شاعر جاهلي، يماني، من فحول الطبقة الثانية وكان من فتاك العرب وعدائيهم، وهو أحد الخلعاء الذين تبرأت منهم عشائرهم.

قتلهُ بنو سلامان، وقيست قفزاته ليلة مقتلهِ فكان الواحدة منها قريباً من عشرين خطوة، وفي الأمثال (أعدى من الشنفري). وهو صاحب لامية العرب، شرحها الزمخشري في أعجب العجب المطبوع مع شرح آخر منسوب إلى المبرَّد ويظن أنه لأحد تلاميذ ثعلب.

وللمستشرق الإنكليزي ردهوس المتوفي سنة 1892م رسالة بالانكليزية ترجم فيها قصيدة الشنفري وعلق عليها شرحاً وجيزاً .

أقيموا بني أمي صدورَ مطيَّكمْ

فإني ، إلى قومٍ سِواكم لأميلُ !

أقيموا بني أمي ، صدورَ مَطِيكم

وشُدت ، لِطياتٍ ، مطايا وأرحُلُ؛

فقد حمت الحاجاتُ ، والليلُ مقمرٌ

وفيها ، لمن خاف القِلى ، مُتعزَّلُ

وفي الأرض مَنْأىً ، للكريم ، عن الأذى

سَرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ

لَعَمْرُكَ ، ما بالأرض ضيقٌ على أمرئٍ

وأرقطُ زُهلول وَعَرفاءُ جيألُ

ولي ، دونكم ، أهلونَ : سِيْدٌ عَمَلَّسٌ

لديهم ، ولا الجاني بما جَرَّ ، يُخْذَلُ

هم الأهلُ . لا مستودعُ السرِّ ذائعٌ

إذا عرضت أولى الطرائدِ أبسلُ

وكلٌّ أبيٌّ ، باسلٌ . غير أنني

بأعجلهم ، إذ أجْشَعُ القومِ أعجل

وإن مدتْ الأيدي إلى الزاد لم أكن

عَلَيهِم ، وكان الأفضلَ المتفضِّلُ

وماذاك إلا بَسْطَةٌ عن تفضلٍ

بِحُسنى ، ولا في قربه مُتَعَلَّلُ

وإني كفاني فَقْدُ من ليس جازياً

وأبيضُ إصليتٌ ، وصفراءُ عيطلُ

ثلاثةُ أصحابٍ : فؤادٌ مشيعٌ ،

رصائعُ قد نيطت إليها ، ومِحْمَلُ

هَتوفٌ ، من المُلْسِ المُتُونِ ، يزينها

مُرَزَّأةٌ ، ثكلى ، ترِنُ وتُعْوِلُ

إذا زلّ عنها السهمُ ، حَنَّتْ كأنها

مُجَدَعَةً سُقبانها ، وهي بُهَّلُ

ولستُ بمهيافِ ، يُعَشِّى سَوامهُ

يُطالعها في شأنه كيف يفعلُ

ولا جبأ أكهى مُرِبِّ بعرسِهِ

يَظَلُّ به المكَّاءُ يعلو ويَسْفُلُ ،

ولا خَرِقٍ هَيْقٍ ، كأن فُؤَادهُ

يروحُ ويغدو ، داهناً ، يتكحلُ

ولا خالفِ داريَّةٍ ، مُتغَزِّلٍ ،

ألفَّ ، إذا ما رُعَته اهتاجَ ، أعزلُ

ولستُ بِعَلٍّ شَرُّهُ دُونَ خَيرهِ

هدى الهوجلِ العسيفِ يهماءُ هوجَلُ

ولستُ بمحيار الظَّلامِ ، إذا انتحت

تطاير منه قادحٌ ومُفَلَّلُ

إذا الأمعزُ الصَّوَّان لاقى مناسمي

وأضربُ عنه الذِّكرَ صفحاً ، فأذهَلُ

أُدِيمُ مِطالَ الجوعِ حتى أُمِيتهُ ،

عَليَّ ، من الطَّوْلِ ، امرُؤ مُتطوِّلُ

وأستفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ

يُعاش به ، إلا لديِّ ، ومأكلُ

ولولا اجتناب الذأم ، لم يُلْفَ مَشربٌ

على الضيم ، إلا ريثما أتحولُ

ولكنَّ نفساً مُرةً لا تقيمُ بي

خُيُوطَةُ ماريّ تُغارُ وتفتلُ

وأطوِي على الخُمص الحوايا ، كما انطوتْ

أزلُّ تهاداه التَّنائِفُ ، أطحلُ

وأغدو على القوتِ الزهيدِ كما غدا

يخُوتُ بأذناب الشِّعَاب ، ويعْسِلُ

غدا طَاوياً ، يعارضُ الرِّيحَ ، هافياً

دعا ؛ فأجابته نظائرُ نُحَّلُ

فلمَّا لواهُ القُوتُ من حيث أمَّهُ

قِداحٌ بكفيَّ ياسِرٍ ، تتَقَلْقَلُ

مُهَلْهَلَةٌ ، شِيبُ الوجوهِ ، كأنها

مَحَابيضُ أرداهُنَّ سَامٍ مُعَسِّلُ ؛

أو الخَشْرَمُ المبعوثُ حثحَثَ دَبْرَهُ

شُقُوقُ العِصِيِّ ، كالحاتٌ وَبُسَّلُ

مُهَرَّتَةٌ ، فُوهٌ ، كأن شُدُوقها

وإياهُ ، نوْحٌ فوقَ علياء ، ثُكَّلُ ؛

فَضَجَّ ، وضَجَّتْ ، بِالبَرَاحِ ، كأنَّها

مَرَاميلُ عَزَّاها ، وعَزَّتهُ مُرْمِلُ

وأغضى وأغضتْ ، واتسى واتَّستْ بهِ

ولَلصَّبرُ ، إن لم ينفع الشكوُ أجملُ!

