كما يقترن اسم بيروت بتاريخها المجيد في العهدين الفينيقي والروماني، يقترن أيضاً بزلزال رهيب وقع ذات يوم فأودى بمعهد القانون الذي اشتهرت به المدينة في العهد الروماني، ووضع نهاية لعهد حيّ من الازدهار كان أشبه بحلم أو برواية.

لقد كان ذلك الزلزال نهاية لسلسلة من الزلازل التي ضربت المدينة منذ مطلع القرن السادس للميلاد، وظلت تلك الزلازل تتكرر حتى كانت نهاية المدينة عام 555 ميلادية.

وقبل سلسلة الزلازل المتتالية مع بداية القرن السادس كان قد حدث زلزال عظيم في القرن الرابع الميلادي سنة 349، وكان ذلك الزلزال من القوة بحيث أنزل ببيروت الخراب، ولما كانت بداية انتشار الدين المسيحي، ظن كثيرون من الوثنيين أن الهزة سببها غضبة إلهية، فاعتنق كثيرون المسيحية يومذاك، ثم حدثت هزتان أخريان عام 494 و502 حلّ من جرائهما خراب في كل من صور وصيدا.

لقد كانت تلك الهزات، والتي اعتبرت الأولى فيما بعد، بداية لسلسلة متلاحقة من الزلازل في أعوام متقاربة كانت أكبرها هزتا عام 551 و555.

ففي عام 529 حدث زلزال اعتبرت دائرة المعارف الإسلامية أنه هو الذي وضع حداً للحياة في بيروت.

إن الهزات المتواصلة التي ضربت بيروت ما بين أعوام 502 و555 كانت من العنف بحيث خربت جميع مدن الساحل تخريباً يكاد يكون كاملاً ولا سيما مدينة بيروت.

ففي عام 551 م طغت موجة عارمة من البحر بعد أن إرتد البحر إلى الوراء مسافة تقرب من ميل، ثم عاد بشكل موجة عارمة غمرت المدينة كلها فأغرقت البنايات وهدمتها، وغرقت المراكب على الشاطئ وتحطمت، وغمرت الأشجار، وذُكر أن 30 ألف نسمة من سكان بيروت لاقوا حتفهم في هذا الزلزال، وهرب الباقون يأساً وخوفاً تاركين المدينة قفراً، أما الناجون من الموت من أساتذة وتجار فإنهم ارتحلوا إلى صيدا، وهناك كان أساتذة القانون يعطون دروساً وقتيّة في انتظار إعادة بناء المدينة ومعهد القانون.

في أثناء إعادة بناء مدينة بيروت الذي كان يجري ببطء، وقع حريق هائل إلتهم أكثر المساكن الجديدة فكانت هذه النازلة الضربة القاصمة التي قضت على المدينة وعلى معهدها.

وحصل زلزال سنة 1831م الساعة الثانية والنصف ظهراً في أول شهر كانون الثاني، وكان من العنف بحيث هدم جزءاً من مدينة صيدا، ومن الزلازل التي ذكرها المؤرخون زلزال عام 1157م وزلزال عام 1170م.

وجاء عن زلزال عام 1302م أنه هدم مدناً عديدة ودفن ما لا يحصى من الناس في جميع أنحاء سوريا ومصر أحياء تحت الركام، وتصدعت من جرائه جدران الجامع الأموي في دمشق وضرب جزءاً كبيراً من قلعة صفد وتراجع البحر قبالة عكا مسافة فرسخين، وعاد بشكل موجة عارمة طغت على البر فأغرقته.

وقال مؤرخون عن زلزال 1302م أنه أدّى إلى انخساف في السواحل وغرق العديد من الجزر الصغيرة التي كانت قائمة على طول الساحل اللبناني ولم يبقى منها إلا جزيرة الأرانب شمال بيروت على ساحل مدينة طرابلس، كما أدى هذا الزلزال إلى تخريب الكثير من القلاع والأبنية.

وحدث في بيروت ولبنان هزة قوية سبقت خروج الأتراك سنة 1918م، وكأنها كانت مؤشراً لنهاية الأحداث الأليمة التي مرّ بها لبنان في تلك الفترة العصيبة.

وزلزال عام 1956م ما زال يذكره البيروتيون واللبنانيون عامة، وجاء بشكل ثلاث مرات متكررة يفصل بين الواحدة والأخرى بضع دقائق وتخربت على أثره قرى كثيرة في الجبال ومات البعض، بعد هذا الزلزال وضعت الدولة اللبنانيّة ضريبة عن الزلزال تستوفى عن كل بناء قديم أو جديد سنوياً.

وآخر زلزال ضرب بيروت والبلاد المحيطة كان في سحر يوم الثاني من شهر أيار عام 1983م.