الأبيوردي
457 - 507 هـ / 1064 - 1113 م

أبو المظفر محمد بن العباس أحمد بن محمد بن أبي العباس أحمد بن آسحاق بن أبي العباس الإمام.
شاعر ولد في كوفن، وكان إماماً في اللغة والنحو والنسب والأخبار، ويده باسطة في البلاغة والإنشاء.
وله كتب كثيرة منها تاريخ أبيورنسا, المختلف والمؤتلف، قبسة العجلان في نسب آل أبي سفيان وغيرها الكثير.
وقد كانَ حسن السيرة جميل الأمر، حسن الاعتقار جميل الطريقة.
وقد عاش حياة حافلة بالأحداث، الفتن، التقلبات، وقد دخل بغداد، وترحل في بلاد خراسان ومدح الملوك، الخلفاء ومنهم المقتدي بأمر الله وولده المستظهر بالله العباسيين.
وقد ماتَ الأبيوردي مسموماً بأَصفهان.
له (ديوان)

خاض الدُّجى -وَرِواقُ اللَّيل مَسدولِ

بَرْقٌ كَما اهْتَزَّ ماضِي الحدّ مَصْقولُ

خاض الدُّجى -وَرِواقُ اللَّيل مَسدولِ

وَمِحمَلي بِرشاشِ الدَّمعِ مَبلولُ

أَشيمُهُ وَضجيعي صارمٌ خَذِمٌ

حَتَّى حَنَنْتَ ، وَنِضْوِي عَنْهُ مَشْغولُ

فَحَنَّ صاحِبُ رَحْلِي إذ تَأَمَّلَهُ

بِإِثْمِدِ اللَّيْلِ في البَيْداءِ مَكْحولُ

يَخدي بأَروعَ لا يُغفي، ونَاظِرُهُ

فَدُونَهُ قاتِمُ الأرْجاءِ مَجْهولُ

وَلا يَمُرُّ الكَرَى صَفْحاً بِمُقْلَتِهِ

أَناخَهُ ، وَهْوَ بِالإعْياءِ مَعْقولُ

إذا قضَى عُقبَ الإسراءِ ليلتَهُ

ذِكرٌ يؤَرِّقُهُ، والقلبُ متبولُ

وَاعْتادَهُ مِنْ سُلَيْمى ، وَهْيَ نائِيَة ٌ

يَزوي عَلَيها ، وَلا يُزْري بِها طولُ

رَيّا المَعاصِمِ ، ظَمأَى الخَصْرِ ، لا قِصَرٌ

وَفَرْعُهَا وَارِدٌ ، والمَتْنُ مَجْدُولُ

فَالوَجْهُ أَبْلَجُ ، واللَّبَّات واضِحَة ٌ

فيما أَظنُّ، بِصفوِ الرّاحِ مَعلولُ

كَأَنَّما رِيقُها ، وَالفَجْرُ مُبْتَسِمٌ

صَهْبَاءُ صِرْفٌ وَلا غَيْدَاءُ عُطْبُولُ

صَدَّت وَوَقَّرني شَيبِي فَما أرَبي

تَحبيرُها بِرضى الرَّحمن مَوصولُ

وَحال دونَ نَسيبي بِالدُّمى مِدَحٌ

نورٌ، وَمن راحتيهِ الخيرُ مأمولُ

أُزيرُها قُرشيّاً في أسِرَّتهِ

يَفوحُ، وَالروَّض مرهومٌ وَمشمولُ

تَحكي شمائلهُ في طيبها زهراً

ضَخْمُ الدَّسيعَة ِ ، مَتْبوعٌ وَمَسْؤولُ

هوَ الّذي نعشَ الله العبادَ بهِ

وَأَمْرُهُ ، وَهْوَ أَمْرُ اللّهِ ، مَفْعولُ

فَكُلُّ شَيءٍ نَهاهُمْ عَنْهُ مُجْتَنَبٌ

منها، ولا عرقها في الحي مدخول

