إبن معتوق الموسوي
1025 - 1087 هـ / 1616 - 1676 م

شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي.
شاعر بليغ، من أهل البصرة. فلج في أواخر حياته، وكان له ابن اسمه معتوق جمع أكثر شعره (في ديوان شهاب الدين).

 

هذَا الْعَقِيقُ وَتَلْكَ شُمُّ رِعَانِهِ

فَامْزُج لُجْيَن الدَّمْعِ مِنْ عِقْيَانِهِ

هذَا الْعَقِيقُ وَتَلْكَ شُمُّ رِعَانِهِ

فِيهِ قُلُوبَ العِشْقِ مِنْ رُكْبَانِهِ

وانزل فثمَّ معرّسٌ أبداً ترى

في سفحهِ انتثرت عقودُ جمانهِ

واشمم عبيرَ ترابهِ والثم حصى ً

وَاحْذَرْ رُمَاة َ الْغُنْجِ مِنْ غِزْلاَنِهِ

وَاعْدِلْ بِنَا نَحْوَ الْمُحَصَّبِ مِنْ مِنى ً

فُرْسَانِهِ أَوْ مِنْ قُدُودِ حِسَانِهِ

وَتَوَقَّ فِيهِ الطَّعْنَ إِمَّا مِنْ قَنَا

الوجناتُ والقاماتُ من أغصانهِ

أَكْرِمْ بِهِ مِنْ مَرْبَعٍ مِنْ وَرْدِهِ

رَقَصَتْ بِهِ طَرَباً مَعَاطِفُ بَانِهِ

مَغْنى ً إِذَا غَنَّى حَمَامُ أَرَاكِهِ

أو ما ترى الأقمار من سكانه

فَلَكٌ تَنَزَّلَ فَهْوَ يُحْسَبُ بُقْعَة ً

هذا بوجنتيه وذا ببنانه

خضب النجيع غزاله وهزبره

سَلْنِي فَإِنِّي عَارِفٌ بِمَكانِهِ

فَلَئِنْ جَهِلْتَ الْحَتْفَ أَيْنَ مُقَرُّهُ

أَوْ فِي الْجُفُونِ الْبِيضِ مِنْ فِتْيَانِهِ

هُوَ في الْجُفُونِ السُّودِ مِنْ فَتَيَاتِهِ

حجب البعاد شموسها بعنانه

من لي برؤية أوجه في أوجه

حَمَلَ النَّسِيمُ الْمِسْكَ فِي أَرْدَانِهِ

بِيضٌ إِذَا لَعِبَتْ صباً بِذُيولِهَا

فِيهِ وَقَنَّعَهَا الدُّجَى بِدُخَانِهِ

عمدت إلى قبس الضحى فتبرقعت

قَمَرٌ تَحُفُّ بِهِ نُجُومُ لِدَانِهِ

مِنْ كُلِّ نَيِّرَة ٍ بِتَاجِ شِقَيقِهَا

حَلْياً وَسَوَّرَهَا الْهِلاَلُ بِحَانِهِ

وَهبتْ لَهُ الْجَوْزَاءُ شُهْبَ نِطَاقِهَا

مُهَجِ الأُسُودِ وَذَاكَ مِنْ مُرَّانِهِ

هذي بأنصل جفنها تسطو على

وَيَسِيرُ مِنْهَا الْغَيْثُ في قُمْصَانِهِ

يفتر ثغر البرق تحت لثامها

والموت من وسنانها وسنانه

كَمَنَ النُّحُولُ بِخَصْرِهَا وَبسَيْفِهِ

ويقل منه الليث سرج حصانه

في الخدر منها العيس تحمل جوذراً

أَقْصَاهُ صَرْفُ الْبَيْنِ عَنْ جِيرَانِهِ

قسماً بسلع وهي حلفة وامقٍ

إلا وهمت بساكني وديانه

مَا اشْتَاقَ سَمْعِي ذِكْرَ مَنْزِلِ طَيْبَة ٍ

