بنت جبيل / الجزء الثاني

* المرافق الرسمية

كانت بنت جبيل ابان العهد العثماني مركز ناحية (مقاطعة) هونين ثم اصبحت تابعة لقضاء مرجعيون عند تأسيس ولاية بيروت. وابان الاحتلال الفرنسي، اصبحت مديرية لقضاء صور وشملت 39 قرية وعام 1925 الغيت المديرية وعام 1953 اصبحت البلدة قضاء مستقلا لـ70 قرية خفض عددهم عام 1954 إلى 40 ثم إلى 36 قرية، من بينها حاليا 18 قرية محتلة و3 مزارع شاغرة وقد اصبحت بنت جبيل الدائرة الانتخابية 29.

تأسست البلدية قبل الحرب العالمية الاولى (11 عضوا) وحلت في 4-3-1967، بالنسبة إلى المجلس الاختياري، فان اول مختار كان في العهد العثماني ، في العام 1949، قسمت البلدة إلى 5 احياء وعين لكل حي مختاراً.

في البلدة مخفر درك يعود تاريخه إلى العهد العثماني وتوقف في فترة الاحداث وهو شاغر نسبيا. وأنشئ مركز الامن العام عام 1944 ثم نقل المركز بعد الاجتياح إلى تبنين. اما مخفر الجمارك فقد انشيء مع مجيء الاحتلال الفرنسي ثم اغلق في الستينات. وانشئت دائرة النفوس عام 1953 ثم انتقلت فيما بعد إلى صيدا واعيدت اليها عام 1983، اما مكتب المالية فتأسس في الستينات ثم انتقل إلى صور وبقيت بنت جبيل بدون مكتب. كما تأسست في اوائل الستينات مصلحة الانعاش الاجتماعي وعنه انبثقت مراكز أخرى كمركز الحضانة (1965) ومركز الخياطة ومركز للخدمات الشاملة..

ونظرا لغياب السلطة، حل العلماء مكان السلطة والقضاء في موضوع الاحوال الشخصية، وعين الشيخ علي شرارة في العهد العثماني في ناحية هونين. وفي العام 1956، انشئت محكمة رسمية هي المحكمة الشرعية الجعفرية. ولم يقتصر الامر عليها، انما انشئت في الثلاثينات محكمة صلح فيها تعمل 6 اشهر صيفا في حين تنتقل في الشتاء إلى تبنين. وعام 1945 استقلت المحكمة عن تبنين فكانت المحكمة القضائية المدنية وتعقد الجلسات فيها كل ثلاثاء.

تعود الوثائق المكتوبة في بنت جبيل إلى العام 1928م، عندما اضحى هناك كتاب للعدل..

وبالنسبة إلى الهاتف، فقد انشئت خطوط الهاتف قبيل العشرينات على اعمدة بين البلدة وجديدة مرجعيون، ثم انشيء مركز للهاتف عام 1925. وفي السبعينات، شيد مركز الهاتف في ساحة السوق ويوزع على القرى المجاورة. والجدير ذكره ان الشبكة الحالية تشرف عليها قوات الاحتلال حيث ترتبط بمستعمرة نهاريا الصهيونية، وفي البلدة 3 سنترالات خاصة، اما البريد فقد انشيء مركزه عام 1925.

اقتصادها

 * الزراعة

على الرغم من وجود الاحتلال، الا ان وضع الاقتصاد افضل حالا من سائر القرى. فبالنسبة للزراعة، اشتهرت بنت جبيل في السابق بزراعة الكرمة لكنها اصبحت زراعة خجولة، وازدهرت زراعة القمح والزيتون في حين حلت زراعة التبغ في المرتبة الاولى، فقد تأسس مكتب "الريجي" فيها عام 1935 كما تأسست جمعية تعاونية زراعية عام 1991م تم نقلها إلى رميش. ويوجد مطحنة للقمح وآلتان زراعيتان. ومن مزروعاتها: التين - الخضار.. وتزدهر تربية النحل حيث يوجد 9 ملاكين له. اما الثروة الحيوانية فتقتصر على عدد من رؤوس الابقار والماشية.. كما قام محمد احمد بزي بتأسيس مزرعة دجاج متواضعة تزود محلات البلدة والجوار.