مِنْ دّوْحَة ٍ بَسَقَتْ ، لا الفَرْعُ مُؤْتَشَبٌ

قَرْمٌ عَلى كَرَمِ الأَخلاقِ مَجبولُ

أَتى بمِلَّة ِ إِبراهيمَ والدِهِ

وَكُلَّهم في إسارِ الغيَّ مكبولُ

وَالنَّاسُ في أَجَّة ٍ ضَلَّ الحَليمُ بِها

إلى الرَّدى ، نعمٌ في النهب مشلولُ

كَأَنَّهُمْ وَعَوادي الكُفْرِ تُسْلِمُهُمْ

على أعادِيك غالَتْني إِذَنْ غولُ

يا خاتمَ الرسلِ إن لم تخشى بادرتي

ومَنْ لَوى عَنْكَ جِيداً فَهْوَ مَخْذولُ

والنَّصْرُ بالْيَدِ منّي وَاللِّسانِ معاً

على القَنا في اتباعِ الحق مفتولُ

وسَاعِدي ، وَهْوَ لا يُلْوي بِهِ خَوَرٌ

فالأمرُ ممتثلٌ والقول مقبولُ

فمر وقل أتبعْ ما أنتَ تنهجهُ

وغرب من أبغض الأخيارَ مفلولُ

وكل صحبكَ أهوى فالهدى معهم

كِلاهُما دَمُ مَنْ عاداهُ مَطْلولُ

وأقتديِ بضجيعيك اقتداءَ أبي

عِبْءٌ عَلى كاهِلِ العَلْياءِ مَحْمولُ

ومن كعثمان جوداً، والسماحُ لهُ

بِمَأْزِقٍ مَنْ يَرِدْهُ فَهْوَ مَقْتولُ

وَأَيْنَ مِثْلُ عَلِيٍّ في بَسَالَتِهِ

والناسُ صنفانِ: معذورٌ ومعذولٌ

إني لأعذلُ من لمْ يُصفهم مِقة ً

ومَنْ أَبى حُبَّهُمْ فالسَّيْفُ مَسْلُولُ

فمن أحبهمُ نالَ النجاة بهم

أعلى الصفحة

خليليّ مسَّ المطايا لغبْ

وألوى بأشباحهنَّ الدَّأبْ

خليليّ مسَّ المطايا لغبْ

تَمايَلُ أَعْناقُها مِنْ نَصَبْ

وَقَدْ نَصَلَتْ مِنْ حَواشِي الدُّجَى

عُرا اللَّيْلِ ، مُنْتَشِراتُ العَذبْ

وألوية ُ الصُّبحِ مذْ فصمتْ

تناجي الصَّبا بلسانِ اللَّهبْ

كَأَنَّ تَأَلُّقَهُ جَذْوَة ٌ

ولا منسمٌ بالنَّجيعِ اختضبْ

فلا يسلمنَّ لها غاربٌ

فكمْ راحة ٍ تجتنى منْ تعبْ

ولا تنيا في ابتغاءِ العلا

بِحَيْثُ يُرى الرأَّسُ تِلْوَ الذَنَبْ

وَلا تَتْرُكاني لَقًى لِلْهُمومِ

سَعَيْنا لَهُ وَعلَيْنا الطَّلَبْ

فَإِنَّ على الله نَيْلَ الَّذي

وشيبَ رضى أهلها بالغضبْ

وَإني إِذا أَنْكرَتْني البِلادُ

يدبُّ إلى غابهِ فاغتربْ

لَكَالضَّيْغَمِ الوَرْدِ كاد الهَوانُ

أَمُتُّ إِلَيْهِ بأُمٍ وَأَبْ

فَشَيَّدْتُ مَجْداً رَسَا أَصْلهُ

ولمْ أمتدحْ أحداً عنْ أربْ

ولمْ أنظمِ الشِّعرَ عجباً بهِ

ولكِنَّهُ تَرْجُمانُ الأَدَبْ

ولا هَزَّني طَمَعٌ لِلْقَريضِ

فعنْ كسرِ بيتيَ جيبَ العربْ

ولِلْفَخْرِ أُعنْى بِهِ لا الغِنَى

نَ أنَّ لنا صفوَ هذا النَّسبْ

