آل دباس

من الأسر المسيحيّة والإسلاميّة البيروتيّة واللبنانيّة والعربيّة، تعود بجذورها إلى القبائل العربيّة التي توطنت في بلاد الشام ومن بينها دمشق والقدس والمناطق الأردنية. وتشير مصادر الأنساب إلى الدبابسة من عشائر الصلت وكانت تنقسم إلى عدَّة أقسام منها:

لدبابسة وجدّهم عيسى.

العزام وجدّهم حمدان.

وهبة وأصلها من القدس.

برز قديمًا من أسرة الدباس المحدّث أبو علي الحسن بن يوسف الدباس المصري، الذي روى عن المحدّث عبد الله بن شبيب المعروف بابن البيروتي عن ابن أبي الدنيا.

وبالرغم من انتشار آل الدباس من المسلمين في بعض المناطق العربيّة، غير أنّ الأكثر شهرة في بيروت ولبنان هم آل الدباس من الأسرة المسيحيّة. وقد أشارت وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت في العهد العثماني إلى الكثير من أسرة الدباس المسيحيّة البيروتيّة اللبنانيّة. فالسجلّ 1259ه – 1843م أشارت إلى الأخوين روفايل وأندراوس بن يوسف الدباس، وإلى السيدة ست البنات بنت حنا نقولا زوجة واكيم الدباس، وإلى الخواجة سلوم وشقيقه يوسف ابن قسطنطين الدباس، وبعض هؤلاء ممن كان يملك "كامل الدار المعروفة بدار الشيخ فرح الكائنة بسوق الحدادين الشهير باطن بيروت..." ولهم أيضًا الدار العلوية المعروفة ببني الدباس الكائنة بمحلة شويربات القريبة من الحمام الفوقاني في باطن المحروسة. ومن أملاكهم أيضًا عودة بني الدباس الكائنة في أرض السواري في صحراء الشويفات وسواها من أملاك.

كما أشارت وثائق سجلات المحكمة الشرعية إلى السيدة هيلانة روفايل الدباس وإلى السيد داوود الدباس والسيد نقولا بن بطرس الدباس وسواهم. وأشارت وثائق الأوقاف الإسلاميّة في بيروت منذ العهد العثماني إلى حَكَر بني الدباس ودار بني الدباس في باطن بيروت المحروسة.

إنَّ هذه الوثائق التاريخيى تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، تؤكّد على أنّ أسرة الدباس كانت قد توطنت في بيروت قبل عام 1860، وليس كما أشارت بعض المراجع من أنّها نزحت من دمشق بعد حوادث 1860. ومهما يكن من أمر فإنّ أسرة الدباس المسيحيّة لها عدّة فروع منها:

الدباس دمشق ومناطق سورية أخرى.

الدباس من فلسطين.

الدباس من لبنان، ومن بينها بيروت المحروسة.

ولا بدّ من الإشارة أيضًا، بأنّ لبنان والولايات العثمانية شهدت أسرة الدباس الأرثوذكسية وأسرة الدباس المارونية والكاثوليكية عرف منها في العهد العثماني البطريرك أثناسيوس الثالث دباس، من مواليد دمشق، تبوأ منصب بطريرك أنطاكية الملكي (1685-1724) مال إلى الكثلكة، ونشر "مواعظ القديس يوحنا فم الذهب" بالتعاون مع جرمانوس فرحات. كما برز في العهد العثماني التاجران متري وسليم الدباس.

ومن الأهمية بمكان القول، بأنّ أسرة الدباس الأرثوذكسية ارتبد اسمها في التاريخ الحديث والمعاصر باسم الرئيس شارل دباس (1884-1935) أول رئيس للجمهورية اللبنانيّة عام 1926. من مواليد دمشق في 16 نيسان عام 1884. تلقّى علومه في مدرسة الثلاثة أقمار في بيروت، وفي جامعة القديس يوسف والجامعة الأميركية، وبعد ذلك سافر إلى فرنسا ودرس الحقوق في جامعة مونبليه، حيث نال شهادة الدكتوراه، ثمّ عمل محاميًا في باريس واسطنبول وبيروت. كتب في الحرب العالمية الأولى (1914-1918) في صحيفتي "الحرية" (Liberte) و"اليقظة" (Reveil) اللتين كان يصدرهما في بيروت إسكندر الخوري. كما أنشأ صحيفة "البيان" الفرنسية.