 

* الصناعة والتجارة

على صعيد الصناعة، عرفت بنت جبيل بصناعة وانتاج الاحذية في بيروت والمناطق، ففيها حوالي 22 معملا بالإضافة إلى وجود صناعات أخرى. فهناك 5 معامل المنيوم، 4 معامل حدادة و 3 معامل باطون بالإضافة إلى صناعة الحلويات وحرفة الخياطة (15 خياطا وخياطة). وقد ازدهرت سابقا صناعة لفائف التبغ في 3 معامل لكنها اقفلت عام 1940.

تجاريا: ذاع صيت سوق الخميس الذي تحدث عنه مشاهير من علماء دين ورحالة زاروا البلدة. فهو مورد اساسي لتصريف البضائع الصناعية الزراعية..

اما النشاط التجاري فهو في تزايد مستمر، فهناك 263 محلا يبيعون مختلف المنتوجات بالإضافة إلى 3 محلات مجوهرات ويوجد مصارف ومسلخ للحوم في منطقة الوادي..

وقالت بعض المصادر ان بعض التجار يقومون بشراء سلع وادوات من فلسطين في ظل غياب الجمارك وذلك عن طريق مرفأ الناقورة، حيث لا يوجد ضرائب والكلفة قليلة. ويقوم هؤلاء باحتكار السوق امام التجار الباقين.

كما ان العدو الصهيوني فرض على ابناء البلدة شراء بضائع ذات صناعة يهودية (عبرية) ومنعهم من شراء البضائع اللبنانية الا ان المواطنين رفضوا ذلك.

* السياحة

في بنت جبيل معالم اثرية كثيرة ويقال بانه ابتداء من منزل السيد هاشم الحكيم وحتى الجامع الكبير شرقا كانت المنطقة عبارة عن قلعة لا تزال اثارها ظاهرة، ووجدت امام المسجد اعمدة مكتوب عليها بالرومانية حسب الشائع. كما اكتشفت مقبرة رومانية تشبه مدافن صور بالاضافة إلى مجموعة كبيرة من الاباريق والخزفيات والذهب وبعض المعاصر القديمة. ويعتبر المسجد الكبير الاثر الشاهد على تاريخ البلدة وكذلك دار صالح بزي.

في القرن السابع عشر، بتاريخ 22-5-1838 مر فيها الرحالة الاميركي "ادوارد روبنسون" وبات في ضيافة احد وجهائها ووصف البلدة واخبارها.. كما مرة الرحالة "لويس لورتيه" عام 1884 واجاد في وصفها. ولزيارتها، هناك 13 مركزا بين مطعم ومحل للعصير وللقهوة، ويوجد استديو لتصوير الفيديو و 12 استديو للتصوير الفوتوغرافي.

خدمات عامة

* المياه

بالنسبة إلى وضع الخدمات، فان حالتها سيء بسبب الاحتلال. فعلى صعيد المياه، يوجد فيها بركة كبيرة تقع في وسط البلدة تبلغ مساحتها 6 دونمات وعمقها 4 دونمات وتعتمد على مياه الامطار وتستخدم للزراعة وري الماشية. وهناك ايضا عيون ماء كعين الكبيرة، عين الصغيرة، بيارة البركة ونبع بئر البراك الا انها تنضب في الصيف.

في العام 1963م، انشيء مكتب دائم لمصلحة المياه مصدر مياهها من الليطاني، وفي البلدة خزانان قديمان وهناك ابار خاصة لكل بيت بالإضافة إلى اضطرار الاهالي إلى شراء مياه الخدمة والشفة احيانا.. وبالنسبة إلى البئر الارتوازي، اخبرنا ان الدولة قامت بانشاء واحد في عيترون الا ان مياهه لا تكفي الحاجة في منطقة المسلخ كما لا يوجد خزانات تضخ المياه عبرها إلى البلدة.

* الطاقة والكهرباء

انيرت بنت جبيل عام 1966 ثم انشيء مكتب لشركة الكهرباء عام 1967، ويوجد فيها حاليا 5 محولات كهربائية حالتها لا بأس بها لكنها لا تكفي حاجة الاستهلاك المحلي، كما يوجد 9 مولدات تقريبا. وهناك ايضا 4 محطات للوقود ومحال لبيع الكاز والمازوت وقوارير الغاز.

