آل البواب

من العائلات القديمة في مدينة بيروت والتي تركت اثرا مهما

لا سيما في مجال العلم والسير قدما بنهضة المدينة

فبرز منها شخصيات ووجهاﺀ كانت لهم المكانة والحضور الامر الذي سمح بتبوئهم ارفع المناصب والمراكز… انها عائلة البواب.

من الاسر الاسلامية البيروتية، اللبنانية والعربية، كما شهدت صيدا اسرة البواب ومناطق لبنانية وعربية اخرى. تعود بجذورها الى شبه الجزيرة العربية، لا سيما الــى القبائل الــتــي تنتمي الى النسب النبوي الشريف. بينما اشــار “معجم قبائل العرب” الى ان عشيرة البواب تتبع السويدان بناحية بني عبيد بمنطقة عجلون، وقــد بــرز منها فــي الــقــرن الرابع الهجري المحدث والــمــقــرئ ابو الحسين عبدالله بــن احــمــد بن يعقوب بن احمد بن عبدالله بن البواب المصري، بغدادي ثقة، روى عنه ابو القاسم الازهري، والحسن بن محمد الخلال، توفي في شهر رمضان عام (673هـ). كما برز من الاســرة ابو الثناﺀ محمود بن ابي الــســعــادات بــن المبارك بــن ابي غالب البواب “بواب باب الدوامات” احد ابواب دار الخلافة في بغداد.

كما برز من الاسرة ابو الحسن علي بن هــلال المعروف بابن البواب مــبــتــع “الــخــط الــريــحــانــي”، وقــد اشــتــهــر بحسن خــطــه وبنسخة لمصحف عثمان بن عفان، وفي اسطنبول مصحف مخطوط بيده بالخط الــريــحــانــي، وكــان لــه في بغداد مدرسة في الخط، وقد قال الصفدي الى الغاية على طريقة ابـــن الـــبـــواب، واكـــد هـــذا الــقــول الدكتور مصطفى جواد في كتابه “من التراث العربي”.

واشــــــــارت وثــــائــــق ســجــلات المحكمة الشرعية فــي بيروت، الــى الــســيــد محمد الــبــواب احــد القاطنين في ســوق القطن في باطن بيروت، والى الشيخ محمد البواب القاطن في السوق الصغير بــالــقــرب مــن جــامــع الامــيــر منذر التنوخي “النوفرة”، والحاج بكري البواب احد القاطنين في اوقاف “قفة الخبز” في باطن بيروت. كما اشــار السجل نفسه الــى السيد مــحــمــد بـــن عــمــر الـــبـــواب، والـــى السيدة منصورة بنت المرحوم السيد محمد البواب. واشار سليم علي سلام في مذكراته الى الحاج سليم البواب عضو جمعية بيروت الاصــلاحــيــة، واحــــد الناشطين ا لبيا ر تة فــي ا لعمل ا لسيا سي والوطني والاصلاحي في العهد العثماني، وهــو احــد الموقعين عــلــى بــرقــيــة لــوالــي بــيــروت ابــي بكر حــازم بك احتجاجا على حل جمعية بيروت الاصلاحية في “8 نيسان” 1913 كما برز من الاسرة في القرن العشرين الصيدلي عمر البواب الحفيد عضو مجلس بلدية بيروت لاكثر من خمسة وعشرين عاما، حتى عام “1988″.

وبـــرز مــن اســـرة الــبــواب ايضا الــمــربــي الكبير الاســتــاذ محيي الدين عبد العزيز البواب -1914 “” 1983 مــديــر ثــانــويــة الطريق الجديدة “ثانوية جميل رواس الرسمية للبنين حــالــيــا”، وبقي مــديــرا فيها لاكــثــر مــن عشرين عاما، وقد كان له الفضل في تطور الثانوية، وفــي تبوﺀ متخرجيها اعلى المناصب الوزارية والنيابية والقضائية والادارية والعسكرية.

