شبعا     

تقع بلدة شبعا و مزارعها في قلب جبل الشيخ، و تنتشر على هضابه و سفوحه و اوديته، وهي في الجهة الجنوبية الشرقية من لبنان . على مثلث الحدود اللبنانية - السورية – الفلسطينية، كما أنها إحدى قرى العرقوب تتبع إداريا إلى قضاء حاصبيا . تتسم بلدة شبعا بالاتي :

1.   وجودها في قلب جبل الشيخ بما يشبه الحصن المنيع .

2.   يبلغ امتداد البلدة مع مزارعها اكثر من 25 كلم اي خمسي امتداد جبل الشيخ الذي يبلغ امتداده 60 كلم .

3.   تنوع المناخ في نطاق البلدة والمزارع لوجود مناطق يجاوز ارتفاعها عن سطح البحر الفي متر، ووجود مناطق اقل ارتفاع ومنخفضة.

4.   يتنوع الانتاج الزراعي و الحيواني في البلدة نتيجة المناخ و طبيعة الارض و اتساع المساحة، ففي الاعالي كل انواع الاشجار المثمرة التي تعيش في المناطق البارة وفي اواسطها الحبوب على انواعها والزيتون والبرتقال و الفستق و الحمضيات.

5.   توفر المياه التي تؤمن احتياجات البلدة وري الاراضي.

6.   تعد البلدة أعلى المناطق المأهولة في جبل الشيخ و من أعلى القرى المسكونة في لبنان.

7.   تتصل بلدة شبعا ومزارعها بأراضي أكثر من ثلاثين بلدة في كل من (لبنان، فلسطين و سوريا) .

8.   يعتقد أن إسم بلدة " شبعا " لفظة سامية قديمة استعملها الآراميون والسريان والعرب والعبرانيون وغيرها من الشعوب السامية وهي تعني الرقم (7) كما تعني الشبع أو كثرة الإنتاج والغلال .

 

وكل هذه المدلولات وإن اختلفت في معانيها فهي تتوافق مع مواصفات متوافرة في بلدة شبعا .


إن إسم شبعا آرامي يدل على فيض الماء وتدفقه!، والساقية وقد يكون الإسم تحريفاً لفعل يعني الشبع والوفرة والخير أو العدد "سبعة" وإذا كان تدفق الماء وجريانه أو الساقية من أسباب التسمية، فهذا أمر ممكن جداً نظراً لتدفق المياه في جوار البلدة ووجود ينابيع عدة لا سيما نبع الجوز، نبع المغارة، فضلاً عن عدة ينابيع صغيرة.

 
وكذلك يوجد مجرى ماء كبير يعرف باسم " الساقية " حيث تجري فيه المياه في فصلي الشتاء والربيع وأوائل فصل الصيف منحدرة بين الشعاب وفي الأودية من منطقة جنعم والعيون، ثم تسير في منطقة عين الجديدة بين البساتين حتى تلتقي بنهر عين الجوز.


كما أن الشبع ووفرة الغلال يوافق واقع البلدة في قديم الزمان حيث أن الإنتاج كان وفيراً ومتنوعاً في حقولها وكرومها لا سيما الحبوب على أنواعها والعنب والزيتون والفاكهة.


الرقم سبعة: ربما يعني القرية السابعة أو العين السابعة. فشبعا إحدى قرى العرقوب الحالية الخمس :

الهبارية، كفر حمام، راشيا الفخار وكفرشوبا. كما أن هناك قريتين قد اندثرتا وآثارهما باقية في وادي حراثة وعلى الهضاب المنتشرة بين الروس وكروم الزيتونة والمرج، أو ربما تكون القرية السابعة مع مزارعها التي بقيت عامرة حتى تدميرها أخيراً من قبل العدو الإسرائيلي بين سنتي1967 – 1970 والتابعة لها وهي : " شبعا – برختا – مراح الملول – كفردورة – فشكول – القرن " وذلك قبل إزدياد عدد المزارع فيما بعد وضم مزرعة المغر بعد شرائها وهي قرب بحيرة الحوله وأصبحت من أملاك شبعا في القرن التاسع عشر .