في عام 1913 أصبح عضوًا بارزًا في المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس، وأصبح سكرتير المؤتمر باللغة الفرنسية، كما ألقى كلمة مهمة في المؤتمر، وكانت له اتصالات سريّة وعلنية مهمة مع السلطات الفرنسية. وكان من المطالبين بالإصلاح وبفصل لبنان عن الدولة العثمانية، لهذا فقد حكم عليه بالإعدام، ففرّ إلى مصر، ومارس فيها مهنة المحاماة.

في عام 1918، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية عاد شارل دباس إلى بيروت مع طلائع الجيش الفرنسي. وفي عام 1920 عيّنته السلطات الفرنسية ناظرًا للعدلية، وظلّ في هذا المنصب حتة عيّنته فرنسا رئيسًا للجمهورية اللبنانيّة عام 1926 لمدة ثلاث سنوات رغم معارضة البطريرك الماروني الياس الحويك، لأنّه لم يكن من الطائفة المارونية، وجدّد له ثانية ثلاث سنوات 1929- 1932. ولأسباب طائفية ولمنع وصول الشيخ محمد الجسر لرئاسة الجمهورية علّق المفوّض السامي الفرنسي الدستور اللبناني وحلّ مجلس النواب، وأقال الوزارة التي كان يرأسها أوغست ديب، ثمّ عُيّن شارل دباس رئيسًا للدولة يعاونه مجلس مديرين.

في كانون الثاني عام 1934 عيّن شارل دباس نائبًا، وانتخب في 30 منه رئيسًا للمجلس النيابي، غير أنّه استقال في تشرين الأول من العام نفسه وسافر إلى باريس حيث توفى فيها في 22 آب عام 1935، ونقل جثمانه منها بالباخرة إلى بيروت حيث دفن في مدافن مار متر في بيروت. نال عدّة أةسمة منها: وسام جوقة الشرف من رتبة كومندور، ووسام النجمة السوداء الأولى من فرنسا، ووسام محمد علي باشا من مصر، ووسام صليب القبر المقدس الأول، ووسام الاستحقاق اللبناني الممتاز.

تزوج أثناء دراسته في باريس بمارسيل بونفار. أطلقت بلدية بيروت اسمه على ساحة مهمة في بيروت، وهي المعروفة بساحة الدباس قريبًا من ساحة الشهداء.

برز من أسرة الدباس في التاريخ الحديث والمعاصر الكثير من رجال الأعمال والاقتصاد والفكر والصناعة والتجارة منهم رجل الأعمال روبير دباس عضو غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان، ووديع ديمتري دباس، وديمتري وديع، والسيّد فؤاد دباس (1930-2001) صاحب عدّة مؤلفات عن بيروت المحروسة منها: بيروت: ذاكرتنا (Beyrouth: Notre Memoire).

وعرف من الأسرة السادة: إبراهيم أدوار، إميل إسكندر، أنطوان قيصر، أنطوان ميشال، إيلي ألبير، إيلي وديع، جورج وديع، جيلبيرت جبرايل، روبير قيصر، سامي وديع، شارل إميل، شارل جورج، قيصر ديمتري دباس، كبريال، كريم ديمتري، ميشال أنطوان، نقولا دباس وسواهم. ولم أجد من الأسرة الإسلاميّة في بيروت سوى محمد سعد الدباس.

والدباس لغةً واصطلاحًا هو صانع وتاجر الدبس، علمًا انّ فرعًا من الأسرة نسب إلى عشيرة الدبابسة العربيّة.

DABAS

ساحدة الدبّاس وسط بيروت عام 1962