اللهَ ثَمَّنَ فِيهِ سَبْعَ جِنَانِهِ

بَلَدٌ إِذَا شَاهَدْتَهُ أَيْقَنْتَ أَنَّ

وَتَكَلَّفَتْهُ رِمَاحُ أُسْدِ طِعَانِهِ

ثغر حمته صاح أجفان المهى

تلقي بأنفسها على نيرانه

تمسي فراش قلوب أرباب الهوى

لَمْ يَرْوِ طَرْفِي الدَّمْعَ عَنْ إِنْسَانِهِ

لَوْلاَ رِوَايَاتُ الْهَوَى عَنْ أَهْلِهِ

فض المحدث عن سلافة حانه

لا تنكروا بحديثهم ثملي إذا

فيه مسيل الدمع من مرجانه

هُمْ أَقْرَضُوا سَمْعِي الجُمانَ وطالَبُوا

وَلَقَدْ رَأَى جَلَدِي عَلَى حِدْثَانِهِ

فَإِلاَمَ يَفْجَعُنِي الزَّمَانُ بِفَقْدِهِم

يُفْضِي إِلَى الإِطْنَابِ شَرْحُ بَيَانِهِ

عَتْبِي عَلَى هذّا الزَّمَانِ مُطَوَّلٌ

إِنَّ الأَدِيبَ الْحُرَّ حَرْبُ زَمَانِهِ

هَيْهَاتِ أَنْ أَلْقَاهُ وَهْوَ مُسَالِمي

أوقعت نفسك في الهوى وهوانه

ياقلب لاتشك الصبابة بعدما

كيف الفرار وأنت رهن ضمانه

تَهْوَى وَتَطْمَعُ أَنْ تَفِرَّمِنَ الْهَوَى

نِيرَانُهَا نَزَعَتْ شَوَى سُلْوَانِهِ

يا للرّفاقِ ومن لمهجة ِ مدنفٍ

بشراً وحبُّ المصطفى بجنانهِ

لم ألقَ قبلَ العشقِ ناراً أحرقت

ـتوراة ُ والإنجيلُ قبلَ أوانهِ

خَيْرِ النَّبِيِّينَ الَّذِي نَطَقَتْ بِهِ الْـ

وَكَفِيلُ نَجْدَتِهِ وَحِصْنُ أَمَانِهِ

كَهْفُ الْوَرَى غَيْثُ الصَّرِيخِ مَعَاذُهُ

والمخرسُ البلغاءَ في تبيانهِ

الْمُنْطِقُ الصَّخْرَ الأَصَمَّ بِكَفِّهِ

قد ضاقَ صدرُ الغيثِ عن كتمانهِ

لطفُ الإلهِ وسرُّ حكمتهِ الذي

وَالشِّرْكُ مُنْتَحِباً عَلَى أَوْثَانِهِ

قِرْنٌ بِهِ التَّوْحِيدُ أَصْبَحَ ضَاحِكاً

فِي مُحْكَمِ الآيَاتِ مِنْ فُرْقَانِهِ

نَسَخَتْ شَرَائِعُ دِينِهِ الصُّحُفَ الأُلَى

وخدودها مخضوبة ٌ بدهانهِ

تمسي الصّوارمُ في النّجيعِ إذا سطا

طرفٍ تحامى النومُ عن أجفانه

مَا زَالَ يَرْقُبُ شَخْصُهُ الآفَاقَ فِي

ويرى نجومَ الليلِ من خرصانهِ

وجِلاً يظنُّ النومَ لمعَ سيوفهِ

سَيْفاً كَقُرْطِ الْخَوْدِ في حُلْقَانِهِ

قلبُ الكميِّ إذا رآهُ وقد نضا

فِيهِ وَسُمْرُ الْقُضْبِ من قُضْبَانِهِ

وَلَرُبَّ مُعْتَرَكٍ زَهَا رَوْضُ الظُّبَى

فشقيقهُ يزهو على غدرانهِ

خضبَ النَّجيعُ قتيرَ سردِ حديدهِ

مُتَبَسِّمٌ وَالْبيضُ مِنْ أَسْنَانِهِ

تبكي الجراحُ النجلُ فيهِ والرّدى

