صَفِيِّ الدينِ الحِلِّي
675 - 750 هـ / 1276 - 1349 م

عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم، السنبسي الطائي.
شاعر عصره، ولد ونشأ في الحلة، بين الكوفة وبغداد، واشتغل بالتجارة فكان يرحل إلى الشام ومصر وماردين وغيرها في تجارته ويعود إلى العراق.
انقطع مدة إلى أصحاب ماردين فَتَقَّرب من ملوك الدولة الأرتقية ومدحهم وأجزلوا له عطاياهم. ورحل إلى القاهرة، فمدح السلطان الملك الناصر وتوفي ببغداد.
له (ديوان شعر)، و(العاطل الحالي): رسالة في الزجل والموالي، و(الأغلاطي)، معجم للأغلاط اللغوية و(درر النحور)،

وهي قصائده المعروفة بالأرتقيات، و(صفوة الشعراء وخلاصة البلغاء)، و(الخدمة الجليلة)، رسالة في وصف الصيد بالبندق.

لئن ثلمتْ حدّي صُروفُ النّوائبِ

فقدَ أخلصتْ سبَكي بنارِ التَداربِ

لئن ثلمتْ حدّي صُروفُ النّوائبِ

عَزاءٌ مِنَ الأموالِ عن كلِّ ذاهبِ

وفي الأدبِ الباقي، الذي قد وهبنَني

وكَم رتبة ٍ قد نلْتُها غيرَ طالبِ

فكَم غايَة ٍ أدركتها غير جاهدٍ

ولا كلّ ماضٍ في الأمورِ بصائبِ

وما كلّ وانٍ في الطِّلابِ بمُخطىء ٍ

تَرى أقبحَ الأشياءِ أخذَ المواهبِ

سمَتْ بي إلى العَلياء نَفسٌ أبيّة ٌ

وحزم يُريني ما وراءَ العَواقبِ

بعزمٍ يريني ما أمامَ مطالبي،

أُكَلفُها مِنْ دونِهِ للأجانِبِ

وما عابَني جاري سوى أنّ حاجَتي

أباعِدَ أهلِ الحيّ قبلَ الأقاربِ

وإنّ نَوالي في المُلِمّاتِ واصِلٌ

ولكنّهُ مُغرًى بِعَدّ المَناقبِ

ولَيسَ حَسودٌ يَنْشُرُ الفَضلَ عائباً

إذا ظَهَرَتْ أخفَتْ وُجوهَ المَعائبِ

وما الجودُ إلاّ حلية ٌ مُستجادَة ٌ،

إذا هَذّبتْ غَيري ضروبُ التجارِبِ

لقد هَذّبَتني يَقظَة ُ الرّأيِ والنُّهَى

حِفاظَ المَعالي وابتذالَ الرّغائِبِ

وأكسَبَني قَومي وأعيانُ مَعشَري

كِرامُ السّجايا والعُلى والمناصِبِ

سَراة ٌ يُقِرُّ الحاسدونَ بفَضلِهِم

وإنْ رَكِبوا كانوا صُدورَ مَواكِبِ

إذا جَلَسوا كانوا صُدورَ مَجَالسٍ

وبالبيضِ عن أنيابِها والمخالِبِ

أسودٌ تغانتْ بالقَنا عن عَرينِها،

لديهِمْ سوى أعراضِهِم والمنَاقِبِ

يجودونَ للرّاجي بكلّ نفيسة ٍ

من القَصدِ، أذكوا نارَهم بالمناكِبِ

إذا نَزَلوا بطنَ الوِهَادِ لغامِضٍ

رأيتَ رؤوسَ الأُسدِ فوقَ الثّعالِبِ

وإن ركَزُوا غِبّ الطّعانِ رِماحَهُمْ

به الشّكرَ كَسباً وهوَ أسنى المكاسِبِ

فأصبَحتُ أفني ما ملكتُ لأقتَني

عَصا الحارثِ الدُّعمي أو قوس حاجبِ

وأرهنُ قولي عن فِعالي كأنّهُ

قليلاً مُعادِيه كثيرَ المُصاحِبِ

ومن يكُ مثلي كاملَ النفسِ يغتَدي

إليّ، وما دَبّتْ إليَهِمْ عقَارِبي

فَما للعِدى دَبّتْ أراقِمُ كَيدِهمْ

وماليَ ذَنبٌ غَيرَ نَصرِ أقارِبي

وما بالُهُمْ عَدّوا ذُنُوبي كَثيرَة ً

إذا دَمِيَتْ منهم حدُودُ الكَواعِبِ

وإنّي ليُدمي قائمُ السّيفِ راحَتي

ولا كلّ مَن أجرَى اليَراعَ بكاتِبِ

وما كلّ مَن هَزّ الحُسامَ بضارِبٍ.