وَقَدْ عَلِمَ اللهُ والنَّاسِبُو

ونحنُ كذلك سؤرُ النُّوبْ-

وَإِنّي ـ وَإِنْ نَالَ مِنَّي الزَّمانُ

لِثامِي وَأَرْفَعُ وَهْيَ الحَسَبْ

لأَرْفَعُ عَنْ شَمَمٍ واضِحٍ

إِذا شَاءَ صَاغَ أَبَاً مِنْ ذَهَبْ

ولاَ أَستَكينُ لِذي ثَرْوة ٍ

منَ المالِ نهدُ القصيرى أقبّْ

فحسبي وعرضي نقيُّ الأديمِ

جَ ليلاً بذيلِ الصَّباحِ انتقبْ

وأَبْيَضُ إِنْ لاحَ خِلْتَ العَجا

ألا للهِ ليلتنا بحزوى

يَخُوضُ فُروعَها شَمْطُ الصَّباحِ

ألا للهِ ليلتنا بحزوى

يُرَنِّحنا بها نزقُ المراحِ

لدى غنّاءَ أزهرَ جانباها

أغرَّ يشلُّهُ زجلُ الرِّياحِ

فَلا زالتْ قَرارَة َ كلِّ مُزْنٍ

أعلى الصفحة

طَرَقَتْ ، ونحنُ بِسُرَّة ِ البَطْحاءِ

واللَّيلُ يَنْشُرُ وَفْرَة َ الظَّلْماءِ

طَرَقَتْ ، ونحنُ بِسُرَّة ِ البَطْحاءِ

أيدي الخُطوبِ غَوارِبَ الأَنْضاءِ

فَرَأَتْ رَذَايا أَنْفُسٍ تُدْمِي بِها

سدَّتْ بهنَّ مطالعُ البيداءِ

وإذا النّوى مدَّتْ إلينا باعها

في كلِّ أغبرَ قاتمِ الأرجاءِ؟

أأميمَ كيفَ طويتِ أروقة َ الدُّجى

فَرَنَتْ إِليكِ بِأَعْيُنِ الرُّقَبَاءِ

هلاّ اتقيتِ الشُّهبَ حين تخاوصتْ

صُبْحٌ يَنِمُّ عليكِ بِالأَضواءِ

خُضتِ الظَّ‍لامَ، ومن جبينكِ يجتَلى

أغضى الجفونَ بهِ على الأقذاءِ

فطرقتِ مطويَّ الضلوعِ على جوى ً

ذكرى الحبيبِ نهضَ بالأحشاءِ

من أريحّياتٍ إذا هبَّتْ بِها

فَكَأَنَّهُ حَبَبٌ على صَهْباءِ

قَسَماً بِثَغْرٍ في رُضابِكِ كارِعٍ

ما الدّاءُ، بل لا أفرقتْ من داءِ

وجفونكِ المرضى الصَّحيحة ِ لا درتْ

أَفْضَى المَلامُ بِهِ إلى الإغراءِ

لأخالفَّن هوى العَذولِ فطالما

في الغانِياتِ تَنَقُّلَ الأَفْياءِ

وإِذا القُلوبُ تَنَقَّلَتْ صَبَواتُها

عَنْكِ الفُؤادَ تَقَسُّمُ الأَهواءِ

لم تتَّبعْ عيني سواكِ، ولا ثنى

مَلَكَتْ قِيادَ الدَّمْعِ بِالخَلْصَاءِ

وأقلُّ ما جنتِ الصَّبابة ُ وقفة ٌ

تَزدادُ بَهْجَتُهُ على الإقواءِ

وبدا لنا طللٌ لربعكِ خاشعٌ

وَعَفَتْ مَعالِمُها سِوى أَشْلاءِ

وأبي الدِّيارِ لقد مشى فيها البلى

لا زلنَ بينَ تبسُّمٍ وبكاء

يبكي الغمامُ بها ويبسمُ روضُها

وَكَفَفْنَ غَرْبَيْ مَيْعَة ٍ وَنَجاءِ

وَقَفَتْ مَطايانا بِها فَعَرَفْنَها

مُلِئَتْ مَسامِعُهُنَّ رَجْعَ غِناءِ

وَهَزَزْنَ مِن أعطافِهِنَّ ، كأَنَّما