وأما إذا كان إسم " شبعا " مرتبطاً بالعيون أو الينابيع السبعة فذلك أمر ممكن لوجود سبعة ينابيع في محيط البلدة وهي: نبع عين الجوز،المغارة، عين الجديدة، نبعة القاطع، عين الشرقية، عين فلسقين قرب البيادر ونبعة أنيسة، وفي مطلق الأحوال ومهما تعددت الآراء واختلفت في صدد التسمية فإنها في معظمها قريبة من الواقع متوافقة مع مواصفات بلدة " شبعا " إن لجهة الرقم سبعة أو لجهة توافر الخير.


* تاريخها: 
خلال الحكمين الاموي و العباسي انتقلت الكثير من القبائل العربية الى لبنان. وانتشرت في غالبية المناطق اللبنانية ونقلت معها الخلاف القيسي اليمني والذي نتج عنه يقطة الفكرة السفيانية لا سيما بعد ان بدأ الضعف يدب في الخلافة العباسية. وهدفت هذه الفكرة الى أعادة الخلافة الى البيت الاموي واعادة المكانة الى دمشق. ظهر في الشام أبي العميطر وهو علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية. ففي خلافة الامين أعلن أبو العميطر سنة
811 ميلادية- 190 هجرية أنه ابن شيخي صفين الامام علي ومعاوية ووقف الحزب اليمني الى جانبه ووقف الحزب القيسي ضده ومال اللبنانيون الى جانبه وحاربوا معه وقد تزعم ضده محمد بن بيهس الكلابي و جرت معركة عنيفة بينهم في شبعا والمنطقة المحيطة حيث مالت الكفة ضد العميطر و يذكر ان هذه الحادثة التاريخية هي من أقدم الاحداث التاريخية التي يقترن اسمها باسم بلدة شـبـعا. كانت هذه المرحلة بداية النزاعات التي اضعفت الخلافة في بغداد واصبحت سلطة الخليفة إسمية وقد شهدت المرحلة أحداثا خطيرة زالت الخلافة العربية وانتقلت بشكل نهائي الى غير العرب ,حصلت حروب و تعاقب على الحكم الكثير من الامراء والملوك ثم كان الغزو المغولي الذي اتسم بالعنف و التدمير والتخريب والقتل و الفتك ومن اهم ما الاحذاث التي وقعت في المنطقة كانت محاربة وطرد الصليبين من البلاد وفي سنة 1173 م تشجعت القبائل العربية على أخد دورها في محاربة الصليبين واهمها ما قام به بنو شهاب في منطقة وادي التيم توجه الامراء الشهابيون من حوران الى منطقة وادي التيم وأقاموا الظهر الاحمر ومرجعيون و كان الصليبين يسيطرون على المنطقة و توطنوا في حاصبيا ولما بلغهم نزول القبائل العربية في الظهر الاحمر بدأ الصليبيون بالاستعداد و قد جمعوا خمسين ألف مقاتل وكان عدد الشهابيين العرب اقل بكثير وقعت الحرب سنة 1173 إذ هاجم الشهابيون الصليبين ودارت معارك طاحنة دامت أيام انتصر فيها الشهابيون بقيادة الامير المنقذ وقتلوا ملك الصليبين و اصبحت وادي التيم تحت ظل الامارة الشهابية العربية قاعدتها حاصبيا. ومرت الايام ودخل المغول الى منطقة وادي التيم في عهد الامير الشهابي سعد شهاب، نزح جميع سكان منطقة وادي التيم وجبل الشيخ نتيجت الوحشيةالمغولية و بقيت المنطقة خالية من السكان حتى مطلع القرن الخامس عشر بدء السكن من جديد في شبعا بعد انكفاء الغزو المغولي وقد بنى الامير نجم الدين الشهابي قصراً في أعلى قمم جبل الشيخ للاصطياف وأخذت الحياة تعود إلى شبعا وتركز السكن في المناطق القريبة من الماء أي العين ونبع القاطع وكانت الهضاب والتلال المحيطة بالبلدة مكسوة بالاشجار الكثيفة من سنديان وملول و زعرور وغيرها . كانت بعض البيوت القديمة تبنى حول شجرة بعد أن يتم قص أغصانها باستثناء الجذع الذي يبقى ليقوم مقام العمود. وبذلك شكلت هذه المنطقة مكاناً للعيش وملجأ لمن يريد ان يرتاح من جور السلطة الحاكمة وظلمها وخلال القرن الخامس عشر بدأت تتركز الاوضاع السياسية في لبنان وسيما نظام الحكم الذي ارتكز على النظام الاقطاعي. ومنطقة وادي التيم وجبل الشيخ كانت قد اصبحت تحت حكم الامراء الشهابيين منذ انتصارهم على الصليبيين وكانت حاصبيا المقر الاول لهم. وقد ارتبطت بلدة شبعا بحكم الامراء الشهابينون خلال هذين القرنين بدأ السكن في شبعا ينمو و يكبر كما توضحت حدودها و امتدادها من عيون جنعم وأعالي الرشاحة وقمم الجبل الشرقية حتى مزرعة القرن وفشكول باستثناء المغر التي اصبحت ملكاً لشبعا في أوائل القرن التاسع عشر من هي العائلات التي شكلت شبعا والتي كانت السباقة اليها. 


