1901م في القاهرة.

مختصر جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله، تأليف الإمام المجتهد حافظ المغرب أبي عمر يُوسُف بن عبد البرّ النَّمري القرطبي الأندلسي المتوفى سنة 463هـ 1070م وفي صفحة غلافه: اختصار أحمد بن عمر المحمصاني البيروتي الأزهري.

حجج القرآن، لمؤلفه أحمد بن محمد بن المظفر الراتزي الحنفي، كان موجود سنة 631 هـ 1233م وهو في علم التفسير، طبع بمطبعة الموسوعات بمصر في سنة 132هـ.

فصيح ثعلب، طبع هذا الكتاب في مجموعة الطرق الأدبيّة لطلاب العلوم العربيّة بمصر سنة 1325هـ.

ويقول الفيكونت فيليب دي طرازي في كتابه خزائن الكتب العربيّة ( ج1 صفحة 261 وما بعدها )، تحت عنوان (الخزانة المحمصانيّة) :

أنشأها الشيخ أحمد المحمصاني الذي تخرج في جمعة الأزهر وأشتغل ردحاً من زمانه في در الكتب المصريّة، وقد ورث محبة الكتب عن والده السيد عمر المحمصاني صاحب المكتبة الحميديّة التي كانت ملتقى أدباء بيروت وعلمائها، فاجتمع لديه بتوالي الأعوام خزانة بحثيّة انطوت على زهاء 1600 مجلّد في شتى العلوم والفنون بينها 120 مخطوطاً لا تخلو من النوادر.

كانت وفاة الشيخ أحمد عمر المحمصاني في بيروت سنة 1371هـ 30 تموز 1951م.