البرق والبريد

poste

كانت بيروت وسواحل الشام من أول المدن العُثمانيّة التي مدت فيها الأسلاك البرقية لنقل الأخبار إلى مراكز الدولة العُثمانيّة وإلى البلاد الأجنبيّة ، وقد صدر نظام البرق في عام 1859م ونصت المادة الأولى من هذا النظام على إعطاء الأولويّة والأفضليّة لتجهيزات وبرقيات الدولة على جميع المعاملات الأخرى ثم أعطيت الأفضليّة لتحريرات سفارات الدول الأجنبيّة ، ثم للتجار ، كما تضمن نظام التلغراف سريّة المخابرات وصيانة الأسلاك والمحافظة عليها ، وكان المتبع في الدولة العُثمانيّة قبل صدور هذا النظام إستعمال إشارات الفوانيس في فترة الحروب عوضاً عن الإشارات البرقيّة السلكيّة واللاسلكيّة.

هذا وفي عام 1867م قرر مجلس ولاية سوريا إنشاء مركز لتلغراف دمشق / بيروت مع تجهيزه بكل ما يحتاجه من لوازم وأثاث ومعدات، والأمر اللافت للنظر أنه منذ أن شهدت بيروت والممالك العُثمانيّة تطبيق نظام البرق، بدأ الناس يتساءلون عن الوجهة الشرعيّة والفقهيّة، هل يجوز شرعاً تصديق الخبر أي خبر من الخارج بواسطة البرق أم لا يجوز تصديقه ؟

والحقيقة فإن شبكة البرق العثماني اقتصرت حتى عام 1899م على الأسلاك الممتدة من بيروت وحاصبيا ومن دمشق فحلب، ومن القنيطرة وحوران ودوما، ثم توسعت هذه الشبكة عام 1900م بمد الخط البرقي الحجازي من السلط إلى المدينة المنورة، وللسلك البرقي الحجازي عمود تذكاري لا يزال موجوداً إلى اليوم في ساحة الشهداء في دمشق .

وقد ساعدت هذه الشبكات على المساهمة في تقصي أخبار الولايات، وفي توطيد الأمن وفي نقل المعلومات بسرعة، كما أثرت فيما بعد على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمعلوماتي.

أما فيما يختص بلغة البرقيات في العهد العثماني حتى عام 1900م ، فقد كانت تنحصر باللغتين التركيّة والعربيّة، وكانت البرقيات لا تتعدى في البدء المناطق العُثمانيّة، في حين تميزت بيروت ودمشق بمراكز تلغرافية تؤهلهما لإجراء برقيات مع الدول الأجنبيّة.

البريد

بالرغم من أن نظام البريد في بيروت وبلاد الشام من الأنظمة القديمة، غير أنه كان يعتمد على الحمام الزاجل الذي كان يحمل رسائل من مدينة إلى أخرى كتبت بخط يُعرف (بخط الغبار) نظراً لصغر حرفه، كما إعتمد البريد قديماً على الخيول والعربات لنقله من إقليم إلى آخر ، وقد إستمر هذا النظام يعمل به في العهد العثماني، وكان في بيروت والولايات الشاميّة ومنها ولاية سوريا مؤسستان للبريد، الأولى رسميّة، وتضّم سعاة الدولة المعروفين باسم (النتنار) والنجابين، وكان هؤلاء يستعملون الخيل والجِمال، والثانية، محلية، وتضّم سعاة يخضعون مباشرة لشيخهم الذي عُرف بشيخ السعاة، وكانوا يتلقون أجورهم من هذا الشيخ الذي بدوره يحدّد أجور النقل وأجور الرسائل والطرود، وقد بلغ أجر الساعي ما بين بيروت وطرابلس الشام أو بين طرابلس الشام ودمشق ثلاثة أرباع المجيدي.

البريد العثماني في بيروت

وفي عام 1869م صدر نظام البريد العثماني الحديث، وكان لبيروت السبق في هذا المضمار، حيث كان أول ما طُبق النظام الجديد فيها، كما كانت أول وسيلة انتظمت لنقل البريد بواسطة العربات والقوافل المنظمة على طريق بيروت/دمشق، ثم تطورت الأساليب منذ تاريخ إنشاء السكك الحديدية عام1891م بين بيروت/دمشق/المزيريب ، حيث ساهمت قاطرات سكك الحديد بسرعة نقل البريد والتأمين عليه ، علماً أن النقل البحري لم يستغن عنه ، فقد شهد مرفأ بيروت الكثير من عمليات نقل الرسائل والطرود والصحف والكتب من بيروت إلى المناطق العُثمانيّة والأجنبيّة وبالعكس، وبالرغم من أن أكثر الخدمات البريدية كانت لمصلحة الحكومة العُثمانيّة ومصالحها ومؤسساتها، غير أن إيرادات البريد قدرت في العام 1896م بحوالي أربعة ملايين قرشاً من مختلف مراكز البريد والبرق في ولاية سوريا.

في عام 1900م بدأ نظام البريد يتطور في بيروت والمناطق الشاميّة الأخرى، وأصبح يعتمد بشكل أساسي على السكك الحديديّة براً من الولايات حتى الآستانة، وقد ألغي تباعاً نظام (النتنار) أي سعاة البريد، كما ألغي نظام الاعتماد على الحيوانات لتحل السيارات مكانها، ومنذ عام 1900م أنشئ في بيروت وسواها نظام الحوالات البريديّة والحوالات البرقيّة والطرود العاديّة، ومنذ عام 1902م طبّق هذا النظام بين بيروت والبلدان الأوروبيّة والأسيوية والأفريقيّة.

أما مراكز البريد في لبنان فكانت في المناطق التالية:

بيروت

جديدة المتن

جونية

جبيل

قرطبا

البترون

أنفا

طرابلس الشام

زغرتا

عكار

غزير

أميون بشري

إهدن

سير الضنيّة

حدث الجبة

أما مراكز جنوبي بيروت فكانت في :

الشويفات

الدامور

صيدا

صور

تبنين

بنت جبيل

جزين

النبطية

مرجعيون

حاصبيا

أما المراكز شرقي بيروت والجبل فكانت في :

بعبدا

عاليه

سوق الغرب

دير القمر

بعقلين

بيت مري

برمانا

بكفيا

بيت شباب

الشوير

بسكنتا

بحمدون

صوفر

حمانا

زحلة

رياق

بعلبك

جب جنين

الهرمل

مشغرة

حصرون

عين زحلتا

دومة لبنان