نشأة حزب الله

سبق الوجود التنظيمي لحزب الله في لبنان والذي يؤرخ له بعام 1982 وجود فكري وعقائدي يسبق هذا التاريخ، وكان قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 بقيادة آية الله الخميني دافعا قويا لنمو حزب الله، وذلك للارتباط المذهبي والسياسي بين الطرفين.

 

وقد جاء في بيان صادر عن الحزب في 16 فبراير/ شباط 1985 أن الحزب "ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة".


يعتبر الشيخ محمد حسين فضل الله المؤسس الحقيقي لحزب الله، حيث انتقل للعيش في الضاحية الجنوبية لبيروت أثناء الحرب الأهلية عام 1976، ونشط هناك في تقديم الخدمات للشيعة وبخاصة الفقراء منهم، مما أكسبه شعبية كبيرة تمثلت في ازدياد عدد أتباعه الذين أصبحوا فيما بعد الكوادر التنظيمية لحزب الله.

معظم أفراد الحزب هم من اللبنانيين الشيعة المرتبطين مذهبياً بإيران، حيث يعتبرون آية الله علي خامنئي مرشد الثورة الإيرانية واحداً من أكبر المراجع الدينية العليا لهم، ويعتبر الشيخ حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله الوكيل الشرعي لآية الله علي خامنئي في لبنان. هذا الارتباط الأيدولوجي والفقهي بإيران سرعان ما وجد ترجمته المباشرة في الدعم السريع والمباشر من الجمهورية الإسلامية وعبر حرسها الثوري للحزب الناشئ.


تشكل الحزب في ظروف يغلب عليها طابع المقاومة العسكرية للاحتلال الإسرائيلي الذي اجتاح لبنان عام 1982، ولذلك فالحزب يبني أيدولوجيته السياسية على أساس مقاومة الاحتلال الذي إندحر عام 2000 تحت ضربات رجال المقاومة الإسلامية.

 

توجهات الحزب

يهتم الحزبكما يقول الشيخ حسن نصر الله- بمصير ومستقبل لبنان، ويساهم مع بقية القوى السياسية اللبنانية في إقامة مجتمع أكثر عدالة وحرية، ويهدف إلى إقامة دولة إسلامية في لبنان. ويهتم بالقضايا العربية والإسلامية وبخاصة القضية الفلسطينية.


البناء التنظيمي

رغم عامل السرية الذي يحرص الحزب عليه في أغلب نشاطاته، فإن ذلك لم يمنعه من الإعلان عن وجود بعض الهياكل التنظيمية التي تنظم عمل الحزب، منها على سبيل المثال:
-
هيئة قيادية.
-
مجلس سياسي.
-
مجلس تخطيطي.
-
كتلة النواب.
-
مجموعات تنفيذية.
-
هيئات استشارية.
 

ويتخذ القرار داخل تلك الهيئات بأغلبية الأصوات، ويعتبر مجلس شورى الحزب أعلى هيئة تنظيمية حيث يتكون من 12 عضواً تسند إليهم مسؤولية متابعة أنشطة الحزب الأخرى الاقتصادية والاجتماعية.

أعلى الصفحة
أمناء الحزب

يعتبر الشيخ محمد حسين فضل الله المؤسس الحقيقي لحزب الله، حيث كان لنشاطه الدعوي الكبير وسط صفوف الشيعة في الجنوب أكبر الأثر في سرعة تعاطفهم مع الحزب الذي ظهر إلى الوجود عام 1982 وأعلن عنه رسمياً في عام 1985.

أما الأمين العام الأول لحزب الله فهو الشيخ صبحي الطفيلي الذي تولى هذا المنصب في الفترة من عام 1989 حتى عام 1991، ثم أجبر على الاستقالة بعد إعلانه من جانب واحد العصيان المدني على الحكومة اللبنانية الأمر الذي رفضه الحزب، وتولى منصب الأمين العام الشيخ عباس الموسوي خلفاً له، لكنه لم يستمر أكثر من تسعة أشهر، فقد اغتالته إسرائيل في عام 1992 ليقود الحزب من بعده سيد المقاومة الشيخ حسن نصر الله الذي لا يزال يشغل هذا المنصب حتى الآن.