فيهِ تَلَوِّيَ حَيَّة ٍ رَقْشاءِ

ونزلتُ أفترشُ الثَّرى متلوِّياً

عبقتْ حواشي ريطتي وردائي

وبنفحة ِ الأرجِ الذي أودعتهِ

من سدَّتيهِ معرَّسَ العَلياءِ

وَكَأَنَّنِي بِذَرا الإمامِ مُقَبِّلٌ

وتحلُّ هيبتهُ حبا العظماءِ

حيثُ الجباهُ البيضُ تلثمُ تربهُ

وتطولُ فيهِ ألسنَ الشُّعراءِ

وَخُطَا المُلوكِ الصِّيدِ تَقْصُرُ عِندَهُ

وَزَكَت بِهِ الأعْراقُ في الخُلَفاءِ

مَلِكٌ نَمَتْ في الأَنْبِياءِ فروعُهُ

خَضِلَ الصِّبا ، مُتَكَهِّلَ الآراءِ

بَلَغَ المَدى ، والسِّنُّ في غُلَوائِها

يرجونَ غيثَ حياً، وليثَ حياءِ

فغدا الرَّعيَّة ُ لائذينَ بظلِّهِ

بالعدلِ مثلُ مجاثمِ الأطلاءِ

وَمَرابِضُ الآساد في أَيَّامِهِ

إِلاَّ ، لِبانَ العِزَّة ِ القَعْساءِ

مَلأَ البِلادَ كَتائِباً لَمْ يَرْضعوا

خَلَطَتْ بِنَشْرِ المِسْكِ رِيحَ دِماءِ

يتسرَّعونَ إلى الوغى بصوارمٍ

تعرى لتغمدَ في طُلى الأعداءِ

لم تهجرُ الأغمادَ إلاّ ريثما

في الرَّوعِ ذيلَ النَّثرة ِ الحصداءِ

من كلِّ مشبوحِ الأشاجعِ، ساحبٍ

كَالأَيْمِ يَسْبَحُ في غَديرِ الماءِ

يَنْسابُ في الأّدْراعِ عامِلُ رُمْحِهِ

والحزمُ بينَ الأخذِ والإعطاءِ

أَخَذَ الحٌقوقَ بِهمْ وَأَعْطَاهَا مَعاً

شَمَطاً فُروعُ الرَّوضَة ِ الغَنَّاءِ

يابْنَ الشَّفيعِ إلى الحَيا، وَقَدِ اكْتَسَتْ

بيديهِ خلفَ المزنة ِ الوطفاءِ

فدنا الغمامُ وكادَ يمري المجتدي

من زهرهنّ مخايلَ الأنواءِ

لولاهُ لم تشمِ الريِّاضُ بأعينٍ

خَلَفتْ غِرارَ السَّيْفَ في الهَيْجَاءِ

خُلِقَتْ طِلاَعَ القَلْبِ هَيْبَتُكَ التي

تَكْفيهِ نَهْضَة َ فَيلَقٍ شَهْباءِ

ونضا وزيركَ دونَ مُلككَ عزمة ً

حَيَّ المَخَافة ِ، مَيِّتَ الأَعْضاءِ

وَتَرُدُّ مَن قَلِقَتْ بِهِ أَضْغانُهُ

رِيَبٌ تُهيبُ بِمُقْلَة ٍ شَوساءِ

وتصيبُ شاكلة َ الرَّميّ إذا بدت

بِغُيوبِهنَّ جَوائِبُ الأَنْباءِ

فكأنَّ أسرارَ القلوبِ تُظلُّهُ

مُهَجُ النّفوسِ عَلَيهِ بِالشَّحْناءِ

يسعى ويدأبُ في رضاكَ، وإنْ غلتْ

وليَ افتراعَ الخطَّة ِ العذراءِ

وَإذا الزَّمانُ أَتى بِخَطْبٍ مُعْضِلٍ

مقرونة ٌ بكفاية ِ الوزراءِ

وَإصابَة ُ الخُلَفاءِ فيما حاوَلُوا

مُرْخى ً ذَوائِبُها عَلى النَّعماءِ

لا زلتما متوشِّحين بدولة ٍ

أعلى الصفحة