إبن معصوم
1052 - 1119 هـ / 1642 - 1707 م

علي بن أحمد بن محمد معصوم الحسني الحسيني، المعروف بعلي خان بن ميرزا أحمد، الشهير بابن مَعْصُوم.

عالم بالأدب والشعر والتراجم شيرازي الأصل، ولد بمكة، وأقام مدة بالهند، وتوفي بشيراز، وفي شعره رقة.

من كتبه (سلافة العصر في محاسن أعيان العصر)، و(الطراز) في اللغة، على نسق القاموس، و(أنوار الربيع)، و(الطراز) شرح بديعية له، و(سلوة الغريب) وصف به رحلته من مكة الى حيدر آباد، (الدرجات الرفيعة في طبقات الامامية من الشيعة) له (ديوان شعر).

هذه الأرضُ قد سقتها السماءُ

فاسقياني سقتكما الأنواءُ

هذه الأرضُ قد سقتها السماءُ

في هواها وطابَ منها الهواءُ

بنتَ كرمٍ قد هام كلُّ كريم

ألبسَتْها نطاقها الجوزاءُ

واجلُواها عذراءَ تحكي عروساً

مَيْتُ هجرٍ قد عزَّ منه الشفاء

وأعيدا مديح يحيى ليحيا

حبَّذا العونُ في العُلى والرجاءُ

هو عَوني على العُلى ورجائي

في همومي ودِيمتي الوطفاءُ

وهو أنسي في وحشتي وسُروري

بنداهُ الأمواتُ والأحياءُ

شملَ الخلقَ فضلُه فأقرَّت

والمعالي به لهنَّ اعتلاءُ

فبيحيى لا يبرح الفضلُ يحيا

هكذا هكذا يكونُ الإخاءُ

أحكمَ الودُّ منه عَقدَ إخائي

سقياً لمَثْناة ِ الحجاز وطيبها

ولسُوحِ رَوضتِها وسَفح كثيبِها

سقياً لمَثْناة ِ الحجاز وطيبها

تنسابُ بين مَسيلها ومَسيبِها

وظِلالِ دوحٍ في شَريعتها التي

كلِّ الرِّياض بحسنِها وبطيبها

ورياضِ بَحْرتها التي فاقت على

وترابِها ما صحَّ من تَركيبها

يَنفي الوَبا عن مائِها وهوائِها

نفسي من اللَّذات كلَّ نصيبها

لله عَقْوتُها التي نالت بها

أختالُ بين رَبابِها ورَبيبها

كم بتُّ فيها ساحباً ذيلَ الصِّبا

دبَّت حُميَّا الكأسِ بعض دَبيبها

ويكفُّني حلمُ الحِجا حتى إذا

ما زال دهري مُعجَباً بعجيبها

مزَّقتُ جلبابَ الوَقار بصبوَة ٍ

سُلافِتا الذَّهبيُّ في تذهيبِها

واهاً لها من ليلة ٍ لم يألُ لونُ

بل كم شفت نفساً بقُرب حبيبها

كم شنَّفتْ كأساً بدُرِّ حَبابها

وأرحْ براحَتها فؤادَ كئيبها

يا ساقيَ الراح الشهيَّة هاتِها

إن رمتَ بُعدَ الهمِّ من تقريبها

قرِّب كؤوسَك ـ لا نأيتَ ـ فلا غِنى ً

فالأنسُ موقوفٌ على شرِّيبها

أدِم اصطِباحاً واغتباقاً شِربَها

واختَزْلها الألقابَ في تَلقيبها

صِفها بأحستِ وصفِها ونُعوتها

ياقوتة ٌ ذابتْ بكفِّ مُذيبها

حمراءُ تسطعُ في الكؤوس كأنَّها

وافترَّ ثغرُ الكأس من تَقطيبها

صرفت همومَ الشاربين بِصرْفها

ما رجَّعت ورقاءُ في تَطريبِها

لو لم يكنْ في الرَّوض مغرسُ كرمها

بجوامع اللذَّات غيرُ مُجيبها

دعت العقولَ إلى الذُّهول فلم يفز

في الحُسن عند طلوعها ومَغيبها

ومليحة ٍ قد أشْبَهتْ شمسَ الضُّحى

بشروقها وتغيبُ في غِرْبيبها

تبدو فتختطفُ العيونَ مضيئة ً

فقصرتُ أشعاري على تشبيبها

شبَّت فشبَّت في الحشا نارُ الأسى

فاعجبْ لحُسن نَسيبها لنَسيبها

ناسبتُها ونسبتُ في شِعري بها

تذكو فيشكو القلبُ حرَّ لهيبها

ومن العجائب أنَّ جمرة َ خدِّها

يَقضي بصبِّ مدامعي وصَبِيبها

ما زال منذُ فقدتُّها وَصَبِي بها