بتسعينَ أمسَى فائزاً غَيرَ خائِبِ

وما زِلتُ فيهِم مثلَ قِدحِ ابن مُقبلٍ

فُلُولُ سيوفٍ ما نبَتْ في المَضارِبِ

فإنْ كَلّموا مِنّا الجُسومَ، فإنّها

إذا ما نَبَتْ عنّي سيوفُ المَثالِبِ

وما عابَني أنْ كلّمتني سيوفُهمْ

درأتُ بمُهري في صُدورِ المقَانِبِ

ولمّا أبَتْ إلاّ نِزالاً كُماتُهُمْ

وعودتُ ثغرَ التربِ لثمَ التَرائبِ

فَعَلّمتُ شَمّ الأرضِ شُمّ أُنوفِهِمْ،

لهُ أربْعٌ تَحكي أناملَ حاسِبِ،

بطرفٍ، علا في قَبضهِ الريحث، سابح،

وفي الكريبدي كرة ً غيرَ لاعبِ

تلاعبَ أثناءَ الحُسامِ مزاحُهُ،

كلمعِ غديرٍ، ماؤهُ غيرُ ذائبِ

ومَسرودَة ٍ من نَسجِ داودَ نَثرَة ٍ

وأبيَضَ مَسنونِ الغِرارينِ قاضِبِ

وأسمَرَ مَهزوزِ المَعاطفِ ذابِلٍ،

كأنّ على متنيهِ نارَ الحباجبِ

إذا صَدَفَتهُ العَينُ أبدَى تَوقَّداً،

حديدَ فِرِندِ المَتنِ رَثّ المَضارِبِ

ثنى حَدَّهُ فَرطُ الضُرابِ، فلم يزَل

بأفضَلِ مَضُروبٍ وأفضَلِ ضارِبِ

صدعتُ بهِ هامَ الخطوبِ فرعنَها

غذا جذبتْ صرتْ صريرَ الجنادِبِ

وصفراءِ من روقِ الأراوي نحيفة ٍ،

يسر عقوقاً رفضُهُ غيرُ واجِبِ

لها وَلَدٌ بَعدَ الفِطامِ رَضاعُهُ

سعَى نحوَهُ بالقَسرِ سعيَ مجانبِ

إذا قرّبَ الرّامي إلى فيهِ نحرَهُ

ويدبرُ في جريٍ كركضة ِ هاربِ

فيُقبِلُ في بُطْء كخُطوَة ِ سارِقٍ،

فرَقْتُ بها بَينَ الحَشَى والتّرائبِ

هناكَ فجأتُ الكَبشَ منهمْ بضَرْبَة ٍ

بغيرِ انتدابِ الشُّوسِ أو ندبِ نادِبِ

لدَى وقعَة ٍ لا يُقرَعُ السمعُ بينَها

ولا فَضلَ لي بينَ القَنا والقَواضِبِ

فقُلْ للذي ظَنْ الكِتابة َ غايَتي،

وبالكتُبِ أردَيناهُ أمْ بالكتَائِبِ

بحدّ يَراعي أمّ حُسامي علَوتُهُ،

مُعَطَّلَة ٌ من حَلْيِ دُرّ الكَواكِبِ

وكم لَيلَة ٍ خُضتُ الدُّجى ، وسماؤهُ

فلمّا تبَدّى النَجمُ قلتُ لصاحبي:

