الذي أقطن، توزّع خـطوط الستالايت بطريقـة تمديدات سلكيّة " متطوّرة " بدفعٍ شهري يُسمّى (اشتراك) ، حيث يقوم الموزّع بسرقة بعض المحطّات الفضائية المشفرّة مع المحطات الأرضية والفضائية المنتشرة وبذلك تتنوع عنده المحطات بشكل يجذب الزبون للاشتراك لديهِ .

الطريقة متّبعة بأكثر من مكان ولكن ما يزعجني بالأمر هو احتكار الموزّع لمنطقة ما بدعم سياسي وبهذا لا يجرأ أي كان على مزاولة نفس المهنة بهذه المنطقة، وما يزعجبني أكثر هو المحطّات الفضائية المختارة منتقاة على ذوق الموزّع التاجر وتوجهه الثقافي والديني. وهنا الكارثة إن كان التاجر مُلحدا أو متطرّفا أو متحزّبا...!!! وما يقتلني انزعاجا صعوبة تغيير الواقع.

حين يضعنا الآخرون في ثلاجةِ تفكيرهم للحفاظ على مجموعة الأفكار التي يتم بثها الينا عبر المحطات الفضائية المفروضة علينا ..!!

عندما أجد كل محطات الشاشة تابعة لثقافة هذا الحي وميولهِ العقائدي والديني، حين يتحكّم الجمهور بعرض كل ما يناسبُِ قناعاتهِ وأفكاره في مجموعة فضائيات تعمل على نفس النغمة وتغني نفس الموّال...!!! وبمساهمة التاجر ومساعدتهِ...

أتخيل وكأنه يبرمج عقولنا ببث ما يراه هو مناسب، وعلينا حفظه مجمّدا مكيّسا كما هو دون محاولة نزع الغلاف عنه وشم رائحتهِ وتذوق مفهومه ومن ثم قبوله أو رفضه.

أشك أنه يحترم عقله وبالتالي لا يملك من المفهومية احترام عقول الآخرين.. خاصة وأن الأحياء السكنية متعددة الطوائف، والثقافات والمعتقدات الدينية.

لو فكّر أن يحترم عقله ويترك له فرصة ومجال للتنفس قليلا بعيدا عن سِحر المشعوذين الذين يعملون على طبخ كل ما يُقدّم لنا من أطباق وإرضاعنا إياها بالقوّة ، وترك له حرية التّحرّك والبحث والمقارنة والتحليل والمعرفة ...

لو احترم عقله ووثق بقدراته وكان مطمئنا اليهِ ، وتركه يباشر عمله دونَ والٍ يأمره وينهيه ويدع له مسألة تنمية قدراتهِ وتحقيق ذاتهِ والقفز فوق المعتقدات والقناعات الموروثة المهدّمة غالبا لتوسيع نشاط الفِكر....

لو قرّر احترام عقله وعدم الإلقاء بهِ في الخدمة " الولائية " الإجبارية، وبعدم السماح للماريشالات بالتفكير عنه، ليتشاجر مع الجهلِ والتعصّب والتعبّد في محرابِ أفكار محدودة ...
لو كان محترما لعقلهِ ومخاطبتهِ له كالأمراءِ والملوك ، لنطق بالجواهر.