الشروط المطلوبة في المفتي

 

كان الإفتاء في الماضي موزعاً بين مفتي مستقل ومفتي غير مستقل، المفتي المستقل هو المجتهد المُطلق الذي يستقل بالأدلة في تحديد فتواه دون أن يقلد سواه أو يتقيد بمذهب أحد أصحاب المذاهب دون غيره.

والمفتي غير المستقل هو الذي يقلد غيره من المجتهدين ويتقيّد بمذهب واحد لا يتعداه في تحديد فتواه.

وقد وضع الأصوليون شروطاً محددة لمن يتطلَّع إلى شغل منصب الإفتاء، بعض هذه الشروط تقنيّة ، حسب اصطلاحنا اليوم، وبعضها الآخر خلقيّة وذهنيّة واجتماعيّة ، قال هؤلاء الأصوليون: (....وموضوع هذا الأسم، أي المفتي بشكل عام، لمن قام للناس بأمر دينهم، وعلى مجمل العلوم، علوم القرآن وخصوصه وناسخه ومنسوخه، وكذلك السنن والإستنباط ولم يوضع لمن علم مسألة واحدة وأدرك حقيقتها، فمن أدرك هذه المرتبة سموه بهذا الأسم، أي مفتي، ومن استحقه أفتى فيما استفُتي، وزاد بعضهم، على سبيل التركيز والحصر، المفتي من استُكمل فيه ثلاث شرائط: الإجتهاد والعدالة والكفّ عن الترخيص والتساهل، والمفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور، فلا يذهب بهم مذهب الشدّة، ولا يميل بهم إلى طرف الإنحلال).

وبالنسبة للمفتي المستقل، أي الذي لا يقلد سواه ولا يتقلد بمذهب واحد، فقد أضافوا شروطاً أخرى، يمكن اعتبارها شروطاً توضيحيّة للشروط المتقدمة، منها: أن يكون فقيهاً بمعرفة أدلة الأحكام الشرعيّة من الكتاب والسُنة والإجماع والقياس وما التحق بها على التفصيل، وعارفاً من علوم القرآن والحديث والناسخ والمنسوخ، والنحو واللغة والصرف واختلاف العلماء واتفاقهم بالقدر الذي يتمكن معه من الوفاء بشروط الأدلة والاقتباس منها، ذا دُرْبة وارتياض في استعمال ذلك، عالماً بالفقه، ضابطاً لأمهات مسائله وتفاريعه، فمن جمع هذه الأوصاف فهو المفتي المطلق المستقل وهو المجتهد المطلق.