سريَتُ بها، والجَوُّ بالسُّحبِ مُقتِمٌ،

يُضيءُ سَناهُ أم مَصابيحَ راهِبِ

اصاحِ ترى برقاً أريكَ وميضَهُ

سليلَة ِ نُجبٍ أُلحِقَتْ بنَجائبِ

بحَرْفٍ حكَى الحَرفَ المُفخَّمَ صَوتُها

إليهِ، وما أمّتْ بهِ في المشاربِ

تعافُ ورودَ الماءِ إن سَبَقَ القَطا

إذا قلتُ تمّتْ أردَفَتْ بسبَاسبِ

قطعتُ بها خوفَ الهوانِ سباسباً،

مُنَزَّهَة ِ الألفاظِ عن قَدحِ عائبِ

يسامرني في الفِكرِ كلُّ بديعة ٍ

وتحدو بها طوراً حُداة ُ الركائبِ

يُنَزّلُها الشّادونَ في نَغَماتِهِمْ،

ونزهتُ نفسي عن طِلابِ المواهبٍ

فأدركتُ ما أمّلْتُ من طَلبِ العُلا،

وما عُدّ مَن عافَ الهِباتِ بخائِبٍ

ونِلتُ بها سُؤلي منَ العِزّ لا الغِنَى ،

 أعلى الصفحة

ألَستَ تَرَى ما في العُيونِ من السُّقْمِ،

لقد نحلَ المعنى المدفَّقُ من جسمي

ألَستَ تَرَى ما في العُيونِ من السُّقْمِ،

على أنّها من ظلمِها غصبتْ قِسمي

وأضعَفُ ما بي بالخصورِ من الضّنا،

لقَد غَفَلَتْ عينُ الرّقيبِ على رُغمِ

وما ذاكَ إلاّ أنَّ يومَ وَداعِنا

لجنسية ٍ كانتْ لهُ علّة َ الضّمِّ

ضممتُ ضنا جسمي إلى ضُعفِ خصرِها

فوَجنَتُها تَدمَى وألحاظُها تُدمي

رَبيبَة ُ خِدْرٍ يجرَحُ اللّحظُ خدَّها،

ويؤلمُهُ إنْ مرّ مرآهُ في وهمي

يُكَلّمُ لَفظي خدّها إن ذَكَرْتُهُ،

تُضِلُّ وتَهدي من ظَلامٍ ومن ظَلمِ

إذا ابتسمتُ، والفاحمُ الجعْدُ مسبلٌ،

وقالتْ: لعمري هذهِ غاية ُ الذّمِّ

تَغَزّلتُ فيها بالغَزالِ، فأعرَضَتْ،

نفاراً، وقالتْ صرتَ تطمعُ في شتمي

وصدتْ، وقد شبهتُ بالبدرِ وجهها

وخاطَرتُ فيها بالنّفيسِ على عِلمِ

وكم قد بذلتُ النفسَ أخطبُ وصلَها،

نعمتُ بها ثمّ استمرتْ على العقْمِ

فلمْ تلدِ الدّنيا لنَا غيرَ ليلة ٍ

أُرَصّعُ فيها اللّفظَ في النّثرِ والنّظمِ

فَيَا مَن أقامَتني خَطيباً لوَصفِها،

وأعوزَ سِلكٌ للنّظامِ فها جِسمي

خذي الدُّرّ من لَفظي فإن شئتِ نظمَه

ورتبَة َ دَسْتِ المُلكِ والجاهِ والحُكمِ

ففيكِ هدرتُ الأهلَ والمالَ والغِنى

صَدقتِ، فهلاً جازَ عَفُوك في ظُلمي

وقلتِ لقد أصبحتَ في الحيّ مفرداً،

فتسهرَ خوفاً أن ترانيَ في الحُلْمِ

ألمْ تشهدي أنّي أمثلُ للعِدَى

بأضيَقَ من سُمٍّ وأقتَلَ من سُمّ

فكمْ طمِعوا في وحدتي فرميتهُمْ

بجيشٍ يصدُّ السيلَ عن مربضِ العصمِ

وكم أججوا نارَ الحروبِ وأقبلوا

وصوتَ زَئيري بينَ قعقَعة ِ اللُّجمِ

فلم يسمعوا إلاّ صليلَ مهنّدي،

فهُمْ في وبالٍ من كلامي ومن كلمي

جعلتهمُ نهباً لسيفي ومقولي،

والاّ تفاجا في مجالِ الوغي باسمي

تودُّ العِدى لو يحدقُ اسمُ أبي بِها،

فتذكرني بالمدحِ في معرضِ الذّمِّ

