آل سراج (سريج، سرّاج)

من الأسر الإسلامية البيروتيّة واللبنانيّة والعربيّة، تعود بجذورها إلى القبائل العربيّة التي أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام والعراق وفارس والمغرب والأندلس. وقد نسبت الأسرة إلى فروع عدّة من القبائل العربيّة منها:

◄السراج: بطن من مذحِج، أسهموا في عهد بني أميّة في فتوحات الأندلس. وكانوا في أرْشَ اليمن، وجُعلت لهم حراسة ما يليهم من البحر، وحفظ الساحل.

◄السراج: فرقة من البشاكم إحدى عشائر محافظة حماة.

◄السراجين: فخذ من الأبي صُليبي من الحديديين الأصليين في سورية.

◄السرّاج من عشائر ربيعة، أقاموا في الحميدية وأم السميج وبيت قصّاب والشجير، وانتشروا في سوريا والعراق. وعرفوا أيضًا باسم البوسراج.

◄بنو سراج: قبيلة من المور عاشت في غرناطة في القرن الخامس عشر الميلادي. منها استلهم شاتو بريان روايته "مغامرات آخر بني سراج".

والحقيقة فإنّ أسرة سراج قامت بدور علمي وجهادي في مصر وبلاد الشام والعراق وفارس والمغرب العربي والأندلس، وقد برز قديمًا من الأسرة المحدِّث أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران بن عبد الله السراج الثقفي، روى عنه البخاري ومسلم وأبو حاتم الرازي وسواهم الكثير، وتوفي عام 313ه – 929م، وله ست أو سبع وتسعون سنة. كما عرف من الأسرة الأديب أبو بكر محمد بن السري النحوي المعروف بابن السراج المتوفى عام 316ه. كما عرف عبد الله بن علي السراج المتوفى 378هـ – 988م عاش في مصر، واتصل بالمتصوفين فيها. له مؤلفات. كما برز الأديب والفقيه أبو محمد جعفر السراج (ت 500هـ – 1106م) له عدّة مؤلفات. كما عرف المحدِّث أبو الحسين محمد بن محمد بن المظفر بن عبد الله الدقّاق السّلاحي المعروف بابن السرّاج (374- 448هـ)، بغدادي، سكن سوق السلّاح، لذلك عرف باسمالسّلاحي. كما عرفت الأندلس الكثير من العلماء والمجاهدين من قبيلة بني سرّاج (سريج) واستمرّ فرع منهم في غرناطة لسنين طويلة حتى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي، وفي عام 1492 عام سقوط الأندلس رحل الكثير منهم إلى المغرب العربي، ومن ثمّ إلى مصر وبلاد الشام، ومن بينها بيروت المحروسة وطرابلس الشام وصيدا، وبرجا في إقليم الخروب، فضلًا عن دمشق وحمص وحماة وسواها.

وعرف عبر التاريخ من أسرة سرّيج المحدِّث أحمد ابن سريج (المتوفي عام 306هـ – 918م) استاذ المذهب الشافعي وقاضي شيراز، ردّ على الظاهرين، توفي في بغداد، له نحو (400) مؤلذف منها "الودائع لنصوص الشرائع". كما عرف من أسرة سريج الموسيقي عبد الله بن سريج (المتوفي بعد عام 724م) من مواليد مكة المكرمة، مغنٍ وملحنٍ، وقد اشتهر عنه أنّه أوّل من أدخل العود الفارسي إلى مكة المكرمة، وقد تعلّم الضرب به من صنّاع الفرس. اشتهر بضياغة الألحان الموسيقية.

ومن الأهمية بمكان القول، أنّ وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة قد أشارت في وثائقها العائدة لمنتصف القرن التاسع عشر إلى أسرة سّراج والسرّاج وسرّيج. فمن خلال دراسة أوقاف الجامع الجديد "جامع الأمير محمد شمس الدين" في باطن بيروت، أشار السجل 1259هـ – 1843م إلى دكان سكن محمد سرّاج. وأشار السجل نفسه في إطار أوقاف الجامع العمري الكبير إلى سكن السرّاج قرب دار الشيخ صالح الرفاعي في سوق الأساكفْ.

