أبو الفضل العَبّاسِ بنِ الأَحنَف
? - 192 هـ / ? - 807 م

العبّاس بن الأحنف بن الأسود، الحنفي (نسبة إلى بني حنيفة)، اليمامي، أبو الفضل.
شاعر غَزِل رقيق، قال فيه البحتري: أغزل الناس، أصله من اليمامة بنجد، وكان أهله في البصرة وبها مات أبوه ونشأ ببغداد وتوفي بها، وقيل بالبصرة.
خالف الشعراء في طرقهم فلم يمدح ولم يَهجُ بل كان شعره كله غزلاً وتشبيباً، وهو خال إبراهيم بن العباس الصولي، قال في البداية والنهاية: أصله من عرب خراسان ومنشأه ببغداد.

كُنتُ أغنَى النّاسِ كُلّهِمُ

عنكِ لَولا الشؤمُ والنّكدُ

كُنتُ أغنَى النّاسِ كُلّهِمُ

قَد بَراهُ الشّوقُ والكَمَدُ

إنما أبكي على جسدٍ

وجَدُوا مِثلَ الذي أجِدُ

ليتَهم إن عُوقبُوا بدمي

لا يُبالوني إذا رقدوا

منعوا عَيْني الرّقَادَ وَهُمْ

لَمْ أجِدْ أهلاً لِوُدّي

غيرَ من أصفيتُ وُدّي

لَمْ أجِدْ أهلاً لِوُدّي

ـهِ عَنْ شَوْقي وَوَجْدي

بأبي أغْفلُ خلقِ اللّ

حُبّ دونَ الناس وحدي

خصّني اللّه بهذا ال

لك لولا شُؤمُ جَدّي

كُنتُ أغْنَى النّاسِ عن ذ

قد خِفتُ أن لا أراكم آخرَ الأبدِ

وأن أموتَ بهذا الشّوقِ والكَمَدِ

قد خِفتُ أن لا أراكم آخرَ الأبدِ

من أنْ أعيشَ حليفَ الهمّ والسّهدِ

الموتُ يا فوْزُ خيرٌ لي وأروحُ لي

جعلتهُ شَبَهَ التّعويذِ في عضدُدي

لمّا أتاني كِتابٌ مِنكِ يا سَكَني

أنْضَجتِ قلبي وألبَستِ الهوى كَبِدي

يا فوزُ يا زهرة الدّنيا وزينتها

أن لا يروا ضوءَ شَمْسٍ أخِرَ الأبدِ

ما ضرّ قوماً وطِئتِ اليومَ أرضَهُمْ

ومَن رآها فلَن يَخشَى من الرَّمَدِ

من جَاورَتْهُ جرَى بالسّعدِ طَالِعُه

ولا إذا حجّ بعضُ الناس من بلدي

آمسَتُ بيثربَ لا يأتي لها خبرٌ

يا أهلَ يثربَ أهلَ النّسكِ والرّشَدِ

إني أُعيذُكُمُ أن تَطْلُبُوا بدمي

حتى جرَى الحبُّ مجرَى الرّوحِ في الجسدِ

تَتَبّعَ الحبُّ روحي في مَسالِكِهِ

ظَلومُ يا زَينَ نِساء العِبادْ

حبّي لكُمْ حُبّان : خافٍ وبادْ

ظَلومُ يا زَينَ نِساء العِبادْ

أبصرتُ ما أبصرتُ أم في رُقادْ

أُقْسِمُ ما أدري أمُستَيقِظاً

جاءت فماذا صَنَعتْ بالفؤادْ

تُفاحَة ٌ من عِندِ تُفّاحة ٍ

كُنتُم أرَدْتُم أم أردتم فسادْ

ياليتَ شِعري أصَلاحي بها

أعلى الصفحة

واكَبِدي! قد تَقَطّعتْ كبدي

من كمدٍ عادَني على كَمَدِ

واكَبِدي! قد تَقَطّعتْ كبدي

ما جاءني عنكِ ليلة َ الأحدِ

كنتُ مريضاً فزادني مرضاًَ

متّلا فكنتُ الرّهينَ في اللّحَدِ

فليتني قبلَ ما سمعتُ به

ما بلغُوا ما رأيتِ في جسدي