 

المؤسسات الخدمية

كانت للخدمات التي نشط الحزب في تقديمها للجماهير وبخاصة في الجنوب اللبناني أكبر الأثر في زيادة شعبيته، فقد نشط الحزب في إقامة المدارس والجمعيات الخيرية التي تعنى بأسر الجرحى والشهداء، ومن هذه المؤسسات على سبيل المثال:

vمؤسسة "جهاد البناء" التي تأسست عام 1988 وتضم العديد من المهندسين والفنيين والعمال وتتخصص في حفر الآبار وإعداد الدورات التدريبية في مجال الزراعة والبيطرة.

vالهيئة الصحية الإسلامية ولها فروع عدة بلغت 47 فرعاً تنتشر في البقاع والجنوب بالإضافة إلى بيروت.

vجمعية القرض الحسن التي تأسست عام 1982 بهدف تقديم القروض غير الربوية للمحتاجين.
جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية التي تأسست عام 1987 وتعمل على مساعدة الأسر على الاكتفاء ذاتياً، ورعاية الأيتام والعجزة والأرامل.

vمؤسسة الشهيد ومهمتها الاهتمام التربوي والتعليمي بأسر الشهداء.

vالمؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم والتي يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1993 وتهتم ببناء المدارس في مختلف المناطق اللبنانية وتحرص على أن تكون أولوية الالتحاق في تلك المدارس لأولاد الشهداء.

vهيئة دعم المقاومة الإسلامية التي تجمع التبرعات للمقاومة وتعقد الندوات وتقيم المعارض لزيادة الوعي بأهمية المقاومة.


وللحزب مؤسسات رياضية وثقافية وإعلامية مهمة مثل مركز الإمام الخميني، وجريدة العهد، وتلفزيون المنار الذي نجح في جذب قطاع عريض من المشاهدين، وقد عرض بالصورة الحية علميات حزب الله العسكرية ضد إسرائيل.


الفكر والبرامج

يميز حزب الله في تحركاته السياسية على الساحة اللبنانية بين الفكر والبرنامج السياسي، فيرى أن الفكرة السياسية لا تسقط إذا كان الواقع السياسي غير موات لتطبيقها، كما هو الحال بالنسبة لفكرة إقامة دولة إسلامية في لبنان. يقول حسن نصر الله "نحن لا نطرح فكرة الدولة الإسلامية في لبنان على طريقة الطالبان في أفغانستان، ففكرة الدولة الإسلامية في لبنان حاضرة على مستوى الفكر السياسي، أما على مستوى البرنامج السياسي فإن خصوصيات الواقع اللبناني لا يساعد على تحقيق هذه الفكرة، فالدولة الإسلامية المنشودة ينبغي أن تكون نابعة من إرادة شعبية عارمة، ونحن لا نستطيع إقامتها الآن لحاجتها إلى حماية".
أعلى الصفحة
حزب الله وإيران

العلاقة بين حزب الله وإيران يتداخل فيها البعد السياسي والديني، فاللبنانيون الشيعة الذين يمثلون كوادر حزب الله تربطهم بالمرجعيات الدينية الإيرانية روابط روحية عميقة، ويعتبر مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي أكبر مرجعية دينية بالنسبة لهم. ويسمى أمين عام حزب الله حسن نصر الله الوكيل الشرعي لآية الله خامنئي.

وبالرغم من الدعم السياسي والمالي الذي يتلقاه حزب الله من إيران فإن ذلك لا يعني أن الحزب هو حزب إيراني على أرض لبنانية، وهذا ما يقوله أمينه العام الشيخ حسن نصر الله، ويعضد كلامه بالقول إن أمين عام الحزب لبناني، وكل كوادر الحزب لبنانية، ويمارس نشاطه على أرض لبنانية، ويدافع ويقدم شهداء في سبيل تحرير الأرض اللبنانية، وكل هذا كما يقول معايير كافية على أن الحزب لبناني وليس إيرانيا.