بَجَوَارِحِ الآسَادِ مِنْ فُرْسَانِهِ

فَتَكَتْ عَوَامِلُهُ وَهُنَّ ثَعَالِبٌ

أخدانهِ عزريلُ من أعوانهِ

جِبْرِيلُ مِنْ أَعْوَانِهِ مِيَكالُ منْ

وجلا الضَّلالة َ في سنى برهانهِ

نُورٌ بَدَا فَأَبَانَ عَنْ فَلَقِ الْهُدَى

وكفى بهِ فخراً على أقرانهِ

شَهِدَتْ حَوَامِيمُ الْكِتَابِ بِفَضْلِهِ

إِنْ كُنْتَ لَمْ تَعْلَمْ حَقِيقَة َ شَانِهِ

سَلْ عَنْهُ يَاسِينَا وَطهَ وَالضُّحَى

عن فخرِ هاشمهِ وعن عِمرانهِ

وسلِ المشاعرَ والحطيمَ وزمزماً

الإكليلُ يستجدي على تيجانهِ

يسمو الذّراعُ بأخمصيهِ ويهبطُ

لغدا الدُّجى والفجرُ من أكفانهِ

وَلو تَسْتَجِيرُ الشَّمْسُ فِيه مِنْ الدُّجَى

عَنْ سَيْرِهِ لَمْ يَسْرِ في حُسْبَانِهِ

أَوْشَاءَ مَنْعَ الْبَدْرِ فِي أَفْلاَكِهِ

لَجَرَتْ بِحَلْبِتِه خُيُولُ رِهَانِهِ

أو رامَ من أفقِ المجرة ِ مسلكاً

شيءٍ بغيرِ الإذنِ من سلطانهِ

لاَ تَنْفُذُ الأَقْدَارُ فِي الأَقْطَارِ في

سلسُ القيادِ لديهِ طوعُ عنانهِ

أَللهُ سَخَّرَهَا لَهُ فَجَمُوحُها

في فلكهِ المشحونِ من طوفانهِ

فهو الَّذي لولاهُ نوحٌ ما نجا

فرعونهُ وسمى على هامانهِ

كلّا ولا موسى الكليمُ سقى الرَّدى

أو قيلَ لوحٌ فهوَ في عنوانهِ

إن قيلَ عرشٌ هو حاملُ ساقهِ

تجنى ثمارُ الجودِ من أفنانهِ

روحُ النعيمِ وروحُ طوباهُ الّذي

ـيْنِ عِنْدَ اللهِ فِي أَوْزَانِهِ

يَا سَيِّدَ الْكَوْنَيْنِ بَلْ يَا أَرْجَحَ الثَّقَلـ

فِي حُسْنِهِ وَالْغَيْثَ مِنْ إِحْسَانِهِ

والمخجلَ القمرَ المنيرَ بتمهِ

من ندّهِ والسمرُ من ريحانهِ

والفارسُ الشهمُ الّذي غبراتهُ

وَالْعَبْدَ مُعْتَرِفٌ بِعَجْزِ لِسَانِهِ

عُذْراً فَإِنَّ الْمَدْحَ فِيكَ مُقَصِّرٌ

يثني عليهِ اللهُ في قرآنهِ

ما قدرهُ ما شعرهُ بمديحِ من

وطويتُ فدفدهُ إلى غيطانهِ

لولاكَ ما قطعت بيَ العيسُ الفلا

لأَفُوزَ عِنْدَ اللهِ فِي رِضْوَانِهِ

أَمَّلْتُ فِيكَ وَزُرْتُ قَبْرَكَ مَادِحاً

حاشا نداكَ يعودُ في حرمانهِ

عبدٌ أتاكَ يقودهُ حسنُ الرجا

بِكَ يَسْتَقِيلُ اللهَ فِي عِصْيَانِهِ

فاقبل إنابتهُ إليكَ فإنهُ

فَاشْفَعْ لَهُ وَلآلِهِ يَوْمَ الجْزَا

ما حنَّ مغتربٌ إلى أوطانهِ صَلَّى الالهُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَى الوَرَى

أعلى الصفحة