ولو تمنّى عِدايَ واجتهدُوا

غَضِبَ الحبيبُ فهاجَ لي استعبارُ

والله لي ممّا أُحاذِرُ جَارُ

غَضِبَ الحبيبُ فهاجَ لي استعبارُ

لهُمُ الغَداة َ بصَرمِنا اسْتِبشارُ

كنّا نُغايظُ بالوِصال مَعاشراً

حُسناً ويَجمعُنا هُناك جِوارُ

إذ لا أرى شكلاً يكونُ كَشِكلِنا

فِيه الغِناءُ ونَرجِسٌ وبَهارُ

وكأننا لمْ نجتمع في مجلسٍ

تلك العَشييّة َ والعِدا حُضّار

مَا كان أشأْمَ مَجلِساً كنّا بهِ

ولها بزوراء المدينة ِ دارُ

مَدَنيّة ٌ أمْسَى العِراقُ مَحلَّها

شَخصانِ يَجمعُنا إليه نِزارُ

أدنى قَرابتِنا إليها أننا

أقصِر فإنّ شِفاءكَ الإقصارُ

ياأيها الرجلُ المعذّبُ قلبهُ

عيناً لغيركَ دمعُها مِدرارُ

نزَفَ البُكاءُ دموعَ عينكَ فاستعر

أرأيتَ عيناً للبكا تعارُ

من ذَا يُعِيرُكَ عَيْنَهُ تبكي بها؟

تأتي به وتسوقه الأقدارُ

الحُبُّ أوّلُ مَا يَكُونُ لجَاجة ً

جاءت أُمورٌ لا تُطاقُ كِبارُ

حتى إذا اقتحمَ الفتى لُجَجَ الهوى

وبدَت عليه مِن الهَوى آثارُ

إذا نظرتَ إلى المُحبّ عرفتَهُ

ساقَ البلاءَ إلى الفتى المِقدارُ

قُل ما بدا لكَ أن تقول فربما

كُنّا عليهِ مُنذ نحنُ صغارُ

يا فوزُ هل لك أن تعودي للّذي

عمّن يُحدّثُ عنكُمُ فيغارُ

فلقَد خَصَصتُكِ بالهَوى وصرَفتُه

ولنا بذاك مخافة ٌ وحِذارُ

هل تذكرين بارِ بكرٍ لهْونا

مثلَ الفراخِ تزُقّها الأطيارُ

مُتَطاعِمينِ بِريقِنافي خلوة ٍ

وعليّ فروَا عاتقٍ وخِمارُ

أم تذكُرين لِدُلْجَتي متنكِّراً

ذهبَ النهارُ فلا يكونُ نهارُ

فَوددتُ أنّ الليل دامَ وأنه

أُفٍّ لمَن هُوَ قاطِعٌ غَدّارُ

أفَما لذلك حُرمة ٌ محفُوظَة ٌ

إن كان ينفعُ عندَكِ الإقرارُ

سأُقِرُّ بالذّنبِ الذي لَمْ أجنِه

ما تَلْتَقي لجُفونهِ أشفَارُ

ما تأمرين فَدَتكِ نفسي في فتّى

إن الهوى لذَوي الهوى ضَرّارُ

من كانَ يبغضكمْ فباتَ مبيتَهُ

إذ غادَرُه وضرّه الإضرارُ

صَرَمَ الأحبة ُ حبْلهُ فكأنهُ

نزَحَتْ به عن أهلِه الأسفارُ

رَجُلٌ تطاولَ سُقمُه في غُربة ٍ

أمْسَى تُرَجَّمُ دونَه الأخبارُ

لا يستطيعُ من الضرورة ِ حيلة ٍ

رَكبٌ رمتْ بهمُ الفجاجُ تِجارُ

حتى أتيحَ له ، وذالك لحَينِه،

عاري العِظامِ ثيابُه أطمَارُ

حَمَلُوه بينَهُم نَحِيلاً جسمُه

ولَهُ تُشدُّ وتُوضَعُ الأَكوارُ

فثَوى تُقلّبُه الأكُفُّ مُلَقَّفاً

قَفرٍ تَضِلُّ به القَطا وتَحارُ

حَتى إذا سلَكوا به في مَهمهٍ

منه الرّكاب وخلّفُوه وساروا

غَرِضُوا مِنَ النِّضْوِ العليلِ فعطَّلوا

أعلى الصفحة