وأشارت إحدى وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت المحروسة عام 1259 هـ إلى أنّ آل سرّاج تملكوا أيضًا خارج بيروت المحروسة، وذلك في منطقة وطى بطينا (وطى المصيطبة)، التي كانت في القرن التاسع عشر مليئة بأشجار التوت الوبري والفواكه ومنها عودة عبده سركيس يحدّها قبلة ملك يوسف بركات وشمالًا الطريق السالك وشرقًا ملك سعيد سرّاج وغربًا ملك خالد يمذوت ومتري المتني. كما أشار السجل 1276- 1278هـ إلى بركة السرّاج في باطن بيروت في سوق البازركان بالقرب من قيسارية الأمير منصور. كما شهدت بيروت وقف سبيل السرّاج. وكان المرحوم التاجر الحاج محمد السرّاج قد أوصى عام 1819م بكل ما له للفقراء والمساكين لكونه لا وارث له، لإصلاح طريق قناة بيروت، وأن يعمّر له بركة ويوقف عليها دكان، فجرى ترميم القناة، وعمّرت البركة في ساحة التُتُن (التبغ) في سوق قيسارية الأمير منصور في سوق البازركان، وقد نفّذ وصيته سعادة الوزير عبد الله باشا والي محروستي صيدا وطرابلس الشام، وقد بوشر بعمار القناة وترميمها عام 1235ه، وقد أرّخ مفتي بيروت المحروسة العلّامة الشيخ عبد اللطيف فتح الله هذا الحدث شعرًا فنظّم:

يا حسنها خيريــة أوصـى بــها      حتـــى لـه بالخير ربــيّ يختــم

أوصى بها السّراج وهو محمد      لا زال في روض الجنان ينعــم

يا شاربون يحــقّ أن تدعـو له      أرخ بـــها وعليـه أن تترحمــوا

هذا، وقد استمرّ أفراد من آل سذراج في العهد العثماني والعهود الفرنسية والاستقلالية بأداء أدوارهم الاجتماعية والاقتصادية والتربوية وقد عرف من الأسرة حديثًا الباحث والأستاذ الجامعي الدكتور نادر سذراج أستاذ الألسنية في كليّة الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانيّة، له مؤلّفات عديدة في اللغة الألسنية والتراث. ناشط ثقافي واجتماعي وتربوي في بيروت المحروسة. كما برز شقيقه الدكتور فضل سرّاج، والطبيب محمد سليم سذراج، والدكتور عماد سّراج. والمهندس أحمد سليم، والسادة: أحمد محمد، أنيس خليل، خليل سعد الدين، زكريا حسن، سعد الدين، سليم شاكر، عدنان إبراهيم، عمر أنيس، غازي، محمد سعد الدين، محمود خليل، محمود هشام سراج وسواهم. وبالرغم من قِدم الأسرة في بيروت المحروسة، غير أنّها ما تزال قليلة العدد.

وسّراج لغةً واصطلاحًا تعني المصباح الزجاجي القديم، ويلفظها البيارتة سريج على عادتهم. كما أنّ السّراج بفتح السين وتشديد الراء نسبة إلى عمل السروج، وأبرز من حمل هذا اللقب في التاريخ المعاصر السيّد عبد الحميد السّراج أحد أركان سوريا وأحد أركان الوحدة المصرية – السورية بين أعوام 1958-1961. ولا بدّ من الإشارة إلى وجود بلدة في منطقة الضنية في شمال لبنان تعرف باسم "مراح السّراج".

ومن الأهمية بمكان القول، بأنّ "سِراج" استخدامها العثمانيون اصطلاحًا على الأحرار ممّن يخدمون السلطان. كما أطلق هذا المصطلح في مصر العثمانية للدلالة على أحد أفراد طائفة من الجند تكوّنت من خليط منوّع من أجناس متعدّدة، توافدت إلى مصر، كان أبرزها الترك، وذلك للخدمة عند أغوات العسكر كحرس خاص لهم، وكان يطلق عليهم اسم "سراجية" وعلى الفرد منهم اسم "سراج"، وهو لقب لبعض العائلات في مصر وبلاد الشام.