إلاَّ أغصَّتني بعين رَقيبِها

ما ساغَ موردُ وصلها لي ساعة ً

في الحبِّ أحوالي على تَرتيبها

بالله ربِّكم اسمَعوا أشرَحْ لكمِ

فمُنِعْتُها فقضيتُ من كلفي بها

أبصرتُها فعشِقتُها فطلبتُها

من وجدها بلْ زدْتَ في تعذيبها

يا عاذِلي ما رمتَ راحة مهجتي

يكفيكَ صدقُ هوايَ في تكذيبها

لا تكثرنْ نُصحي فتلكَ نصائحٌ

عندي وان بالغتَ في تهذيبها

ما هُنَّ غيرُ وساوسٍ تهذي بها

يزدادُ فرطُ هواهُ من تأنيبها

هيهات يَسلو بالمَلامة مغرمٌ

رشقته نبلُ لحاظِها بمصيبها

ويرى السلوُّ مصيبة ً من بعدما

ولمدح مُنتخَب العُلى ونجيبها

ما زلتُ انتخبُ القريضَ لوصفها

وعريفِ ساداتِ الهُدى ونَقيبِها

مُولي المعارِف والعوارفِ والنَّدى

وحسيبُها المشهور وابنُ حسيبها

ان عُدَّت الأنسابُ فهو نسيبُها

هي في غنى ً عن بُردها وقضيبها

حاز الفخارَ بِنسْبة ٍ نبويَّة ٍ

جلَّت عن ابن قَرينها وقَريبِها

وروى مُعنعنَ مجده برواية ٍ

كانت مناقبُه لسانَ خَطيبها

ندبٌ إذا افتُرِغَتْ منابرُ مِدحة ٍ

فحسينُها الحسنيُّ صدرُ رَحيبها

وإذا المجالسُ بالصدُور تزاحمتْ

من أمَّة الفُضلاءِ قلبُ مُنيبِها

هو كعبة ُ الفضلِ التي يَهوي لها

إذعانَ هائِبها لبأس مَهيبها

ذلَّت وأذعَنتِ الأباة ُ لمجدِه

ببعيدِ غاياتِ العُلى وقَريبها

يا أيُّها الشهمُ الذي سَبقَ الورى

عن أن تَنالَ عُلاه كفُّ خَضِيبها

جُزتَ السماء بمُرتقى ً قد قصَّرتْ

لم يحوِها شيبٌ أوانَ مَشيبِها

وحويتَ إبَّانَ الشَّباب مَفاخراً

ضحكت به الآمالُ بعد نَحيبها

لله دَرُّكَ من جَواد ماجدٍ

بأوانسِ الألفاظِ دونَ غَريبها

وإليكها غرّاءَ تستلبُ النُّهى

حنَّت إلى لُقياكَ حَنَّة نِيبِها

وافتكَ تشرحُ شوقَ نَفسي عندما

شعرَ المحبِّ يفوقُ شِعرَ حبيبِها

قايسْ بها الأشعارَ في حُسنٍ تجدْ

تختالُ من أبرادِها بقَشِيبها

واسلمْ ودُم في نعمة ٍ طولَ المدى

أو غرَّدت ورقاءُ فوقَ قضِيبِها

ما رنَّحتْ ريحُ الصِّبا زهرَ الرُّبى

أيُّ ذنبٍ في هواكم أذنبَهْ

مغرمٌ لم يقضِ منكم أربَهْ

أيُّ ذنبٍ في هواكم أذنبَهْ

بجفاكم يا تُرى ما أوجبَهْ

أوجبَ البينُ له فرطَ الأسى

من رأى شَيئاً عجيباً أعجبَهْ

ليس نُكراً بكُمُ إعجابُهُ

وصبَا شوقاً وأبدى وَصَبَهْ

لا تلومُوه إذا هامَ بكم

وعذابي فيكُمُ ما أعْذبَهْ

ما ألذَّ الوجدَ في حِّبكُمُ

لو وَصَلتم من قَطعتُمْ سَببَهْ

يا نزول الخَيْفِ ما ضرَّكم

بعُدتْ أظعانكم ما قربَهْ

مُستهامٌ خانَه الصَّبرُ فمذْ

وإذا هبَّ نسيمٌ أطربَهْ

كلَّما لاحَ بريقٌ شاقَه

ما أساغَ الدَّهرُ يوماً مشربَهْ

منذُ أقصتهُ النَّوى عن داركم

هزَّه الشوقُ إليكمْ فانتَبهْ

وإذا رام هُجوعاً طَرفُه

بدرُ حُسنٍ منه في البدر شَبَهْ

وبشرقيَّ الحِمى من ضارِجٍ

وسَبى العقلَ غراماً وسبَهْ

أضرمَ الأحشاءَ وجداً وأسى ً

هاجمَ الصُبح عليه غَلبَه

أسمرٌ لو غالبَ اللَّيلُ به

عتبَ الصبُّ دلالاً أعتبَهْ

لا يرى في الحبِّ عتباً وإذا

وحكى الإدلالُ منه غضبَه

مزجَ الدلَّ بأعراض الجَفا

خفي الأمرُ عليه واشتبَهْ

فإذا رام محبٌّ عتبَهُ

أعلى الصفحة