ويقول فيه المؤرخ الدكتور حسان حلاق: “ارتبط اسمه بتاريخ ثانوية الطريق الجديدة الرسمية” مدرسة البر والاحسان “، بل بتاريخ اجيال مدينة بيروت. واشتهرت الثانوية بادارته المميزة، بل قسوته وعدم مجاملته لاي شخص قريبا كان ام بعيدا. ومذ تولى ادارة ثانوية الــطــريــق الــجــديــدة بـــدت ملامح الثانوية للجميع من خلال الرجل المميز، ولا ادّعــي ان الاداريــيــن والاساتذة كانوا على وفاق معه، بــل العكس، فــي خــلاف مستمر وفــي نقاش حــاد، كــان يتمسك بــرأيــه ولا يلين، هــذه مــن اهمم مميزاته: الصلابة والجدية وعدم المجاملة. انتدبته وزارة التربية مع منظمة الاونيسكو عام 1952 ليكون ممثلا للبنان في بغداد في مشروع تبادل الاساتذة الثانويين بين الدول العربية، وكان الاستاذ الوحيد يحمل اجــازة في الاداب بين مدرسي وزارة التربية.

وتــبــيــن فــي خـــلال الــســنــوات الاولـــــى تـــفـــوق طــــلاب ثــانــويــة الطريق الجديدة الرسمية الذين جــاؤوا من كلا حدب وصــوب: من الاشــرفــيــة، مــن رأس الــنــبــع، من البسطة، من الطريق الجديدة، بــل مــن الجبل، مــن الجنوب، من البقاع، والبعض اضطر الى نقل سكنه الى بيروت من اجل الحاق ابنائه بهذه الثانوية المميزة.

وكانت الاعــداد تتزايد والاماكن مـــحـــدودة، مــا اســتــدعــى احــيــانــا تــدخــل الــســيــاســيــيــن مــن وزراﺀ ونواب. ولكن محيي الدين البواب لم يكن يلين امــام الضغوطات ومن هنا قيل: “ان محيي الدين ليس له صاحب”. وكثيرا ما عانى التدخلات، وظل صارما متماسكا مع الهيئة التعليمية، واستطاع ان يخرّج من ثانويته 3992 طالبا مــن حملة الــريــاضــيــات والعلوم الاختبارية، تبوأوا اسمى المناصب العلمية والسياسية والاجتماعية، فمنهم الوزير والنائب والقاضي والطبيب والمهندس والاستاذ.

محيي الجين البواب، يكاد يكون المدير الوحيد الــذي كــان يأتي الثانوية منذ السادسة صباحا، وكــانــوا يقولون عنه: “هــو يفتح الــمــدرســة وهــو يقفلها”. ونظرا لاخلاصه وعنفوانه اقامت الهيئة التعليمية فــي ثانوية الطريق الجديدة حفلا تكريميا للمربي الكبير شارك فيه الدكتور سليم حزير المدير العام لوزارة التربية حــيــنــذاك، والــدكــتــور عمر فــروخ رئيس جمعية البر والاحــســان، والــعــديــد مــن الشخصيات وفي تلك الحفلة قال البواب مخاطبا الحضور: “من صورة هذه التلبية التي انعكست عيني ورسمت في قلبي آمالا كبارا وقناعة قوية بأن الخير ما زال قائما، وان الابــداع في السعي والعمل ما زال ممكنا، مــن هــذا الــحــضــور الــكــريــم ومــن سماته ومعانيه ومن هذه الآمال الــتــي زادتــنــي انــدفــاعــا واصـــرارا على الاخــلاص والخدمة العامة، مــن هــذا كله استمد قوتي في حب البقاﺀ واستمراري في تقديم الــخــدمــات”…. هــذا، وقــد بــرز من اســرة البواب ايضا ابنة الاستاذ محيي الــديــن الــبــواب، السيدة سناﺀ محيي الدين البواب مديرة ثانوية عمر فروخ الرسمية للبنات في منطقة الطريق الجديدة، التي تتميز بالعلم والكفاﺀة، كما والدها بحسن الادارة والحزم والتضحية من اجل الاجيال الصاعدة. ومما يجب الاشـــارة الــيــه، بــأن منطقة الــطــريــق الــجــديــدة شــهــدت منذ اربعينات القرن العشرين توطن فــرع من اســرة الــبــواب، ومــا يزال بعض ابناﺀ واحفاد الاسرة يقيمون في المنطقة، كما لا بد من الاشارة الــى ان بــيــروت شهدت فــرع من اسرة البواب من اصل الباني، وهم في الاصــل من آل الارنــاؤوط، من جذور البانية، كما شهدت بيروت ايــضــا اســرة الــبــواب الــتــي تعود بجذورها الى فلسطين.