* مراحل الاسر

عرفت بنت جبيل برفضها للاحتلال وكانت مقرا للاحزاب السياسية وللمقاومين والفدائيين، ففي عام 1948، كانت البلدة ساحة حرب بين جيش الانقاذ والعدو الصهيوني وبرز من الثوار علي بزي.

 وفي معركة المالكية، اشتبك المقاومون مع العدو فاستشهد قاسم ابو طعام في حيفا على ارض فلسطين ونمر طرفة في منطقة الهراوي (قرب قدس)، بينما جرح عبد الامير بيضون ووهبي شبيب بزي. ومن اعتداءات العدو القصف المدفعي الذي تعرضت له البلدة في 22-5-1970 فاستشهد من جرائه كل من : عبد النبي جواد ابو عليوي، سكنة محمد ايوب، الطفلتين تحية واحترام احمد ايوب، منيب قاسم حمقة ونعيمة خليل سعد، فيما اصيب 18 آخرون.

وفي عام 1973، استشهدت ايمان نعيم سعد في منزلها من جراء القصف العشوائي. ومن الاعتداءات ايضا ما حصل في سوق البلدة يوم الخميس 21-10-1976 عندما استهدفه العدو الصهيوني مما ادى إلى مقتل اكثر من 20 شخصا منهم والدا الشهيد غسان علوية (مارون الرأس) وفايز ابو عليوي وغيرهم.

وعلى اثر الاجتياح "الاسرائيلي" عام 1978، تعرض ابناء بنت جبيل للكثير من الممارسات التعسفية. فقد اقدم العملاء على سلب الراعي رامز ابو عليوي وتصفيته اثناء قيامة برعي قطيعه وجرح ابنه فاستنكر الاهالي ذلك ونظموا مسيرة ضخمة احتجاجا على ما جرى.

وفي الاتجاه نفسه، تشكلت "الادارة المدنية" التابعة للعملاء وقد فرضت على الاهالي حمل بطاقات صفراء اللون (كهوية) ودعتهم إلى العودة إلى منازلهم فهم بأمان، ولكن الذي حصل ان العميل علي نعمة جابر عمد إلى اعتقال جميل السيد محمد الذي كان من بين العائدين ولم يعرف عنه شيء حتى يومنا هذا. وفي عام 1979، اتهم العملاء الطالب محمد داغر (16 عاما) بوضع قنبلة في المدرسة التي تشرف على مركز العملاء فاختطف وسيق إلى تل النحاس ولم يعرف عنه شيء حتى الآن.

وفي العام 1984 شهدت البلدة اوسع حملة اعتقالات في تاريخها حيث اقدم العدو وعملاؤه على اعتقال 9 شخصا من ابنائها وتدمير 10 منازل حيث لا يزال عدد من هؤلاء في معتقل الخيام حتى اليوم.

ومن الممارسات التعسفية فرض الحراسة الليلية على الاهالي من عمر 18 سنة حتى 70 سنة لحماية العدو وعملائه في منطقة المسلخ وساحة البركة وساحة السرايا (السوق) وصف الهوا.. وعلى المواطن الذي يرفض الحراسة دفع مبلغ كبير من المال.

 ومن الأساليب الإرهابية إقدام العملاء على تجميع المواطنين ف 14-3-1978 في ساحة البلدة لمدة 7 ايام مما ادى إلى اصابتهم بامراض شتى، وصودف ان اطل عبد الامير فرج من النافذة فرآه العدو وقتله وكان اول شهيد يسقط، وفي مقابل هذه الممارسات، جرت تحركات للتوعية الوطنية تصون الاهالي من الانخراط في صفوف العملاء، كان على رأس العاملين فيها السيد عبد الرؤوف فضل الله الذي كان يرفض التعامل مع العدو على الرغم من جميع المحاولات، كما اصدر فتاوى تحرم التعامل مع العدو وعملائه وتحرم شراء بضائعه مما اثار سخطهم.

وقد شهدت البلدة سلسلة عمليات للمقاومة الاسلامية ابرزها عملية الاستشهادي صلاح غندور في صف الهوا بتاريخ 25-4-1995، وقد استهدفت قافلة لقوات الاحتلال على بوابة مركز الـ 17 ادت إلى مقتل 17 جنديا صهيونيا وجرح 15 آخرين بالإضافة إلى احتراق 5 آليات وتدمير جزء كبير من مبنى ما يسمى بالإدارة المدنية.