تُعَدّدُ أفعالي، وتلكَ مَناقِبٌ،

لنمّ عليهم في جباههمُ وسمي

ولو جحدوا فعلي مخافة َ شامتٍ

إلى المجدِ إلاّ كانَ خاليَ أو عمّي

فكَيفَ ولم يُنسَبْ زَعيمٌ لسِنبِسٍ

وفعلي فهذا الرّاحُ من ذلكَ الكرمِ

وإن أشبهتَهُمْ في الفخارِ خلائقي

ولا طاشَ في ظنّي لغَدرِكمُ سَهمي

فقُلْ للأعادي ما انثَنيْتُ لسبّكم،

كذا من أعان الظّالمينَ على الظُّلْمِ

نظرنا خطاياكُم، فأغريتُمُ بِنا،

وإن أرضَ عنكم من حيَائي فبالرّغمِ

أسأتُم، فإنْ أسخَطْ عليكُم فبالرّضَى ،

أشُدُّ به أزري وأعلي بهِ نَجمي

لجأتُ إلى رُكْنٍ شَديدٍ لحَرْبكُم،

فلا تَنزِلُ الأيّامُ إلاّ على حُكمي

وظَلْتُ كأنّي أملِكُ الدّهرَ عِزَّة ً،

إذا بُنِيَتْ كَفُّ اللّئيمِ على الضّمْ

بأروعَ مبنيٍّ على الفَتحِ كفُّهُ،

حليفُ العفافِ الطّلقِ والنّائلِ الجَمِّ

مَلاذي جلالُ الدّينِ نجلُ محاسنٍ،

كما العَينُ للإبصارِ والأنفُ للشّمِّ

فتًى خلِقتْ كَفّاهُ للجُودِ والسَّطا،

فدِيمتُهُ تهمي وسطوتُهُ تصمي

لهُ قَلَمٌ فيهِ المَنيّة ُ والمُنى ،

ويُضرِمُ نار الحربِ في حالَة ِ السّلمِ

يراعٌ يروعُ الخطبَ في حالة ِ الرّضَى ،

وصالَ، فأفنى جِرْمُهُ كلَّ ذي جِرْمِ

وعَضبٌ كأنّ الموتَ عاهدَ حَدَّهُ،

وقد قَلّتِ النُّصّارُ بالعَزْمِ والحزْمِ

فَيَا مَن رَعانا طَرفُهُ، وهوَ راقِدٌ،

لها مَلمساً أدمَى براجمهَا لَثمي

يدُ الدّهرِ ألقتنا إليكَ، فإنْ نُطِقْ

لنَصرِكَ لا يَنفَلُّ جَدّي ولا عَزمي

أطَعتُكَ جُهدي، فاحتَفِظْ بي فإنّني

وهيهاتَ لا يُغني الوَليُّ عن الوَسْمي

فإن غبتَ، فاجعلْ لي وَلياً من الأذَى ،

لا يَظُنّنّ مَعشَري أنّ بُعدي

لا يَظُنّنّ مَعشَري أنّ بُعدي

عنهمُ اليومَ موجبٌ للتراخي

بل أبَيتُ المُقامَ بعَدَ شُيوخي،

ما مقامُ الفرزانِ بعدَ الرّخاخِ

أينما سرتُ كانَ لي فيهِ ربعٌ،

وأخٌ مِن بَني الزّمانِ أُؤاخى

وإذَا أجّجُوا الكِفاحَ رَأوني

تابعاً في مجالها أشياخي

ربّ فعلٍ يسمو على شامخِ الشُّـ

ـمّ، وقولٍ يسمو على الشماخِ

حاولتني منَ العداة ِ ليوثٌ

لا أراها بَعوضَة ً في صِماخي

قد رأوا كيفَ كان للحَبّ لَقطي،

وفراري من قبل فقس الفِخاخ

إنْ أبادوا بالغدرِ منّا بزاة ً

وَيلَهم من كَمالِ ريشِ الفِراخ

سوفَ تَذكو عَداوَة ٌ زَرَعُوها،

إنّها أُلقِيَتْ بغَيرِ السِّباخ

 أعلى الصفحة

سَلي الرّماحَ العَوالي عن معالينا،

واستشهدي البيضَ هل خابَ الرّجا فينا

سَلي الرّماحَ العَوالي عن معالينا،

في أرضِ قَبرِ عُبَيدِ اللَّهِ أيدينا

وسائلي العُرْبَ والأتراكَ ما فَعَلَتْ

عَمّا نَرومُ، ولا خابَتْ مَساعينا