آل المفتي (فتح الله)

مفتون وعلماء لهم إسهامات جهادية وإجتماعية

من الأسر الإسلامية البيروتية واللبنانية والعربية، تعود بجذورها إلى القبائل العربية التي أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام والمغرب العربي، كما أن الأسرة بجذورها تنسب إلى آل البيت النبوي الشريف لهذا، نرى بأن أجداد الأسرة نالت باستمرار لقب «السيد». وأسرة فتح الله المفتي في بيروت هي غير أسرة فتح الله الشيخ غندور التي سبق أن أشرنا إليها.

وكانت أسرة فتح الله المفتي قد أسهمت إسهامات جهادية وعلمية واجتماعية واقتصادية عديدة، في المغرب العربي ومصر وبلاد الشام، وقد انتقل أحد أجداد الأسرة من المغرب العربي إلى مصر وبلاد الشام ومن بينها دمشق ومن ثم بيروت المحروسة. ويبدو أن السيد الشيخ علي فتح الله المفتي هو أول مفتٍ في بيروت في القرن الثامن عشر في العهد العثماني. كما برز من الأسرة نجله العلّامة السيد الشيخ عبد اللطيف فتح الله المفتي (1180-1260هـ، 1766-1844م) بن علي بن عبد الكريم بن عبد اللطيف بن زين الدين بن محمد فتح الله الحنفي البيروتي ثم الدمشقي مفتي بيروت، وهو من مواليد بيروت 1180هـ-1766م ولد في بيت علم وفقه، بل إن البحاثة العالم المرحوم زهير عبد الباسط فتح الله أشار في كتابه «الشاعر المفتي عبد اللطيف فتح الله» ص (78) من أن منصب الإفتاء في عائلة المترجم له توارث قبل قرنين من الزمن. مضيفاً إلى أنه كان مفتياً وشاعراً، تتلمذ على والده المفتي الشيخ علي أفندي فتح الله وعلى ابن خال جدته الشيخ أحمد القحف الشهير بالبربير، كما تابع دراسته في معاهد ومدارس وعلى علماء دمشق، وذلك بعد عام 1202هـ-1788م، كما أنه تزوج في بيروت وأنجب في دمشق بعد أن قضى فيها ستة أو سبعة أعوام عرف خلالها بالبيروتي الدمشقي. ولما عاد إلى بيروت عام 1209هـ-1794م تولى منصب الإفتاء فيها الذي ابتلى به كما يقول في ديوانه المعروف باسم «ديوان المفتي عبد اللطيف فتح الله» جزءان إصدار المعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت عام 1984، وقد استمر في الإفتاء إلى حوال عام 1242هـ-1827م.

عاش العلّامة الشيخ عبد اللطيف فتح الله مفتي بيروت في فترة مهمة من التاريخ العثماني، حيث عاصر الأمير بشير الشهابي الثاني الكبير، وأحمد باشا الجزار ومن بعده سليمان باشا، ومحمد علي باشا، ونابليون بونابرت، ومصطفى بربر آغا، والشيخ بشير جنبلاط، وعبد الله باشا وسواهم الكثير، لذلك كان منصب الإفتاء والقضاء بالنسبة إليه يمثل عبئاً كبيراً في ظل الصراعات البيروتية والعثمانية والدولية. توفي الشاعر والأديب المفتي عبد اللطيف فتح الله المفتي عام 1260هـ-1844م في بيروت المحروسة، ودفن في الجبانة العمرية أي جبانة الباشوراء، وقد رثاه العلّامة الشيخ يوسف الأسير الصيداوي شعراً، وقد نقشت هذه الأبيات الشعرية على شاهد قبره.

برز من الأسرة من بعده نجله العالم الشيخ محمد المفتي الذي تولى بدوره منصب القضاء. كما برز من الأسرة حسب سجلات المحكمة الشرعية في بيروت لا سيما السجل (1259هـ) السيد حسن أفندي المفتي، والسيد علي أفندي مفتي زاده الحفيد، وتشير الصحيفة (141) من السجل (1259هـ) إلى «جناب عمدة الموالي السيد محمد أفندي مفتي زاده القاضي بمدينة بيروت». وبرز من الأسرة السيد محمد عمر المفتي عضو المجلس التمثيلي لمدينة بيروت عام 1922، زمن الانتداب الفرنسي. وفيما يلي نبذة عن سيرته الذاتية:

محمد عمر المفتي (1869-1935)

1- مواليد بيروت المحروسة عام 1869.

2- تلقى علومه في المدارس السلطانية العثمانية في بيروت المحروسة.

3- كان رجل أعمال، ويملك مطاحن بيروت.

4- عرف بموالاته للسلطة العثمانية.

5- انتخب عام 1922 نائباً عن بيروت، وكان عضواً في اللجنة المالية، ولجنة الإدارة والعدلية.

6- توفي في 5 أيار من عام 1935. (المعجم النيابي اللبناني، ص 490).

كما عرف من الأسرة السيد محمد فتح الله المفتي محرر السجلات والدعاوى في محكمة بيروت الشرعية. كما عرف من الأسرة السادة: أحمد فتح الله المفتي، جميل شكري المفتي، خليل أمين المفتي، دريد، رشيد عبد الكريم، سمير فتح الله المفتي، شفيق فتح الله المفتي، عبد الكريم، عبد اللطيف شفيق، عدنان محمد، عزمي، عفيف مصطفى، غازي سامي المفتي، فاروق مصطفى، مالك عبد الكريم، محمد مصطفى، مصباح عبد اللطيف المفتي، وفيق المفتي وسواهم الكثير. ومما يلاحظ أن أسرة فتح الله المفتي انقسمت بدورها إلى فرعين: فرع فتح الله المفتي، وفرع المفتي.

والمفتي لغة هو اللقب الذي أعطي لمن يُفتي في الأمور الشرعية، والذي أسندت إليه منذ زمن الدولة العثمانية إلى اليوم منصب الإفتاء، وكان لبيروت مفتٍ، تحول في عهد الانتداب الفرنسي لا سيما بعد وفاة مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا عام 1932، من مفتي بيروت إلى مفتي الجمهورية الذي تولاه لأول مرة سماحة الشيخ محمد توفيق خالد.

(أنظر فتح الله المفتي)