العمليات العسكرية

تميز حزب الله عن غيره من الأحزاب السياسية في الساحة اللبنانية بعملياته المسلحة التي جعلته يخرج بمنطلقاته السياسية والعقائدية التنظيرية إلى حيز التطبيق العملي، وأكسبته شرعية وشعبية لدى الشارع اللبناني. ويعتبر الحزب أن تلك العمليات بالإضافة إلى كونها عامل قلق أمني للإسرائيليين، فإنها تمثل كذلك وكما يقول الشيخ حسن نصر الله رداً عملياً على المشروع السلمي للتطبيع مع العدو الإسرائيلي الذي يتبناه بعض المثقفين العرب.

وكبَّدت العمليات العسكرية الناجحة لحزب الله الجيش الإسرائيلي خسائر سنوية بلغت ما بين 22 و23 قتيلاً، وعددا كبيرا من الجرحى والأسرى. وتشير مصادر حزب الله إلى أن متوسط العمليات العسكرية التي شنها في الفترة من 1989 وحتى 1991 بلغت 292 عملية، وفي الفترة بين عامي 1992 و1994 بلغت 465 عملية، أما في الفترة بين 1995 و1997 فقد بلغت تلك العمليات 936، وكان نصيب المقاومة الإسلامية – الجناح العسكري لحزب الله – 736 عملية.


أما المصادر الإسرائيلية فتشير إلى أن إسرائيل فقدت في عام 1988 وحده 36 جنديًا وجرح لها 64 آخرون، وخطف منها جنديان. وفي الإجمال كانت حصيلة القتلى الإسرائيليين على مدى 18 عاماً حوالي 1200 قتيل.

وقد بدأت إسرائيل خطواتها الأولى باتجاه الانسحاب نتيجة لهذه العمليات الفدائية في وقت مبكر، فكان الانسحاب الأول الكبير في عام 1985، ثم تلاه انسحابات أخرى لاحقة كان أبرزها كذلك الانسحاب من منطقة "جزين" اللبنانية. وخلقت داخل المجتمع الإسرائيلي تياراً شعبياً قوياً يطالب بالانسحاب من "المستنقع اللبناني"، وكان من أشهر الحركات المطالبة بالانسحاب "الأمهات الأربع".


استخدم حزب الله في عملياته العسكرية ضد إسرائيل أسلوب حرب العصابات والعمليات الاستشهادية، والتي في الأغلب تستعمل الكمائن والعبوات الناسفة والمدافع بالإضافة إلى صواريخ الكاتيوشا التي اشتهر الحزب باستعمالها ضد المستوطنات الإسرائيلية.

وتميزت أعمال المقاومة العسكرية لحزب الله بالدقة في تحديد الأهداف والمفاجأة وتأمين خطوط الانسحاب، وساعدهم في كل ذلك جهاز استخباراتي مدرب. وكانت أشهر عمليات الحزب وأنجحها هي معركة "أنصارية"عام 1997 عندما استدرجت طائرة هيلوكبتر على متنها ستة عشر مقاتلا من القوات الإسرائيلية الخاصة وأبادتهم جميعا.

 أعلى الصفحة

الحزب بعد الانسحاب

ثارت تساؤلات كثيرة بشأن مستقبل حزب الله بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، وهل سيتجه نحو إلقاء السلاح وحل جناحه العسكري أم لا؟ وقد أجاب الحزب على هذه الأسئلة الكثيرة عبر رفضه التخلي عن عمليات المقاومة المسلحة إلا إذا تحرر كل التراب الوطني اللبناني ويقصد بذلك مزارع شبعا التي لا تزال خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، وإطلاق سراح الأسرى العرب من السجون الإسرائيلية ومن بينهم الشيخ عبد الكريم عبيد والشيخ الديراني.
ويملك الحزب من العمل السياسي والاجتماعي ما يفوق العمل العسكري ويستطيع الاكتفاء بالعمل السياسي إذا قرر ذلك، ويبدو أنه مستمر في العمل العسكري حتى توقع سورية اتفاقا مع إسرائيل .