بدأ القرن التاسع عشر وكان حافلاً باحداث سياسية وعسكرية وفكرية شملت لبنان و بلاد الشام، شهد مطلع هذا القرن حدثاً هاماً وهو دخول قوات محمد علي باشا الى البلاد الشامية ووصوله الى حدود تركية. تدخلت الدول الاوربية بالتعاون مع السلطة العثمانية وأخدت تدفع الشعب الى الثورة ضد محمد على باشا وابنه ابراهيم لقد عظم شأن الثورة ضد أبراهيم باشا فعمت المناطق وتوالت المعارك بين الاهالي والجيش المصري وكان في الطليعة أبناء وادي التيم حصلت سلسة معارك بين المصريين والدروز في الشوف وحوران وراشيا اعقب هذه المعارك معركة جنعم قرب بلدة شبعا وهي الاخيرة تمكنت قوات ابراهيم باشا من وضع حد للثورة في وادي التيم بعد محاصرتهم . دخلت مفاوضات الصلح بين ابراهيم باشا والثوار في شبعا انتهت بأصدار عفوعن الثوار.

 
اعتباراً من 30 آب سنة 1920 أصبحت بلدة شبعا بلدة لبنانية، إذ أنه بعد إعلان دولة لبنان الكبير من قبل الجنرال غورو المندوب السامي الفرنسي صدر قرار رقم 299 نصت مادته الآولى على أن تلحق, إدارياً كل من أقضية حاصبيا و راشيا و بعلبك و البقاع بالاراضي اللبنانية، ومن المعروف أن هذه الاقضية كانت تابعة لولاية دمشق. كانت هذه المقاطعات، الاقضية، ألفت لبنان الكبير وفقاً للقرار 318 الصادر في 31 اب سنة 1920. وقد أثار إعلان دولة لبنان انقسامات بين اللبنانيين إذ ان فريقاً كان يطالب بلالتحاق بالدولة العربية, حكومة الملك فيصل, في دمشق والفريق الاخر يطالب بإقامة دولة لبنان .

 
بقي التنظيم الاداري والسياسي في شبعا في بداية العشرينات ومطلع الثلاثينات شبيهاً بالمراحل السابقة إذ ان وجهاء البلدة يتوافقون على تعيين المختار ويرفعون عريضة الى القائمقام للمصادقة عليها. وكان لشبعا في هذه الفترة عدة مخاتير لعبوا دوراً في حياة البلدة.