شَكا وشكَتْ ، ثم ارعوى بعدُ وارعوت

على نَكَظٍ مِمَّا يُكاتِمُ ، مُجْمِلُ

وَفَاءَ وفاءتْ بادِراتٍ ، وكُلُّها ،

سرت قرباً ، أحناؤها تتصلصلُ

وتشربُ أسآرِي القطا الكُدْرُ ؛ بعدما

وَشَمَّرَ مِني فَارِطٌ مُتَمَهِّلُ

هَمَمْتُ وَهَمَّتْ ، وابتدرنا ، وأسْدَلَتْ

يُباشرُهُ منها ذُقونٌ وحَوْصَلُ

فَوَلَّيْتُ عنها ، وهي تكبو لِعَقْرهِ

أضاميمُ من سَفْرِ القبائلِ ، نُزَّلُ ،

كأن وغاها ، حجرتيهِ وحولهُ

كما ضَمَّ أذواد الأصاريم مَنْهَل

توافينَ مِن شَتَّى إليهِ ، فضَمَّها

مع الصُّبْحِ ، ركبٌ ، من أُحَاظة مُجْفِلُ

فَعَبَّتْ غشاشاً ، ثُمَّ مَرَّتْ كأنها ،

بأهْدَأ تُنبيه سَناسِنُ قُحَّلُ ؛

وآلف وجه الأرض عند افتراشها

كِعَابٌ دحاها لاعبٌ ، فهي مُثَّلُ

وأعدلُ مَنحوضاً كأن فصُوصَهُ

لما اغتبطتْ بالشنفرى قبلُ ، أطولُ !

فإن تبتئس بالشنفرى أم قسطلِ

عَقِيرَتُهُ في أيِّها حُمَّ أولُ ،

طَرِيدُ جِناياتٍ تياسرنَ لَحْمَهُ ،

حِثاثاً إلى مكروههِ تَتَغَلْغَلُ

تنامُ إذا ما نام ، يقظى عُيُونُها ،

عِياداً ، كحمى الرَّبعِ ، أوهي أثقلُ

وإلفُ همومٍ ما تزال تَعُودهُ

تثوبُ ، فتأتي مِن تُحَيْتُ ومن عَلُ

إذا وردتْ أصدرتُها ، ثُمَّ إنها

على رقةٍ ، أحفى ، ولا أتنعلُ

فإما تريني كابنة الرَّمْلِ ، ضاحياً

على مِثل قلب السِّمْع ، والحزم أنعلُ

فإني لمولى الصبر ، أجتابُ بَزَّه

ينالُ الغِنى ذو البُعْدَةِ المتبَذِّلُ

وأُعدمُ أحْياناً ، وأُغنى ، وإنما

ولا مَرِحٌ تحت الغِنى أتخيلُ

فلا جَزَعٌ من خِلةٍ مُتكشِّفٌ

سؤولاً بأعقاب الأقاويلِ أُنمِلُ

ولا تزدهي الأجهال حِلمي ، ولا أُرى

وأقطعهُ اللاتي بها يتنبلُ

وليلةِ نحسٍ ، يصطلي القوس ربها

سُعارٌ ، وإرزيزٌ ، وَوَجْرٌ ، وأفكُلُ

دعستُ على غطْشٍ وبغشٍ ، وصحبتي

وعُدْتُ كما أبْدَأتُ ، والليل أليَلُ

فأيَّمتُ نِسواناً ، وأيتمتُ وِلْدَةً

فريقان : مسؤولٌ ، وآخرُ يسألُ

وأصبح ، عني ، بالغُميصاءِ ، جالساً

فقلنا : أذِئبٌ عسَّ ؟ أم عسَّ فُرعُلُ

فقالوا : لقد هَرَّتْ بِليلٍ كِلابُنا

فقلنا قطاةٌ رِيعَ ، أم ريعَ أجْدَلُ

فلمْ تَكُ إلا نبأةٌ ، ثم هوَّمَتْ

وإن يَكُ إنساً ، مَاكها الإنسُ تَفعَلُ

فإن يَكُ من جنٍّ ، لأبرحَ طَارقاً

أفاعيه ، في رمضائهِ ، تتملْمَلُ

ويومٍ من الشِّعرى ، يذوبُ لُعابهُ ،

ولا ستر إلا الأتحميُّ المُرَعْبَلُ

نَصَبْتُ له وجهي ، ولاكنَّ دُونَهُ

لبائدَ عن أعطافهِ ما ترجَّلُ

وضافٍ ، إذا هبتْ له الريحُ ، طيَّرتْ

له عَبَسٌ ، عافٍ من الغسْل مُحْوَلُ

بعيدٍ بمسِّ الدِّهنِ والفَلْى عُهْدُهُ

بِعَامِلتين ، ظهرهُ ليس يعملُ

وخَرقٍ كظهر الترسِ ، قَفْرٍ قطعتهُ

على قُنَّةٍ ، أُقعي مِراراً وأمثُلُ

وألحقتُ أولاهُ بأخراه ، مُوفياً

عَـذَارَى عَلَيْهِـنَّ المُلاَءُ المُذَيَّـلُ

تَرُودُ الأرَاوِي الصُّحْـمُ حَوْلي كأنّـها

مِنَ العُصْمِ أدْفى يَنْتَحي الكِيحَ أعْقَلُ

ويَرْكُـدْنَ بالآصَـالِ حَوْلِي كأنّنـي

أعلى الصفحة