تعتبر تربية الماشية احد الاعمدة الاقتصادية الهامة في الحياة القروية لا سيما في حياة ابناء بلدة شبعا حيث تتأمن مساحات لا بأس بها لرعي الماشية لا سيما الماعز. وقد امن تدرج ارتفاع الارض وتضاريسها من اودية ومناطق منخفضة الى تلال وهضاب وجبال مرتفعة فضلا عن وجود الاحراج ولكنها غير كافية فكان الرعاة يذهبون بقطعانهم الى بلاد بشارة في جبل عامل حيث يمضون فصل الشتاء ويعودون في اوائل الربيع وفي الصيف يصعدون بالقطعان الى الجرد الى اخر الصيف ومنهم من ينحدر بقطعانه الى منطقة النقار بعد ان تتم عملية الحصيدة و الرجيدة حيث تشكل بقايا القش والاعشاب اليابسة المراعي الصيفية لبعض القطعان و عملية رعي الماعز والتي مازالت قائمة حتى اليوم تؤمن دخلا مهما لاصحابها لذلك تحملوا المتاعب والمشقات وعملوا على تأمين المراعي لها والعناية بها وكانت أعداد الماعز فيما مضى أكبر مما هي عليه الان ولكن بسبب الاحتلال الاسرائيلي لمزارع البلدة وسائر قمم جبل الشيخ افقدها الكثير من المراعي فضلا عن المضايقات والقصف الشبه اليومي مما اضطر الرعاة اما الى ترك البلدة او بيع قطعانهم . واما الاغنام فان تربيتها محدودة جدا وفي عرف الرعاة غير صالحة للجبال الوعرة لذلك كان اقتناؤها نادرا جدا. اما الابقار فقد كانت من الحيونات التي اقتناها اباء البلدة بشكل واسع وهي تكاد موجودة لدى جميع ابناء البلدة لاعتمادهم عليها في الفلاحة أو لانتاج الحليب لا سيما في فصل الشتاء عندما يتوقف انتاج الماعز، وكان يقدر عدد الابقار في شبعا بأكثر من الف رأس  في مزارعها حوالي الالفي رأس بشكل دائم. واما الدواجن كالدجاج والحمام فهي من الضروريات المنزلية الواجبة الوجود في كل بيت لا سيما الدجاج حيث ان كل بيت كان فيه " قن " لتربية الدجاج من اجل الحصول على البيض ولحم الديوك اللذيذ، وكانت تربية الدواجن تساهم في دخل العائلة القروية من بيع الدجاج والديوك والبيض. لقد اهتم ابناء بلدة شبعا بتربية الخيل والدواب بسبب الحاجة الماسة اليها لحمل الاثقال في الجبال ونقلها مسافات بعيدة من المناطق الوعرة والاودية والسهول واستعاض بالسيارات والمكنات الحديثة لهذه المهمة في الوقت الحاضر لتوفر الطرقات ومما لا شك فيه انه لا يمكن الاستغناء عن الدواب في كثير من الاماكن نظرا لقساوة المناطق الجبلية المحيطة في البلدة .


أما الزراعة فقد كانت تشكل مورد الرزق الرئيسي لأبناء بلدة شبعا لذلك اهتموا بها وأعطوها ما تستحق من الرعاية والعناية وكانت الوسائل المستعملة بدائية والعمل الزراعي يتطلب جهداً كبيراً، وكان جميع أبناء القرية يملكون الأراضي الزراعية وإن تفاوتت المساحات بين صغيرة وكبيرة إلا أنها لم تنعدم تقريباً عند أحد كما أن غالبية السكان كانوا يمتلكون عدة الزراعة والفلاحة، وأهم المواسم الزراعية كانت تتمثل في زراعة الحبوب والزيتون والكرمة والبطاطا.

 
زراعة الحبوب: تشمل زراعة القمح على أنواعه وهو الغذاء الأساسي للإنسان ثم الشعير والكرسنة والجلباني وهذه تعد علفاً للحيوانات والحمص والذرة.

 

الزيتون: إن موسم الزيتون من المواسم المهمة في بلدة شبعا إذ أن مزارعها المنتشرة على التلال والأودية. تعتبر من المناطق الصالحة لنمو شجرة الزيتون ( فشكول– خلة غزالة– المغر....) .

ولقد لقيت شجرة الزيتون عناية خاصة من أبناء البلدة نظراً لإنتاجها الوفير الذي كان يسد حاجة البلدة تقريباً من الزيت والزيتون وكان في بعض السنوات يفيض عن الحاجة فيتم بيع قسم منه خارج البلدة، ومما يؤكد على وفرة الإنتاج كثرة المعاصر الموجودة فيها . 

 

الكرمة : من الأشجار التي كانت منتشرة في أراضي وخراج شبعا وكان الفلاح الشبعاوي يعطي قسما من إهتمامه للكرمة فهي تعطي العنب والدبس والزبيب للسهرات الشتوية . 

 

زراعة البطاطا : وهي من الزراعات المتميزة تنتشر في الأراضي المروية مثل الوادي والبساتين . 

وزراعة البطاطا لها أهميتها الخاصة في حياة أبناء شبعا الإقتصادية في قديم الزمان. فقد كانت البطاطا تعطي مردوداً جيداً لإنتاجها الوفير وجودتها ولذتها فكانت معروفة عند أهل الجوار الذين كانوا يوصون عليها سلفاً لأنها تبقى طيلة الشتاء محافظة على طعمها وجودتها. وكثيراً ما كانت تتم عملية تبادل البطاطا بمواد تموينية أخرى مع الجوار لا سيما أبناء قرى الهبارية والخلوات وكفر حمام ...